تشهد مدارسنا العربية مؤخرًا موجة من العنف باتت مستفحلةً بين طلابها ، فلم يعد غريبًا علينا أن يكون خبر "طوشة" عنيفة في إحدى المدارس العربية ، خبرًا يتصدر عناوين الأخبار في صباح كل يوم دراسي ، فخلال أقل من شهر واحد وبالتزامن مع انطلاق العام الدراسي الجديد ، شهدت عدة مدارس في الوسط العربي مثل هذه الحوادث ، منها على سبيل المثال لا الحصر حيفا ، شفاعمرو ويركا وطرعان وأخيرًا عيلوط التي اندلعت في مدرستها الثانوية "طوشة" كبيرة وقعت خلالها اعتداءات على بعض الصحفيين الذي وصلوا  لتغطية ما يجري.

من خلال هذا التقرير نسلط الضوء  في موقع بكرا، على هذه الظاهرة وتحدثنا مع عدد من المسؤولين القادرين على المساهمة في إيجاد حل لها ، علنا نساهم في الحد من انتشار هذه الآفة التي باتت تقلق الأهل وتخيف الطلاب.

وزارة التربية والتعليم تنظر إلى هذه الظاهرة بخطورة بالغة

 وفي حديث لمراسلنا مع الناطق بلسان وزارة التربية والتعليم للوسط غير اليهودي كمال عطيلة قال :" وزارة التربية والتعليم تستنكر كل مظاهر العنف وتنظر إلى هذه الظاهرة بخطورة بالغة، علما بأنّ من أهمّ أهداف الوزارة الحد من ظاهرة العنف إضافة إلى ذلك يعمل الطاقم التربوي في كلّ مدرسة وفق برنامج سنوي بالتنسيق مع قسم الخدمات النفسيّة والاستشاريّة في وزارة التعليم لزيادة الوعي عند الطلاب للمخاطر الناجمة عن هذه الظاهرة".

وتابع عطيلة حديثه قائلاً:"في السنة الأخيرة بادر وزير التربية والتعليم جدعون ساعر إلى خطوتين هامتيّن وهما : أوّلا إجراء تعديل في قانون حقوق الطالب بحيث يتم إقصاء أيّ طالب عن المدرسة يقوم بأعمال عنف خطرة- حتّى في فترة تقديم الاعتراض على هذا القرار- وفي السابق كان يسمح له العودة إلى المدرسة في فترة تقديم الاعتراض ولغاية اتّخاذ قرار نهائي بشأنه . ثانيا المبادرة لوضع حراسة على المدارس الثانويّة في الوسط العربي تكون من أهم وظائفها الحد من ظاهرة العنف وذلك من خلال المبادرة إلى إجراء تعديل في قانون الحراسة على المدارس والذي عرّف حتّى الآن بأنّه لمنع عمليّات إرهابية . يتم الشروع في تطبيق هذا القانون ابتداء من شهر تشرين ثان من هذا العام في 80 مدرسة ثانويّة في الوسط العربي ويستمر تطبيقه بشكل تدريجي لمدّة أربع سنوات" .

وختم عطيلة بالقول:"بالنسبة لأعمال العنف التي حدثت في بعض المدارس في الفترة الأخيرة إضافة لما ذكر أعلاه فهناك تعليمات واضحة بأن يجتمع المجلس التربوي للمدرسة على الفور واتّخاذ إجراءات طاعة صارمة بحقّ الطلاب المشتركين في أيّ أعمال عنف وفي بعضها إبعاد الطلاب عن مقاعد الدراسة إلى الأبد" .

هناك ضرورة لتفعيل برامج اتصال وتفاعل تعمل على إيصال رسائل ضد العنف

وفيما يخص الموضوع نفسه علّقت رئيسة لجنة متابعة قضايا التعليم العربي د. هالة اسبنيولي قائلة :"مبدئيًا اننا نعمل على موضوع تكثيف الحراسة والأمن في مدارسنا العربية ، وقد تلقينا وعدًا أن هذا الأمر سيتحقق بداية العام القادم ، لكنني أعي أن الحراسة لن تحل المشكلة لأن "قلة" أو عدم تواجد الحراسة في مدارسنا ليست السبب وراء استفحال هذه الظاهرة ، لذا فإنني أشدد على ضرورة تفعيل برامج اتصال وتفاعل تعمل على إيصال رسائل ضد العنف ومع الحث على الحوار ، وعلى الوزارة ،إدخال هذه البرامج بشكل ممأسس للمدارس فلا يكفي أن نلقّن أولادنا موادا في التاريخ والحساب ، فهذه المواد باتت موجودة عبر الشبكة العنكبوتيّة وبإمكان من شاء أن يبحث عن المعلومة التي يريد ويجدها خلال دقائق ، لكن هذه الشبكة لا تدرب ابننا على مهارات حياتية وإدارية ، وهنا يأتي الدور الحقيقي للمدرسة التي عليها تحضير الطالب للحياة عن طريق تدريبه على مهارات حياتية مختلفة".

سبب ضعفنا هو أننا لسنا وزارة المعارف ولا نملك دورًا مباشرًا في المدارس

هنا طرحنا سؤالنا عن سبب "ضعف" الدور الذي تقوم به لجنة متابعة قضايا التعليم العربي في مدارسنا فأجابتنا هاله قائلة:"إن لجنة متابعة قضايا التعليم ليست وزارة المعارف فنحن لا نملك أي دور في المدارس إنما يقتصر دورنا على مواجهة وزارة المعارف في القضايا المتعلقة بمدارسنا العربية لا أكثر ، أي أنه لا يوجد أي وجود للجنة داخل مدارسنا ومشاركاتنا هناك تقتصر على مشاركات غير رسمية وخلال ساعات بعد الظهر ، لذا فمن غير المنطقي أن نؤثر أو نغيّر بشكل فعلي في هذا المضمار بظل هذه الظروف".

إن مجتمعنا بات يشجع مقولات تحث على العنف بالدرجة الأولى

عن دور الأسرة والبيت في العمل على الحد من ظاهرة العنف عبرت :إن هناك دورًا أساسيًا للبيت والأسرة في هذا المجال ، حيث عليه العمل بشكل مكثف على تقويم السلوكيّات وتحسين تصرفات أبنائهم ، غير أن ما ألحظه أن مجتمعنا ، للأسف ، بات يشجع مقولات تشجع ،بالدرجة الأولى ، على العنف مثل :"الأقوى بيغلب" ، "خاوة" ، "أنا ضبع الصف" وغيرها الكثير ، لذا فإنني أرى أن على الأهل تعزيز الدور ألقيمي وحث أبنائهم على القيام بالأعمال الخيّرة البعيدة عن العنف .

علينا تأمين حراسة مشددة في المدارس العربية..!

أما رئيس اللجنة القطرية لرؤساء المجالس المحلية العربية المهندس رامز جرايسي فعقب بالقول:"أن توفر السلاح وسهولة الحصول علية هو الأمر المقلق بحد ذاته، وهو ما يجب علينا محاربته بالردع والعقاب، نحن لا ننكر بأن ظاهرة العنف هي من اخطر الظواهر التي باتت تهدد أمن وسلامة كل مواطن، حيث نعمل جاهدين لمحاولة الحد منها لننقذ الحصانة الاجتماعية المتماسكة في مدينة الناصرة ونسيجها الاجتماعي المترابط".

هذا وقد أخبرنا جرايسي بأنه قد توجه برسالة إلى وزير الأمن الداخلي يتسحاك آهارونوفيتش ، مطلع العام الحالي ، والى وزير المعارف جدعون ساعر، يطالبهما خلالها بضرورة العمل على ترجمة قرار حكومي سابق  والمتعلق بتأمين حراسة في المدارس والمؤسسات التعليمية، مُشدِّداً على ضرورة أن تشمل هذه الحراسة المدارس والمؤسسات العربية، سيِّما في أعقاب انتشار وإتّساع ظواهر العنف في المجتمع العربي عموماً، ونحو المدارس العربية وفي داخلها خصوصاً.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]