كنّا نعي قبل وصولنا لبيتها في شفاعمرو أننا بصدد زيارة فتاة شابة تعاني من إعاقة بصرية وتعمل في مجال العمل الإجتماعي، لكننا فوجئنا، رغم علمنا أنها لم تسمح لإعاقتها أن تقف أمام طموحها من أن يتحقق، فوجئنا بها تقف في باحة منزلها في انتظار نزولنا من سيارتنا لكي تستقبلنا بنفسها ..

نزلنا ، اقتربنا منها، صافحتنا بابتسامة ترحيب ودعتنا للدخول، سارت أمامنا دون أي جهد وسبقتنا نحو الباب الرئيسي للمنزل لتفتحه لنا وابتسامتها الجميلة لا تزال تزين محياها بينما تكرر كلمتها :"تفضلوا.."

هذه هي سمر أبو قرشين من مدينة شفاعمرو، الحاصلة على اللقب الأول في التربية وعلم الإجتماع من جامعة حيفا واللقب الأول في العمل الإجتماعي من الجامعة نفسها أيضًا ..

دخلنا إلى المنزل ، جالسناها وكان لنا معها الحوار الآتي:

المواصلات..تعيق ذوي الإعاقة!

استهلت سمر حديثها متحدثة عن ابرز ما تواجهه عند التنقل من شفاعمرو إلى الناصرة (مكان عملها) قائلة:"في الحقيقة ليست هناك صعوبات كثيرة إلا في المواصلات، حيث إنني أضطر للتنقل بشكل يومي بين شفاعمرو والناصرة لكي أصل إلى أماكن عملي سواء كمركّزة لمشروع "النساء والإعاقة" في مركز الطفولة أو كعاملة إجتماعية في البيت الإنتقالي التابع لجمعية نساء ضد العنف، حيث تفتقر البلدات العربية في بلادنا إلى نقص حاد في البنية التحتية في مجال المواصلات الخاصة بالأشخاص مع إعاقة مما يضطرنا إلى تكبد العناء خلال التنقل ، لكن الأمر مستساغ والأمور بخير حتى الآن."

منذ 1996 حتى 2005 رحلة شاقة للبحث عن عمل...!

عن صعوبات تأقلم الشخص مع الإعاقة: "أولاً إن الإعاقة واقع وليس هناك أي عيب في استخدام الكلمة كما يشعر البعض وعلى كل من يعاني من إعاقة أن يعمل بجد على تقبل اعاقته والتعايش معها رغم التحديات خاصة لدى النساء ، فمثلاً إن غالبية النساء اللواتي يعانين من إعاقة لا يغادرن المنزل خشية من مواجهة المجتمع إضافة إلى ذلك فإن فرص العمل قليلة، فإنني أنهيت اللقب الأكاديمي الأول في التربية عام 1996 لكنني لم أنجح في الحصول على العمل إلا عام 2005 وذلك بعد مشوار طويل قطعته في أعمال تطوعية في مختلف المؤسسات والجمعيات اللواتي منحنني شهادات توصية ساهمت في نجاحي في الحصول على عمل ، فقد كنت أواجه تخوفًا من أصحاب اماكن العمل أو التطوع قبل تعييني بحجة انهم لم يتعاملوا مع هذه الوضعية من قبل وعندها كنت اشعر بغضب تجاه المجتمع بسبب اعاقتي خاصة لمن لديهم قلة إدراك تجاهها فيه لكن علي أن أقر أن التطوع كان الحل الأمثل للتنفيس عن هذا الغضب."

لا تخجلوا بابنكم المعاق...!

عن أهمية دعم العائلة في حالة وجود إبن أو ابنة مع إعاقة من أي نوع قالت سمر:"إن الدعم من العائلة والمحيط يعد الأهم لأنه يمنح الشخص ذو الإعاقة ثقة أكبر بنفسه ويضاعف إيمانه بذاته وقدراته ، واسمحوا لي أن أوجه رسالة لكل عائلة يعاني أحد أولادها من إعاقة:"لا تخجلوا بأبنائكم ، وقدموا لهم كل الدعم المطلوب لتخطي الحواجز المجتمعيّة والحياتيّة".

لم تعُد تضايقني تعليقات "المجتمع"...!

هل تتعرضين لمضايقات من المجتمع بسبب وجود إعاقة، سألناها.. ، فأجابت:"بصراحة لم أعد أن أتضايق من مثل هذه الأمور لأنني متفاهمة مع إعاقتي بشكل ممتاز لكن هذا لا يعني أن الأمر كان يزعجني جدًا قبيل فترة من الزمن ، فهناك الكثيرين في مجتمعنا ينقصهم الإدراك والوعي الكافي تجاه الأشخاص مع إعاقة وعلينا مرغمين ، أن نتعامل معهم ونحاول أن نمنحهم فكرة أكثر وضوحًا عن الإعاقة."

فيما يخص طموحها أجابت سمر بعد اطلاقها تنهيدة بدت لنا واضحة :"آمل أن تنتشر مراكز نشر التوعية ومنح الخدمات للأشخاص مع إعاقة، ككل والنساء خاصة ، فالمرأة ، في مجتمعنا، مضطهدة أتوماتيكيًا بسبب الصبغة الذكرية للقالب المجتمعي وأحلم أن ينجحن في المواجهة،  كما أطمح أن أتخصص في موضوع علاجي لكنني لم أحدد في أي اتجاه بعد...".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]