بين مجموعة من البيوت الجميلة المشيدة حديثا في قرية صفا جنوب غرب رام الله، تقطن عائلة الأسير عطا محمود فلنة، في أحد البيوت القديمة التي شيدت مطلع القرن الماضي، كما تشير الأحجار التي خط عليها تاريخ إنشاء المنزل، يحلمون جميعا ببيت صغير يقيهم حر الشمس وبرد الشتاء، وبتوفير تعليم لابنهم الذي نجح في الثانوية العامة مؤخرا.

باستخدام طريق ترابيٍ ضيق نجحنا في الوصول إلى المنزل، الذي كانت باستقبالنا داخله سمية موسى فلنة (أم جهاد) زوجة الأسير عطا، وابنتها سجود (19 عاما)، للحديث عن معاناتهن في عيد الأم الذي يصادف اليوم الاثنين.

بيت صغير مكون من غرفتين ومطبخ سقفه آيل للسقوط، بل أن أجزاءً منه قد سقط بالفعل، هو الذي تقطن فيه عائلة الأسير عطا فلنة، خارجة يوجد فرن يعمل بالحطب يستخدم من قبل العائلة لصناعة الخبز والمأكولات.

ذلك ليس بيت الأسير بل أنه بيت للعائلة سكنته عائلة عطا فلنة بعد أن قام جنود الاحتلال بإغلاق المنزل الأصلي ومنهم من السكن فيه منذ تسعة عشر عاما وحتى اليوم، لدرجة آن البيت المغلق أصبح آيلا للسقوط أيضا دون أن يتمكن احد من تغيير الوضع القائم بقوة الاحتلال.

أحلام صغيرة

ولا تبدو أحلام العائلة كبيرة مقارنة بالعائلات الأخرى التي شيدت بيوتا حديثة في القرية، بل أن عائلة عطا فلنة تحلم ببيت متواضع كما بقية أهالي القرية، وهنا تتساءل (أم جهاد) "لو كان زوجي خارج السجن هل كان وضعنا كما هو اليوم؟! الأسرى ناضلوا من أجل الحرية وسجنوا من اجل فلسطين، وعلى الجهات المختصة توفير الحياة الكريمة لهم".

تستغرب (أم جهاد) لدى سؤالها عن عيد الأم وتقول "لم أكن في يوم من الأيام أُما فقط، بل كنت أباً أيضا وعلي إدارة شؤون منزلي في كل شيء منذ اعتقال زوي في نهاية العام 1992، على أيدي قوات الاحتلال والحكم عليه بالسجن المؤبد بحجة مقاومة الاحتلال، لما أحتفل يوما بعيد الأم".

بكلمات قليلة وبصوت منخفض تحدثت (ام جهاد) عن معاناتها الناتجة عن تغييب زوجها في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ قرابة 19 عاما توضح "ليس سهلا أن تعيش أم وتربي أطفالها بعيدا عن زوجها، حتى في ظل توفر مساعدة كبيرة من العائلة كتلك التي أحظى بها حتى اليوم".

ام جهاد تحلم بأول أحفادها

تحمل (أم جهاد) أول أحفادها بعد أن تزوجت ابنتها سجود مؤخرا، وتتحدث عن سنين من المعاناة مرت بها وحيدة مع أبنائها الصغار الذي لم يعرفوا الكثير عن والدهم، خصوصا أن سجون كان عمرها سنة واحدة لدى اعتقاله، فيما كان جهاد جنينا في بطن أمه.

"أصعب اللحظات عندما كنت أذهب إلى المستشفى لعلاج أطفالي في صغرهم، أجريت عددا من العمليات الجراحية لجهاد، كنت أتمنى لو كان زوجي إلى جانبي، افتقد إليه في كل شيء، في تربية أبنائي وفي احتضانهم، وهم كذلك يفتقدون إلى أبيهم كثير، خصوصا بعد أن تجاوز سن السادسة عشرة ولم تعد تسمح لهم سلطات الاحتلال بزيارته تحت حجج وذرائع أمنية واهية"، تقول (أم جهاد).

وسمية فلنة واحدة من قرابة 2500 زوجة أسرى يقبعون في سجون الاحتلال، وهم يشكلون ما مجموعة 31% من مجمل الأسرى القابعين في المعتقلات الإسرائيلية والبالغ عددهم قرابة سبعة آلاف أسير، فيما لا يزال ثلثي الأسرى دون زوجات، بحسب الإحصائيات الصادرة عن وزارة شؤون الأسرى والمحررين مؤخرا.

توصل (أم جهاد) الحديث عن معاناة زوجات الأسرى والأحلام البسيطة لعائلاتهن، تقول "أنا أتمنى أن أنجح في الحصول على منحة دراسية لأبني جهاد ليتمكن من إكمال دراسته الجامعية، لان نطلب الكثير سوى العيش بكرامة في وطن قدما الكثير من أجل حريته".
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]