في ظل انسحاب حزب الله والتيّار الوطني الحر من انسحاب الحكومة اللبنانية والذي يسبق إعلان قرار الحكومة الدوليّة في ملف اغتيال رئيس الحكومة اللبنانيّة الأسبق رفيق الحريري بأسبوعين ، التقى مراسل موقع "بكرا" المتخصص في الشؤون اللبنانية د. يسري خيزران لينقل لنا تحليلاته وقراءته للوضع السياسي في لبنان داخليًا وخارجيًا .

قرار حزب الله ليس مفاجئًا ويأتي قبل قرار المحكمة الدولية "الضمني"

بدأنا الحوار بسؤالنا حول هدف حزب الله والتيار الوطني الحر من إعلان انسحابهما من الحكومة اللبنانيّة والرسالة التي تكمن وراء هذه الخطوة ، وقد أجابنا د. يسري : "إن هذا القرار الذي اتخذه حزب الله والتيار الوطني الحر لم يكن مفاجئًا ، لأن هناك تسريبات أوضحت بأن الوساطة السعوديّة-السوريّة لم تنجح في إقناع الحريري بشروط حزب الله ، كما أن هذا القرار الذي أتى استباقًا لصدور قرار المحكمة الدولية "الضمني" والذي يتوقع أن يتم إعلانه يوم الاثنين القريب لكي يصل الى لبنان بدون وجود حكومة شرعيّة فيها حيث إن حكومة الحريري هي حكومة تصريف أعمال .

وزاد : إضافة إلى إن قرار الانسحاب أتى بغياب الرئيس الحريري عن لبنان لوجوده في اجتماع مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في إشارة رمزية من "حزب الله" أعتقد أن مفادها أن يعلم الرئيس الحريري بأن الدعم الغربي ، الأمريكي بشكل خاص ، لن يسعفه في الحفاظ على موقعه في الدولة اللبنانيّة " .

العلاقات بين حزب الله وسوريا ليست علاقة وصاية وإنما علاقة تنسيق

وعن إمكانيّة أن يكون قرار الانسحاب جاء كانصياع من قبل حزب الله لقرارات سوريّة قال د. يسري : " لا أعتقد إن هذا الأمر صحيح خاصة وأن العلاقة بين حزب الله وسوريا لا تقوم على مبدأ الوصاية إنما هي علاقة تنسيق إستراتيجية بين حلفين لهما أجندة مشتركة فيما يتعلّق بالتوازنات الإقليميّة" .

عون وحزب الله...اتفاق لإضعاف اتفاق الطائف

عندها طرحنا السؤال إذا ما كان التحالف بين حزب الله والتيار الوطني الحر (بقيادة ميشل عون) يطرح إمكانيّة خلق إستراتيجية جديدة في الساحة السياسيّة اللبنانيّة ، فأجابنا نافيًا : " لا أعتقد ذلك ، حيث أن المتحالفين لا يسعيان إلى قلب نظام الحكم اللبناني بل إنهما يهدفان إلى تغيير التوازنات الداخليّة ، خاصة وإنهما يعارضان اتفاق الطائف كل من زاويته فالعماد ميشيل عون يعتقد أن هذا الاتفاق (المقصود اتفاق الطائف) أضعف المسيحيين في لبنان لصالح السنة ، وحزب الله رأى في الاتفاق عدم إنصاف للطوائف الشيعيّة ، لذا فإنهما (حزب الله والتيار الوطني الحر) يسعيان معًا لتعزيز نفوذهما السياسي والانتقاص من مركزيّة حكم رئيس الحكومة (السُّنّي) " ، أما فيما يتعلق بإمكانية أن يبدل حزب الله استراتيحيته المتبعة ويسعى لقلب نظام الحكم اللبناني لنظام ثوري إسلامي شيعي قال : " إن حزب الله غير معني بالسلطة حاليًا وفكرة قلب نظام الحكم إلى نظام ثوري إسلامي شيعي غير واردة أبدًا في هذه الفترة حتى في التفكير الإيديولوجي للحزب ، إضافة إلى أن قيادة الحزب تعي تمامًا حجم التداعيات التي تتبع مثل هذه الفكرة .

وعن سؤالنا عن إذا ما كان الوقت قد حان لتغيير نظام الحكم "الطائفي" في لبنان ، علّق الدكتور بحماسة واضحة : "بالطبع عليه ذلك ، وأضاف ، لقد دخل لبنان مأزقًا حقيقيًا لأن سعد الحريري يتزعّم أكبر كتلة نيابيّة في لبنان إلا أنه لا يستطيع تشكيل حكومة بدون مباركة حزب الله ، ومن جهة أخرى فإن حزب الله لا يستطيع بدوره أن يفرض رئيسًا للحكومة اللبنانيّة ، لكن لا بد من أن أشير إلى أن موقف حزب الله يعد أقوى حيث أنه قادر على تعطيل الأكثرية رغم عدم امتلاكه لها".

وتابع : " طالما بقي النظام الطائفي في لبنان فإنه يبدو على طول التجربة الممتدة من عام 1943 فإن الدولة اللبنانيّة تتجه نحو المزيد من التفكك والتعقيد" .

حرب مع اسرائيل؟! الموضوع غير وارد الآن

في ختام حوارنا طلبنا تعليق د. يسري عن امكانية اشتعال حرب جديدة على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية بهجوم من حزب الله وقد أجاب عن سؤالنا نافيًا هذه الإمكانيّة موضحًا بقوله : "في قرائتي لسلوكيّات حزب الله استبعد أن يشعل حزب الله حربًا على جبهته المشتركة مع إسرائيل رغم التزامه الكامل بمحاربته اللانهائية لها ، غير أنها ليست موجودة على سلم أولوياته في الفترة الحاليّة حيث أن افتعال حرب ، في الوقت الراهن ، سيُضعف موقفه في لبنان وسيزيد الوضع اللبناني تعقيدًا . 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]