لا يقل علاج الأورام والكتل السرطانية بالإشعاع أهمية عن العلاج الجراحي والأدوية الكيميائية، حيث يعتبر من الوسائل الشائعة التي أثبتت نجاعتها إلى حد كبير، وفق رأي الخبراء والمختصين. هذا، على الرغم من المخاوف الطبيعية التي تسود أوساط المرضى من هذه الوسيلة، التي يؤكد الأطباء بأن فوائدها تفوق مخاطرها بكثير.

يشكل علاج السرطان بالإشعاع أحد أهم الوسائل لعلاج هذا المرض القاتل، حيث يخضع معظم مرضى السرطان له خلال مدة علاجهم. وفي هذا السياق، كان لنا حديث مع د. سالم بلان، القائم بأعمال مدير قسم العلاج الإشعاعي في مستشفى "رمبام"، ومدير وحدة العلاج الكيميائي في مستشفى العائلة المقدسة بالناصرة.

الأشعة الكهرومغناطيسية لعلاج الأورام السرطانية
يقول د. بلان: "يتكون علاج الأورام السرطانية من العلاج الجراحي، العلاج الكيميائي وعلاج الأشعة، أو باسمه العلمي "راديوترابيا". يعتبر العلاج الإشعاعي جزءً هاما جداً من علاج الأورام السرطانية.
تقوم الأشعة الكهرومغناطسية بقتل الخلايا السرطانية، ويعتبر العلاج الإشعاعي علاجا موضعيا، موجها ومصوباً إلى المنطقة المصابة بالورم السرطاني في الجسم. وذلك بخلاف "العلاج الكيميائي" الذي يعتبر علاجا شاملا وغير موضعي. في بعض الحالات، يتم استخدام العلاج الإشعاعي منفرداً، أو بصفة مشتركة مع علاجات الأورام الأخرى. ومن الممكن أن يوصف كبديل عن الجراحة في بعض الحالات أو كعلاج أولي وأساسي. كما قد يتم استخدامه مباشرة قبل اللجوء إلى العمليات الجراحية لاستئصال الأورام، بُغية تقليص حجم الورم وتسهيل استئصاله. أو قد يتم استخدامه عقب جراحات الاستئصال كعلاج إضافي من أجل المساعدة في القضاء على أية خلايا ورمية غير ظاهرة قد تكون متبقية في الجسم.

د. بلان: هناك العديد من الاورام السرطانية التي يمكن شفاؤها عبر العلاج الإشعاعي فقط
يقول د. بلان: هنالك أنواع كثيرة من الأورام السرطانية التي من الممكن شفاؤها بواسطة العلاج الإشعاعي فقط، ودون الحاجة للعلاج الجراحي أو الكيميائي مثل:
• سرطان البروتستاتا - وهو عبارة عن سرطان شائع عند الرجال في المرتبة الأولى، ولا يحتاج المريض لعملية جراحية لاستئصال الورم.
• سرطان الحنجرة والعنق - يعتبر من أنواع السرطانات الشائعة، خصوصاً لدى المدخنين ومدمني الكحول. ومنذُ عشرين عاماً تقريباً، أصبح العلاج الإشعاعي هو العلاج الأهم والمركزي لشفاء هذه الأورام، دون الحاجة لإجراء عمليات جراحية (كانت هذه العمليات كبيرة ومعقدة جداً ومنوطة بأعراض جانبية صعبة).
• سرطان عنق الرحم - خاصة عندما يكون في المراحل المتأخرة، وهنا أيضاً لا تستدعي الحاجة عملية جراحية، فالعلاج الإشعاعي قادر يمكن أن يؤدي إلى الشفاء الكامل.
• سرطان الجلد - يعتبر سرطان الجلد "Skin squamous cell carcinoma"، من أنواع السرطان الأكثر انتشاراً، وخاصةً لدى كبار السن. هذا السرطان هو أحد السرطانات التي يمكن الشفاء منها بواسطة العلاج الإشعاعي فقط.
• أنواع معينة من سرطان الغدد اللمفاوية "Lymfoma" - في كثير من المراحل البدائية، يكفي العلاج الإشعاعي من أجل التغلب على هذا المرض وعلاجه.
• بعض الأنواع من سرطان الدماغ

العلاج الإشعاعي الوقائي...

يمكن إعطاء العلاج الإشعاعي كعلاج وحيد وكامل (كما أسلفنا) دون الحاجة إلى علاجات أخرى. كذلك، من الممكن أن يعطى للمريض كعلاج وقائي بعد عملية جراحية لمنع عودة المرض وانتشاره من جديد. ويكون هذا في حالة الإصابة بأمراض مثل:
• سرطان الثدي - اليوم لا يتم استئصال الثدي بشكل كامل مثل السابق. فمع تطور الطب والأبحاث اتضح أيضاً أن بإمكان الطبيب معالجة المريضة من خلال استئصال الكتلة السرطانية واستخدام العلاج الاشعاعي.
• بعد استئصال ورم سرطاني من "القولون" (الأمعاء) يتم إعطاء العلاج الإشعاعي بشكل موضعي لمنع عودة المرض.
• أنواع أُخرى كثيرة من ألأورام السرطانية التي تحتاج إلى علاج إشعاعي بعد استئصال المرض، مثل سرطان الرئة، سرطان العنق والرأس.
• هناك أورام يكون حجمها كبيرا، ومن الصعب استئصالها، ولذلك يجب تقليصها من خلال العلاج الإشعاعي قبل استئصال الورم. يؤدي هذا إلى تحسين النتائج وتقليص نسبة خطورة عودة المرض.
• علاج ( Palliative) - يستعمل العلاج الإشعاعي أيضا لتخفيف الألم عندما يكون المرض منتشراً. فمثلاً انتشار المرض في العظام يسبب آلاما شديدة. هذه الآلام، من الممكن تخفيفها بواسطة العلاج الإشعاعي الموجه للمنطقة موضعيا.

ألأشعة والتكنولوجيا الطبية الحديثة...
يقول د. بلان: "اليوم، مع تطور التكنولوجيا، أصبح العلاج أكثر دقة، وينطوي على قدر أقل من الأعراض الجانبية. فقد ساعدت التكنولوجيا الطبية الحديثة على تحديد موقع المرض بشكل دقيق جداً، ويتم هذا بمساعدة الأشعة المقطعية (السي تي).
كذلك، يلعب الحاسوب دورا كبيرا في هذا المجال، حيث يستطيع تميز وتحديد مكان الورم دون الاقتراب من الأعضاء المعافاة الموجودة بالقرب من الورم وفي محيطه.

أعراض العلاج...
ويضيف د. بلان: "بما أن العلاج الإشعاعي يكون موضعيا ومصوبا باتجاه المنطقة المصابة بالكتلة السرطانية، فإن أعراضه تكون محصورة بمكان الإصابة، مثلاً:
في حال كان العلاج في منطقة الثدي، يكون الاحمرار في الجلد والحروق في منطقة الثدي التي تعرضت للأشعة فقط. بينما إذا كانت المنطقة المعالجة هي العنق، فتكون الأعراض حروق في الجلد والفم والمريء، وهذا نتيجة للضرر الذي من الممكن أن يصيب المناطق المجاورة للعنق.
واذا كان العلاج في الرأس فيضاف على هذه العوارض تساقط شعر المريض، واذا كان في المعدة فيمكن إضافة حالات التقيؤ والغثيان. وكما أشرت في البداية، الأعراض تصيب منطقة العلاج فقط.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]