سبعة عقود ونيف من النضال والتصدي للاحتلال لم تثنِ الحاج هاني الشيخ زيد عن مواصلة النضال والتصدي للمؤسسة الإسرائيلية الهادفة للاستيلاء على أرضه التي لا يزال يحتفظ بأوراقها الثبوتية الصادرة عن الدولة العثمانية حتى اليوم وبها يصارع الاحتلال.

لا يعلم الحاج هاني كم سيمهله القدر أيضا ليستمر في الصراع حفاظا على حقه، فهو في السادسة والسبعون من عمره، ولد في قرية المنسي المهجرة، وعاش وترعرع في أحضانها تذوق طعم خبزها ونباتها، ولكن المؤسسة الإسرائيلية حرمه من إكمال طفولته في قريته المنسي، التي ما زال إلى يومنا هذا يزورها ويحن إلى ماضيها، بل ويزور بيت والده الذي خرجوا منه ظلما وطغيانا.

وتستمر المضايقات ومصادرة الأراضي، وتستمر معاناة الحاج هاني منيب التي منذ أن ولد وهي تطارده، فاليوم يطالبونه بأراضي هي ملك له، بل وأكثر من ذلك، يطالبونه بثمن كل حبة زيتون قد زرعت قطفت من تلك الأرض، وكأنها لهم، بالرغم من انه يملك الطابو منذ عهد الحكم العثماني ويقول :"لم أرى بحياتي ظلما وقهرا مثل الظلم والقهر الذي تنتهجه دولة إسرائيل تجاهنا، تجاه أصحاب الأرض الحقيقية، ولكني أقول لهم، لا ولم ولن نتنازل عن ذرة تراب من أراضينا مهما عملتم ومهما حاولتم بأن تضيقوا علينا ".

وما زالت قبور أقاربه تشهد حتى يومنا هذا على ماضي وتاريخ حاول المستشرقون من المؤرخون أن يزيفوه ويمحوه، فرغم أشجار الصنوبر المزروعة بأيدي مؤسسة تهويد الأرض العربية "كيرن كييمت" لطمس تاريخ الحاج هاني منيب وأقرانه من المهجرين، إلا أن الأرض قد صرخت رفضا لما حاول أبناء المؤسسة الصهيونية طمسه.

الحاج هاني حنين إلى الماضي وأمل بالمستقبل

يتحدث الحاج هاني عن ماضيه الذي عاشه في قرية المنسي المهجرة قائلا:" أتذكر تلك الأيام واحن إليها، وأتمنى لو تعود ولو ليوم واحد، لأشرب من مياه بلدي التي هجرت منها، كنا نعيش حينها مع اليهود، جنبا إلى جنب، لم نكن نعاني من مشاكل ولا عنصرية، كانت أيام خير، ما أجملها من أيام".

ويتابع قائلا :"شعبنا تعود على عدم اكتمال فرحته، فمنذ أن انطلق العدوان الصهيوني على فلسطين، ونحن نعاني من ظلم وحقد متزايد لم نرى مثله، اذكر في تلك الأيام وعندما انطلقت العصابات الصهيونية المنظمة بمحاولة تهجيرنا من أراضينا قبل عام النكبة، فكانوا يدخلون إلى القرى الفلسطينية ويذبحون العاملين فيها ليجبرونا على التهجير من أراضينا، بل لم يكتفوا بذلك، بل أكمل الانتداب البريطاني في حينها مساندة اليهود الباحثين عن وطن ليؤويهم ومنحهم الأسلحة المتطورة والتي استعملوها ضدنا ليهجرونا من وطننا، والتي ساندتهم فيها بشكل أو بآخر الدول العربية والتي تخاذلت وشاركت بتسليمنا"

وقال أيضا :" اذكر في حينها عندما أتى جيش المناضلين إلى بلدتي " المنسي" ليساندونا ويواجهوا العدوان، وطلبوا منا بأن نخرج من بيوتنا لكي لا نتأذى ونقتل من أسلحة الغدر الإسرائيلية وأكدوا لنا إننا سوف نعود إلى بيوتنا ، وما زلنا ننتظر أن نعود إلى بيوتنا، التي هدمت وطمست، وسنعود إليها مهما طال الزمان".

تزايد المضايقات والمعاناة لأهالي أم الفحم في عام 1949

وأكمل قائلا:" لم تكتفي العصابات الصهيونية التي حلت علينا من حيث لا ندري بتهجيرنا من بيوتنا، بل وفرضت علينا الحكم العسكري ومنعتنا من أن نخرج من بيوتنا بعد العصر، كانت أيام مريرة، لن أنساها في حياتي، واستمرت هذه المضايقات حتى بلغت الثانية عشر من عمري، وتركت تعليمي وذهبت لأعمل لأعيل أبي وعائلتي، يمكنني أن أقارن ما كنا نعاني منه في تلك الأيام في حال أهلنا بالضفة ومعاناتهم للعمل داخل الخط الأخضر، فكان علينا أن نصدر التراخيص والتصاريح لكي نتنقل من مكان إلى مكان".

إما عن عام ال 2000 أي قبل حوالي 11 عاما، يقول لنا الحاج هاني عن ما مر به :" كنا في يومها نزرع الزيتون وهم يطلقون النيران، لم نتراجع للحظة واحدة، قد أصابوا منا الكثير، ولكننا قد تمكنا من إزالة الحكم العسكري عن أراضي الروحة حسب اتفاقية تمت بيننا وبينهم، واعتقد انه لو لم تقم هذه الهبة لما تراجعوا وأزالوا الحكم العسكري عن تلك الأراضي".

الزيارات متواصلة لقرية المنسي المهجرة

ويقوم إنباء عائلة الشيخ زايد بزيارات متواصلة لقريتهم التي هجروا منها، ولقبور آبائهم تأكيدا منهم على عدم تنازلهم عن أراضيهم، وعن حقهم بالرجوع إليها.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]