العمل الجماهيري في مجال النسوية لما يصب في مصلحة المرأة له العديد من الجوانب، وجمعية كيان والتي تأسست في العام 1998، هي الرائدة في هذا المجال، وتفعّل العديد من المشاريع والبرامج التي تصب في مصلحة المرأة وتهدف الى تطويرها ورفع مكانتها.

هذه الجمعية، التي أسستها مجموعة من النساء العربيات بهدف العمل لإحداث تغيير اجتماعي ولرفع مكانة النساء وتعميق مشاركتهن الفعّالة في المجتمع. وذلك عبر تمكين النساء وتدعيم دورهنّ الفعّال في الحياة الشخصية والعامة. وتمكين النساء اقتصاديا من خلال ضمان استقلالهن الاقتصادي وتحصيل حقوقهن الاقتصادية، كشرطين لرفع مكانتهنّ في المجتمع واخراجهن من دائرة الفقر.

مراسلنا التقى الناشطتان رفاه عنبتاوي وريم زعبي - أبو اسحاق حول نشاطات الجمعية الجماهيرية.

من جهتها تحدثنا زعبي أبو اسحاق عن قسم العمل الجماهيري في الجمعية قائلة: “في قسم العمل الجماهيري لدينا مشروعين أساسيين: برنامج جسور ، وبرنامج التمكين والتثقيف الاقتصادي... الهدف من القسم الجماهيري بشكل عام، نؤمن في جمعية كيان أن العمل الجماهيري هو أحد الأعمدة الاساسية للجمعية، وهذا ايمانا منّا أن التواصل مع النساء والجمهور عامة رجالا ونساءا، هو أمر أساسي بكل ما يتعلق بالحديث عن التغيير الاجتماعي بشكل عام وتحسين مكانة المرأة بشكل خاص”.

وتضيف: “نحن نرى أن النساء في الوسط العربي، حتى الآن ما زلن مستقصيات عن الحيز العام، وخارج دائرة التأثير. كونهم بعيدات عن دائرة التأثير ولسن في مواقع لاتخاذ القرار، هذا يؤثر عامة على تحقيق مطالبهن الحقوقية، الاجتماعية، السياسية، وتغييبهن عن الأجندة العامة. لو كان هناك تساء أكثر ممثلات أكثر في مجال اتخاذ القرار، ان كان كرؤساء مجالس محلية، رئيسات شركات، مواقع ذات تأثير، مواقع تحدد فيها سياسات، وجود النساء اللاتي يؤامنّ بالعمل النسوي، بالمساواة بين الرجل والمرأة وبحق المرأة أن تأخذ فرصتها في الحياة، وقد يضع ذلك حقوق المرأة على الأجندة العامة، ويساهم في رفع مكانة المرأة. لذلك يعمل قسم العمل الجماهيري ميدانيا من أجل تدعيم النساء واحداث التغييير الاجتماعي المنشود الذي من شأنه أن يحسن من شروط حياتهن وزيادة قدراتهن على التحكم بها”.

وتتابع حديثها قائلا: “هذا يتطلب منا نظرة شمولية ووضع برنامج عمل بعدة مستويات. ومنها العمل مع النساء نفسهم بمستوى العمل المباشر، والمستوى الآخر كالعمل مع مؤسسات عامة شتى. ويتم ذلك من خلال ثلاث برامج أساسية: برنامج جسور، التمكين والتثقيف الاقتصادي، ونساء من أجل ميزانية عادلة في السلطات المحلية العربية”.

هناك عدم تشجع وحتى احباط لخروج المراة ومشاركتها الى فعاليات جماهيرية

وعن مشروع جسور تحدثنا عنبتاوي: “جسور هو برنامج يهدف الى تطوير ومأسسة حركة نسائية ميدانية للنساء العربيات في البلاد. ويعمل عمليا على أربع محاور. كما وأقمنا منتدى جسور النسائي القطري – منتدى قطري يشمل نساء قياديات وأكثر من أربعين ناشطة في مجال العمل النسوي، من 19 مدينة وقرية عربية، دير حنا، مجد الكروم، عين ماهل، سولم، الناصرة، البعنة، البعينة، عسفيا، الكبابير – حيفا، حيفا، طلعة عارة، المغار، دالية الكرمل، طمرة، يافة الناصرة، كرميئيل، نحف، عرّابة، ويافا. يوّفر المنتدى من خلال اللقاءات الدورية ملتقى لتبادل الخبرات والمعارف بين الناشطات، والدعم المتبادل بين عضوات المنتدى. ويصبو المنتدى لتطوير ومأسسة حركة نسائية ميدانية للنساء العربيات في البلاد.

عام 2010 بدأ المنتدى بتناول موضوع الشراكات المحلية والعمل النسائي الجماهيري. وتم اختيار هذا الموضوع بعد صياغة التجربة العملية للعمل الجماهيري النسائي في الميدان، حيث واجهنا مع المجموعات النسائية صعوبات وتحديات محلية بمعظم المناطق التي نعمل بها، تحديات اجتماعية مرتبطة بخروج المرأة من الحيز الخاص الى الحيز العام وتبنيها ادوار ناشطة وذات تأثير. وعلى سبيل المثال، في بداية مشاركة النساء للعمل الجماهيري، هناك عدم تشجع وحتى احباط لخروج المراة ومشاركتها الى فعاليات جماهيرية، وذلك ينبع من عدم ايمان بقدرة النساء وبدورهن على التغيير الاجتماعي واحداثه. فالعديد من النساء لا يخرجن ويفضلن البقاء في المنزل”.

العديد من الفتيات يتزوّجن بسنّ 17 عاما وهذا يحد من تطوّرهن ودراستهنّ

وتواصل حديثها بالقول: “ما زلنا نرى العديد من الفتيات بسنّ 17 عاما يتزوّجن، وهذا يمنعهن من مواصلة تعليمهنّ الجامعي وحتى الثانوي في بعض الأحيان، وهذا يؤثر على وعيها الشخصي والعام وقدرتها على الانخراط في المجتمع”. كما أكدت أنه في البحث الاخير تبيّن أنه ما لا يقل عن 10000 شابة تزوّجت وهي بسنّ ما دون السابعة عشرة.

مستشارة لشؤون المرأة: لا يوجد أي مجلس محلي عربي ينفذّ القانون

وتحدثنا عنبتاوي وزعبي – أبو اسحاق عن التحديات فتقولان: "تحديات أخرى هي تحديات منظومية تعلق بالمؤسسات وعدم ادراجها للعمل النسائي في سلم أولوياتها، وهنا نتحدث على المستوى المحلي وعلى مستوى الدولة. في بحث يتعلق بتطبيق قانون "مستشارات لشؤون المؤأة"، والذي يفرض على كل سلطة محلية أن تكون لديها مستشارة لشؤون المرأة ويتلقى مقابل ذلك تخصيص راتب لها، أجرى قسم الأبحاث في الكنيست، بحثا عن تنفيذ السلطات المحلية العربية لهذا القانون بتوجّه من منتدى جسور النسائي في جمعية كيان ومن خلال عضو الكنيست حنين زعبي. ويهدف الى فحص جوانب مختلفة في القانون وكل ما يتعلق بتطبيقه في الوسط العربي، والبحث أظهر نتائج صعبة جدا يمكننا القول”.

اما عن نتائج البحث تقولان: “تبيّن لنا أنه لا يوجد أي مجلس محلي عربي من الذين شاركوا في البحث، منذ العام 2008 وحتى اليوم، قام بتعيين أي من المستشارات بحسب مناقصة قانونية،

كل المستشارات في المجالس المحلية تقريبا، بملأن هذه الوظيفة بالاضافة الى وظيفة أخرى يقمن بها في المجلس المحلي. فقد تكون ربما مديرة قسم او سكرتيرة في المجلس المحلي او البلدية وتقوم بعملها فيه بشكل كامل وممتاز، ولكن لأنه وظيفة كاملة، يمنع منها القيام بعملها كما يجب بما يخص كونها مستشارة لشؤون المرأة. وفي مجلس محلي وحيد، خصصت وظيفة جزئية لمنصب المستشارة لشؤون المرأة. كما تبين من البحث أن حتى النساء المعينات لا يحصلن على الدرجة المطلوبة بحسب القانون”.

النساء اللاتي يشغلن هذا المنصب لا يحصلن على التأهيل المناسب لذلك


وتواصلان: “حسب القانون من المفروض أن يتم تأهيل المستشارة بما يتناسب مع الوظيفة ويساعدها على تأدية واجبها فيها، ولكن تبين ان معظم المستشارات لم يشاركن في تدريبات او دورات تأهيلية تناسب الوظيفة. من تجربتنا لمسنا أن العديد من التعيينات هي تعيينات سياسية بحتة، فعند انتخاب رئيس مجلس جديد عادة يقوم ايضا بتبديل المستشارة، الأمر الذي يؤثر على تأدية الوظيفة ونجاعة المرأة التي تحتل هذا المنصب، وذلك قد يسيء بدل أن يعود على النساء بالفائدة. كما أنه اتضح لنا أن المستشارات لا يملكن ميزانيات لتنفيذ المشاريع والبرامج التي ينوين تنفيذها أصلا”.
في أعقاب ذلك توجهت جمعية كيان للجنة القطرية لرؤساء المجالس المحلية لاطلاعهم على أهمية الموضوع وأهمية دورهم في العمل على موضوع الشراكات بشكل عام وبشكل خاص بكل ما يتعلق بوظيفة المستشارات لشؤون المرأة، ورحبّ اعضاء اللجنة بالفكرة وأبدوا استعدادهم للتعاون وشاركوا في مؤتمر قطري نظمه منتدى جسور وجمعية كيان في كانون أول الماضي.

وعن المشاريع التي تنخرط ضمن برنامج "جسور"، هناك مجموعات التمكين والتنظيم الجماهيري، وعن هذه المجموعات تقول عنبتاوي: "نعمل فيها مع مجموعات نسائية في الميدان، نبدأ من مرحلة التمكين الذاتي حتى مرحلة التمكين الجماهيري وتأهيل النساء لتخطيط وتطوير برامج ومشاريع محلية تجيب على احتياجاتهم وتساهم في رفع مكانتهن في المجتمع المحلي. مجموعات نسائية في العديد من القرى والمدن العربية في الشمال والمثلث. نوّفر الاستشارة والارشاد والمرافقة لنساء قياديات وناشطات بمجال العمل النسائي بالبلدات المختلفة التي نعمل بها. الأمر الذي يساعدهن على استمرارية العمل المحلي”.

طموحنا ان تترشح نساء لرئاسة المجالس والبلديات العربية

وتقول عنبتاوي في رد على سؤال حول طموحاتهن لهؤلاء النساء: "احدى طموحاتنا المستقبلية هي ان تترشح نساء لمناصب مرموقة كأن يصبحن عضوات في المجالس المحلية، وحتى أن تترشح امرأة لرئاسة بلدية لاحدى المدن العربية، لا مانع. فيهمنا ان نؤهل نساء يرين أنه شرعي جدا أن يكنّ هن ّ ممثلات للجمهور، ولكن يجب أن تكون هذه المرأة الطامحة لذلك، قد مرت بمسار معيّن ويجب أن تكون أجندتها ملائمة لأجندتنا، فقد يكون هناك نساء في مواقع لاتخاذ القرار ولكن لسن نسويّات. اذا رأينا امرأة معنية بأن تخوض تجربة الترشيح لبلدية معيّنة، وهي تؤمن بأجندة نسويّة، تؤمن بحق المرأة بالمساواة بالرجل، وحقها أن تحصل على الفرص بشكل متساو، ولذلك نرى أنه من الطبيعي أن ندعم نساء ونشجعهن على خوض هذه التجارب”.

صناديق للدعم المالي للنساء

وتؤكد عنبتاوي أن الجمعية تعمل على اقامة صناديق للدعم المالي. قائلة: “بما أن معظم المجموعات النسائية التي نعمل معها ليست جمعيات وليست مؤسسات تتلقى دعما، وكما أنها لا تتلقى الدعم من المجالس المحلي، لذلك نحن كجمعية نحاول أن نوّفر الدعم المالي لهذه المجموعات التي هي بحاجة لذلك كي تستمر. في العام الماضي دعمنا 8 مجموعات، والسنة الحالية سندعم 8 مجموعات، وهذا يساعد النساء على تخطي العوائق، وتخطي مشكلة السيولة المادية، والاستمرار في مشروعهن المحلي، وهذا مشروط بأن يكون هناك خطط واضحة وبرنامج واضح ومعايير التي يحدد بحسبها الدعم”.

التمكين والتثقيف الاقتصادي: مشروع يهدف للحد من الفقر لدى النساء المسنات

وتحدثنا الناشطة الاجتماعية ريم زعبي – أبو اسحاقث، حول مشروع التمكين والثقيف الاقتصادي قائلة: "نتحدث عن مشروع يعالج ظاهرة الفقر لدى النساء العربيات بجيل الشيخوخة، عن طريق تمكين مجموعات نسائية في بلدات مختلفة وحثهن على اتخاذ خطوات عملية لتأمين وضعهن الاقتصادي مستقبلا. والمقصود هنا من حيث توفيرات، تأمينات، صناديق وغير ذلك. ما يميّز هذا المشروع أنه يعالج ظاهرة الفقر لدى النساء العربيات من منطلق تثقيفي بموضوع الأمان الاقتصادي، وقد يختلف جدا عن موضوع التوجيه المهني وايجاد فرص عمل والمبادرات الاقتصادية. نحن نحاول علاج الظاهرة من زاوية أخرى فيها تذويت لثقافة الأمان الاقتصادي، والتي من تجربتنا ومعطيات أوليّة نحصل عليها من بحث نجريه بهذا الموضوع. فنرى أنه هناك مشكلة بمفهوم الأمان الاقتصادي، النساء العربيات يملن نحو عدم التخطيط مستقبلا، ولا يملكن مصطلحات كالأمان الاقتصادي، في قاموس النساء العربيات، العاملات وغير العاملات منهن وبأجيال مختلفة أيضا”.

وتضيف: “احدى الأمور الجديدة التي يضيفها هذا المشروع هو أنه يطرح قضية الاقتصاد والنساء والعلاقة بينهما، وهو أمر ليس مفهوما ضمنا. فمعظم النساء يشعرن أن الاقتصاد بعيد عنهن، وانه موضوع قد يكون معقدا وحكرة على الرجال. رغم أنه في الواقع وبعد بضعة لقاءات يتضح أن جزء كبير من هؤلاء النساء يمارسن نوعا من الاقتصاد الشخصي بإدارتهن اليومية لأمورهن الشخصية وبيوتهن، ولكن لا يعطون ذلك الأهمية والوزن”.

وتؤكد أن المواضيع المطروحة هي: الاقتصاد في حياة النساء، اقتصاد الدولة، السياسة الاقتصادية الاجتماعية، الفقر، ميزانية الدولة وميزانية السلطات المحلية، محاضرات حقوقية تتعلق بمخصصات النساء في التأمين الوطني، قانون الشيخوخة ومخصصات الشيخوخة، قوانين العمل، حقوق المستهلك – النساء كقوة استهلاكية وغير ذلك.... علما أن المشروع يدرّب المجموعة على كيفية العمل مع حلقات نسائية أخرى لرفع الوعي حول أهمية التخطيط المستقبلي.

مشروع جديد – نساء من أجل ميزانية عادلة في السلطات المحلية العربية....


اما عن المشروع الجديد الذي بادرت الى إطلاقه جمعية "كيان"، تحت عنوان "نساء من أجل ميزانية عادلة في السلطات المحلية العربية"، تقول أبو اسحاق: "يدور الحديث عن مشروع يتم بشراكة مع مركز "ادفا" – مركز المعلومات حول المساواة والعدالة الاجتماعية في اسرائيل.

هذا المشروع يهيأ ويؤهل مجموعة نساء لدراسة وتحليل ميزانية السلطة المحلية من خلال نظرة جندرية نقدية، التي تهدف لفحص الجهود التي يجب أن تُبذل والموارد والميزانيات التي من شأنها أن تغيّر السياسة الاقتصادية الاجتماعية وتعزز المساواة بين الجنسين.

أهم أهداف المشروع، رفع مستوى الوعي للميزانية الجندرية كأداة لتطوير المساواة بين الرجال والنساء. وتمكين النساء من المشاركة بشكل أعمق في تخطيط السياسة الاقتصادية في السلطة المحلية. وتحفيز النشاط النسائي نحو خطوات عملية للتأثير على هذه السياسة. المشروع بدأ بمجموعة واحدة في يافة الناصرة، مع الشكر والتقدير للمجلس المحلي الذي تبنى مشروع من هذا النوع.... علما أنه قد تنضم مجموعة أخرى خلال العام الحالي”...

الى جانب ذلك تؤكد أبو اسحاق أن الجمعية تواصل تفعيل دورة "نساء يقدن للتغيير"، التي كانت من المشاريع الأولى التي أطلقتها الجمعية والتي تهدف الى تطوير وبناء نساء قياديات في الوسط العربي بهدف احداث التغيير، وهو مشروع انطلقت منه الجمعية في تنفيذ بقية المشاريع التي استعرضناها أعلاه.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]