24 عامًا تفصل بين الحاجة ليلى وبين الفرح الحقيقي، فبيْن الزيارةِ والتي تليها تحلُم والدةُ مخلص أن ينزاح ذلك الجدار الزجاجي الفاصل بينها وبين ابنها... وخلال هذه السنوات الطويلة لم تكن تُصدّق أنّ الحلم باحتضانه سيصيرُ يومًا مِن الأيامِ حقيقة، فلطالما كذّبت الأحلام، وقاومت الفرح علّه يحرمها مِن الواقع الذي تحياه.

وفي كُلِ مرةٍ يخفقُ قلبها خوفًا مِن الصدمة، أن تؤجَل الصفقة بين حماس والإسرائيليين، حتى باتت لا تُصدّق أنّ ابنها سيصحو ذاتَ يومٍ مِن كابوسه الطويل، وتصحو هِي لتجدهُ بين ذراعيها، كما حضنته آخرُ مرةٍ يوم كان في التاسعةَ عشر من عمره... أحلامٌ باتت قريبة وليلُ ليلى صارَ جميلاً لأنّ ابنها لن يظل خيالاً في البيت، سيكون الأمل المتبقي لأمٍ جرجرت أذيالها في كل مرةٍ لتسمعَ صوتَ ابنها، ولتستنشق رائحته الطيبة، ثم عادت إلى البيت تتكأ على همها، متمنيةً أن يطول بها العمر لتراهُ في المرةِ القادمة.

في لقاءٍ حصري مع ام مخلص برغال (50 عامًا)، عبّرت عن سعادتها الكبيرة، وقالت إنها سعادة لا توصف لمجرد سماعها أن ابنها مخلص بين المُحررين.

وأضافت: قبل الفرحة وقبل كل شيء، أود أن أُحني رأسي للذين بقوا على ثوابتهم ووفوا بوعدهم بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين. وإن شاء الله أن يعملوا على تحرير أسر الباقين، الجميع يشكرهم ونحن نشكرهم، بل لا أجد كلامًا نقوله لهم، فشكرًا لهم ولمجهودهم وفقهم الله وزاد من قوتهم.

وعلّقت ام مخلص: الفرحة شيءٌ بديهي، هل من المعقول أن يخرج ابني بعد 24 سنة وشهر و13 يومًا وبضع ساعات دونَ أن أفرح؟! لكن الفرحة منقوصة... "والله ياما" كُنا نريد أن يتحرر سائر السجناء، لتكتمل فرحتنا وسط أحبائنا، لكنّ الأمل يظلُ موجودًا.

كيف تتحضرون لاستقبال ابنكم؟!

تقول ام مخلص: لو كان بإمكاني أن الغي يوميْ الأحد والاثنين ليُطِل فجرُ الثلاثاء، ما كُنتُ انتظرتْ. لستُ أنا وحدي مَن يتحضر لاستقبال مخلص، كُلُ ابناء البلدة يتحضرون، بانتظار مخلص على أحر من الجمر.

ماذا عن فرحة العائلة؟!

ليسَ هناك مِن فرحة أكبر من فرحنا، لقد عادَ أبنائي الثلاثة الذين يقيمون في ألمانيا وأمريكا وبريطانيا، كلهم مشتاقون، ملتاعون، ينتظرون ساعة احتضان مخلص، كُلُنا نقف على رؤوس اصابعنا، بانتظار ابننا.

وما هو شعورك وعائلاتٌ فلسطينية أخرى فقدت الأمل بعودة ابنائها؟!

هو ليس مجرد شعور، كُل السجناء أبنائي، أحبائي، وكم تمنيتُ لهم جميعًا الإفراج القريب، إنها ليست مجاملة، إنه إحساسي الحقيقي، ويبدو أنني سآخذ أحد أبنائي، بينما يظلُ سائرُ اخوته في السجن، إنها خسارة مؤلمة، لا أُجامل ولا أوارب، أشعر بهمهم وأتمنى أن يكون اللقاءُ الموعود معًا تحت شمس الحرية قريبٌ.

هل تعتقدين أنّ حماس قدّمت كل ما باستطاعتها؟! أما أنها كانت قادرة على الضغط أكثر؟!

ربما كان بمقدورهم الضغط أكثر، لكن حكاية الأسرى طالت، وقد تكون فرصة لا تعوّض، الصفقة منقوصة، لكنها أنصفت أسرى مناضلين أمضوا نحو سبع مؤبدات، ولا يمكن لهؤلاء المظلومين أن يعانون أكثر مما عانوه.

هل اتصلت بكِ جهاتٌ رسمية، مؤكدة نبأ الإفراج عن مخلص؟!

لم يتصل بنا أحد من المسؤولين لا من الإسرائيليين ولا من الفلسطينيين، الاتصال الوحيد الذين وصلنا كان من إدارة السجن، الذين طالبونا أن نستعد للحظة لقاء أبنائنا، دون تحديد أسماءٍ، كانت مجرد رسالة عامة، لكنني عرفتُ أنّ ابني مخلص بين المُحررين بعد أن اذيع اسمه من الجانب الإسرائيلي ومن سائر وسائل الاعلام المرئية والمكتوبة، عندها بدأ قلبي يخفق فرحًا بانتظار ساعة لقائي به.

كيف هي فرحة مخلص، وسط زملائه المُحبَطين؟!

لن تكون فرحة ابني مكتملة، انتِ لا تعرفين مَن هو مخلص. لم يدخل أيُ فلسطينيٍ السجن والتقى مخلص، إلا وذكره، وتحدث عنه، مخلص اعتادَ أن يختارَ الآخرين على نفسه، أن يفكر برفاقه قبل مصلحته، وإذا كانت هنالك مشكلة، فهو يذنّب نفسه ليبرأ اصدقائه... مخلص ليسَ عاديًا، ليس مجرد سجين في حبسه، إنه مميّز... ولكن يكون فرحًا واخوته وزملاؤه في السجن باقون، حتمًا في قلبه غصة كبيرة، لكن لدينا أمل أن يخرج سائر الأسرى، إنه يومٌ قريب.

كنتُ أتمنى أن يسبقه أو يكون معه صديق عمره وليد، حتى تكتمل الفرحة، تمنيتُ أن تسبقني والدة وليد وسائر الأمهات اللواتي هُن شقيقاتي، عشنا معًا نفس المعاناة، ويبكيني حالهن، والألم الذي يعصرهن في هذه اللحظات، تمنيتُ تحرير جميع الأسرى والأسيرات، من أجلهن ومن أجل عائلاتهن وأحبائهن.

ستفرحين وترتاحين من العناء الطويل!

"فش راحة ياما"، من أين ستأتي الراحة، لا زالت بعيدة عني، لكن على الأقل سأعرف أن ابني قريبًا مني عندما يفرح أو يتألم، أو يوجعه شيءٌ ما، ها هو يقترب من الخمسين وهو الذي سُجن منذ كان يافعًا في التاسعة عشرة من عمره، اليوم تجاوز الرابعة والعشرين من سنوات سجنه، ولم أستطع حتى أن ألمس اصبعًا من أصابع يديه، هذا الألم الكبير الذي يحرقُ أعماقي سيخف قليلاً، لكن الفرحة والانبساط بعيدان عني، هذا كلامٌ "فاضي ياما".

كيف ستستقبلينه؟!

لا أعرف ماذا سيكون رد فعلي، قد اقفز فرحًا، قد امسك به، احضنه، أبكي، أضحك، كلٌ شيءٍ ممكنٌ لحظة اللقاء.

مصدر في حماس: اخطأنا بعدد الأسيرات المحررات

6 أردنيين ضمن المفرج عنهم بصفقة شاليط

عباس: الصفقة جيدة وإسرائيل تريد إضعافي بل ذبحي

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]