واحدة من الظواهر التي تعاني منها النساء العربيات في مجتمعنا بدأت بالبروز اكثر واكثر مؤخرا خصوصا مع بدء العطلة الصيفية وفي ظل انتشار وباء كورونا الذي كشف عن فجوة اقتصادية كبيرة في المجتمع العربي وادى الى تفاقمها حيث انه نسبة 52% من النساء العربيات خرجن الى سوق البطالة بعد كورونا في حين ان نسبة 64% منهن لا يعملن، عبودية من نوع اخر اذ يتم استغلال حاجة المرأة للعمل لتلقى ظروف عمل سيئة جدا ومعاش زهيد ومهين مقابل ساعات عمل طويلة دون ان تجد من تلجأ اليه بسبب تخوفها من فقدان عملها خصوصا اذا كانت هي المعيل الأساسي في العائلة وسط شح أماكن العمل وظروف أخرى تحيطها تتعلق بأسرتها وبيئتها.

نسبة النساء المعطلات عن العمل وصلت حتى 64%

النائب ايمان خطيب قالت: استغلال مضاعف حيث لا توجد أماكن عمل من ناحية ومن أخرى هناك فقر كبير ونسبة النساء المعطلات عن العمل وصلت حتى 64% وبالتالي يضطررن ان يعملهن في حوانيت في القرى والبلدات العربية مقابل اجر مهين، الحاجة تضطرهن ان يقبلوا بهذه الظروف ولكن من ناحية أخرى دون إعطاء مصداقية او شرعية لهذه الأماكن ان تعطي أجور بهذا المعدل الا ان هذه الأماكن لا تحصل على مدخولات ملائمة وبالتالي لا يستطيع صاحب المصلحة ان يدفع اجر اكثر واعتقد انه افضل اغلاق المصلحة وليس استغلال العاملات. واجبارهن على العمل في ظروف سيئة مستغلين حاجتهن خصوصا في الظروف الحالية.

العبودية الحديثة في مجتمعنا

رامز عيد محاضر وباحث في العلوم الانسانية والقانون في الجامعة المفتوحة رأى ان ادق وصف لما يحصل هو العبودية الحديثة في مجتمعنا وقال: من أكثر الظواهر الظالمة والمظلمة في مجتمعنا هو استغلال النساء والصبايا في أماكن العمل، لدرجات لا تصدق أحياناً. فمن خلال تجربتي كمحاضر كنت دوما اسمع القصص المتكررة والمتشابهة، وهي بالعشرات: تدفع الكثير من المحلات التجارية الخاصة في القرى العربية ما بين 10 الى 15 شاقل لساعة العمل، وهو تقريبا ثلث المسموح به قانونيا من الاجر الادنى للعامل/ة (29 شاقل للساعة). ما ينتج عنه معاش شهري لا يتعدى 1200 حتى 1500 شاقل فقط.

وتابع: كلنا نعرف انه مع غلاء المعيشة الحالي لا يمكن لاي شخص ان يعيش باحترام ضمن هذا المدخول. وما ينتج عنه ان النساء العاملات يخضعن لدائرة مستمرة من الاستغلال الاقتصادي الاجتماعي، لا ابالغ ان قلت انه يشبه الى حد كبير نظام العبودية القديم، وهو اسوأ نظام اجتماعي عرفته البشرية. هذه المرة الاختلاف هو انه نظام متخفي (سر معروف) بحيث يقوم اليوم باستغلال النساء فقط، حيث لم اسمع ابدا عن رجال يتلقون مثل هذه الاجرة.

وأضاف قائلا: حان الوقت لمعالجة هذه الظاهرة بشكل جذري، لأنها غير اخلاقية من الدرجة الاولى، ولأنها ترسخ الفقر وما ينتج عنه من مشاكل كثيرة. أنا اعرف ان الكثير من النساء "العالقات" في هذا النظام المجحف يصعب عليهن الخروج منه او مقاومته بشكل فردي، لأسباب تتعلق بالظروف المعيشية والعائلية لهن. لكن إذا تم نبذ من يستغلهن وبشكل علني وجماعي، قد نرى بداية التغيير. إذا كان هناك سبب واضح قد نتفق عليه لإعلان اضراب شامل هو قضية العبودية الحديثة هذه. الاضراب سيفضح هذه الظاهرة وسيسلط الاضواء عليها وعلى امكانيات محاربتها. هذا نداء خاص اوجهه الى جميع رؤساء واعضاء المجالس البلدية، الجمعيات الحقوقية وأعضاء البرلمان.

الازمة تتفاقم أكثر بسبب كورونا

ختام واكد رئيسة مجلس نعمت في لواء الجليل المركزي ونائب رئيس الجبهة قالت انه لا توجد أماكن عمل ومناطق صناعية كما ان المجتمع اليهودي لديه القدرة على استيعاب كادر نسائي لديه طاقات اكثر من المجتمع العربي وتابعت: هناك القطاعين العام والخاص علما ان هذا العام يعتبر حالة استثنائية بسبب ازمة كورونا التي كان لها تداعيات جدا سلبية على العاملين والعاملات عموما والنساء العربيات خصوصا، هناك تراجع بعدد النساء في سوق العمل في القطاعين العام والخاص، وقد بدأنا نحصل على معلومات ومعطيات مقلقة تشير الى تدني وتراجع في عدد النساء العاملات اللواتي اقيلوا ولا يملكون إمكانية العودة الى أماكن العمل وأيضا من اخرجوا الى إجازة بدون راتب، وكان هناك توجه كبير لأماكن العمل وقد طلبت هذه النساء تأهيل لمهن جديدة تتيح امامهن الاندماج في مهن أخرى ولو بشكل جزئي، قسم كبير من هؤلاء النساء هن معيلات لعائلتهن بدون زوج ومعروف ان مخصصات البطالة لا تساعد، وليس كل النساء يملكن الاستحقاقات للبطالة وخاصة القطاع الخاص، حيث معظمهن لا يحصلن على مقصات عمل وبالتالي المبالغ التي حصلوا عليها ادخلوهن الى خط الفقر. النساء سيتوجهن الى فرص العمل الموجودة امامهن وستكون بالأساس في القطاع الخاص حيث لا توجد رقابة او تقدير لقوانين العمل، المشغلون سيستغلون هذا الامر لصالحهم خصوصا وان هناك العديد من ورشات العمل في الوسط العربي تضررت بشكل كبير من ازمة كورونا دون تعويض مناسب من الدولة ولذلك يحاولون ان يختصروا في المصروفات وخصوصا في مجال التوظيفات وهذا يؤثر بسبب مضاعف على النساء في القطاع الخاص.

وتابعت: كان هناك مبادرة تم تقديمها لعدة لجان منها لجنة تشغيل النساء العربيات واليهوديات المتدينات، هذه اللجنة جمعت معلومات في هذا الامر ومررنا توصيات تحوي على برامج عمل وخطط تحاول قدر الإمكان إيجاد حلول لشريحة النساء في القطاع العام والخاص وخاصة الخاص، 52% من الشرائح التي أخرجت للبطالة بسبب كورونا هن نساء وهذه المعطيات تحثنا ان نفكر حول الحلول التي ممكن ان تنجزها الدولة بهدف ان نقلل من حجم الضرر ونمنع الاستغلال التي تتعرض اليه النساء في هذه الفترة وفترات قادمة، نعمل على رفع الوعي لهذه الشريحة خصوصا وانهن لا يجرأن على الاندماج في مؤسسات لحقوق العمال بسبب تخوفهن من خسارة أماكن عملهن والدولة ومكاتب العمل لم تتبنى هذه الشريحة ومكاتب العمل لا تملك إمكانية لتأمين عمل لكل هذه الشرائح، نحن نقترح ولكن التنفيذ ورصد الميزانيات تملكها المكاتب الحكومية. المجتمع العربي هو من يعاني أكثر.

وزارة الرفاه والعمل تعد دون تنفيذ وحلول

ميسم جلجولي مديرة نعمت لواء المثلث الجنوبي: موضوع استغلال النساء في اماكن العمل في القرى والبلدات العربية غير جديد، حيث على مدار سنوات طويلة نحاول ان نتدخل امام مؤسسات الدولة حتى يرفعوا الرقابة على اماكن العمل في وسطنا العربي لأننا نعلم ان هناك ظروف استغلال سيئة جدا وعلى مدار سنوات عملنا مع جهات اخرى منها نعمت وجمعية معك وحقوقيات من اجل حقوق النساء مع الحكومة ومؤسساتها ووزارة العمل والرفاه الاجتماعي ووزارة المالية ومفوضية المساواة في فرص العمل وكان هناك عدة مشاريع قطرية في هذا الصدد، وهناك ايضا خط طوارئ لهذا الامر ولكن المشكلة ان غالبية النساء لا يتجرأن على التوجه لهذا الخط خوفا على اماكن عملهن بسبب استغلال الضائقة التي تعاني منها النساء العربيات حيث ان هناك عدد كبير من النساء اللواتي يردن العمل داخل قراهم وبداتهم. بسبب المواصلات العامة والعنصرية التي يواجهنها في اماكن العمل وايضا تفضيلهن ان يكن قريبات من اولادهن وبيوتهن، المشكلة الاساسية ان كثيرين يحاولون لوم النساء انهن هن من يرضين العمل بهذه الظروف ولكن المشكلة هي بصاحب العمل الذي استغل ظروفها.

وزارة الرفاه والعمل وعدت بزيادة عدد المراقبين في البلدات العربية ولكن هذا الامر لم ينفذ، الان بعد تشكيل الحكومة الجديدة سنستمر بالضغط على وزير الرفاه الجديد، ولكن الصعوبة بالتعامل مع الموضوع اساسها ان النساء تخاف ان تتكلم وبالتالي صعب ان تتم معالجة الموضوع وانا اتفهم موقفهن. علما اننا في نعمت عملنا على مساقات حول حقوق النساء في العمل.

ونوهت جلجولي ان غالبية العمال في سوق العمل الاسرائيلي لا ينتمون الى نقابات عمالية وهنا يكمن جزء من المشكلة وقالت: 50% من النساء العربيات تعمل من خلال مقاولين و60% من النساء العربيات غير موجودات في اطر نقابية للدفاع عن حقوقهن، للأسف ظاهرة استغلال النساء في العمل اكثر من الرجال، اعتقد انه دورنا ان نكشف اماكن العمل التي تستغل النساء ونقاطعها ولا نشتري منها.

تمييز وانتهاك مستمر ومنهجي

مديرة الخط المفتوح بالغة العربية لحقوق المرأة في العمل في لوبي النساء المحامية ميساء غرابلي بدورها عقبت ل "بكرا" قائلة: النساء العربيات تعاني من الاقصاء والتمييز مزدوج في سوق العمل الاول لأنهن نساء والسبب الثاني بسبب انتمائهم إلى المجتمع العبري. غالبية النساء العربيات يعملن في مجالات المبيعات والخدمات أو أعمال غير مهنية (غير متطلبة لتاهيلات محددة). نسبة النساء العربيات اللواتي يعملن في وظيفة جزئية وليس باختيارهن هو 28.6% تقريبا ثلاثة أضعاف من نسبة النساء اليهوديات. نتيجة لذلك، مدخول النساء العربيات منخفض تقريبا بالضعف من مدخول النساء اليهوديات، وأجر واحدة من أربع نساء عربيات منخفض من أجر الحد الأدنى (مقابل واحدة من تسع نساء يهوديات).

وتابعت: كثير من النساء العربيات يعانين من تمييز وانتهاك مستمر ومنهجي وذلك لعدة أسباب تتعلق غالبا في ظروف خاصة بهن: يعملن غالبا في منطقة قريبة على منطقة سكنهن بسبب انعدام المواصلات العامة أو بسبب حواجز اجتماعية أخرى، غالبا ما يضطررن للعمل لساعات قليلة بشكل يتلاءم مع الأطر التعليمية لأولادهن، نسبة النساء العربيات في الاتحادات العمالية منخفض نسبة للعاملات اليهوديات، وقسم كبير منهن يعملن في شركات موفرة للخدمات. بالإضافة إلى ذلك، يتم التمييز ضد العاملات العربيات في حقوقهن الاجتماعية مثل العطل السنوية، العطل المرضية والساعات الإضافية المدفوعة. قلما تعالج الجهات المسؤولة في إسرائيل انتهاك حقوق العمال والعاملات عامة والعاملات العربيات خاصة. كثير من النساء العربيات غير واعيات لحقوقهن أو لا يشتكين على ذلك خوفا من المخاطرة بمكان العمل.

من المقلق رؤية ظاهرة استغلال النساء خاصة الشابات الباحثات عن العمل

غيداء ريناوي ناشطة اجتماعية ونسوية بدورها قالت ل "بكرا": أؤمن أننا نحن النساء، كلما عرفنا حقوقنا وعملنا على حمايتها، كلما كانت مكانتنا أقوى في عالم العمل والتشغيل. من المقلق رؤية ظاهرة استغلال النساء خاصة الشابات الباحثات عن العمل ولقمة العيش ومن المقلق أكثر غض النظر والسكوت عن هذه الظاهرة. ومع أن التشريع في الدولة بمجالات حقوق العمال والعاملات والمساواة في العمل يعتبر نسبيا متقدم لكن تطبيق القوانين هو التحدي الحقيقي وهذا عمليا هو الرادع الأساسي الذي بالإمكان أن يضمن حقوق هذه النساء. علينا جميعا أن نعزز جهودنا، مؤسسات رسمية، سلطات محلية وجمعيات نسوية وحقوقية، لنتصدى أمام هذا الاستغلال المخزي.

يبخسون حقوف النساء الى حد الافقار والتجويع

العامل الاجتماعي والمختص إسماعيل علي حمود قال بدوره حول الظاهرة: هنالك اماكن عمل في منطقة عكا تمنح الصبايا 16 ش للساعة مستغلة ظروفهن المادية وحاجتهن للعمل لإعالة أنفسهن وللانخراط في التعليم الأكاديمي. هذه الظاهرة تتناقض وتخرق ابسط اسس حقوق الانسان والقوانين التي تنص على حد أدني للأجور بقيمة 30 ش للساعة. وألانك من ذلك وجود مناخ اجتماعي مساند لفكرة الاجور الزهيدة جدا باعتبار المرأة ليست معيل رئيسي وبالتالي تقع الصبايا ضحية استعباد وقهر لشخصيتها وتقليل من شانها رغم انها تقوم احيانا بأعمال شاقة ولا يتم مكافأتها بل تستغل بشكل مقيت وسافر، بالنسبة لظاهرة تشغيل النساء والصبايا بظروف قاسية ومصادرة حقوقهن الاقتصادية يجب على نقابة العمال الاجتماعيين مع جهات مختصة تشكيل لوبي ضاغط في الكنيست لتشريع عقوبات على المستخدمين الذين يسيئون ويبخسون حقوف النساء الى حد الافقار والتجويع. على المجتمع المدني ان يسعى جاهدا لوقف هذه الاساءات وتوجيه الطاقات نحو تمكين المرأة في مكان العمل ودعم تحصيل حقوقها عبر التوعية والمناصرة والاسناد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]