بمناسبة يوم عاشوراء، الذي يصادف اليوم الثلاثاء، التقينا بأحد أبرز الشيوخ الشيعيين، وسنسلّط خلال هذه المقابلة ، الضوء على أقلية من المسلمين في مجتمعنا، قررت وخلال الأعوام العشرة الأخيرة أن تبدّل المذهب السني، وهو المذهب السائد في البلاد، إلى المذهب الشيعي، والمنتشر في عدد من البلدان العربية أبرزها لبنان وإيران والعراق.

وللعلم فقط ، إن الشيعة هو اسم يطلق على ثاني أكبر طائفة من المسلمين.

ويرى الشيعة أن علي بن أبي طالب هو ونسله من زوجته فاطمة بنت الرسول محمد (عليه الصلاة والسلام) هم أئمة مفترضوا الطاعة بالنص السماوي، وهم المرجع الرئيسي للمسلمين بعد وفاة النبي (عليه الصلاة والسلام)، ويطلقون عليه اسم الإمام الذي يجب إتباعه دون غيره طبقًا لأمر من النبي محمد (علية الصلاة والسلام) في بعض الأحاديث مثل حديث "بالثقلين" المنقول عن النبي محمد والذي يستدلون به على غيرهم من خلال وجوده في بعض كتب بعض الطوائف الإسلامية التي تنكر ألإمامه وهو كالتالي: "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما".

وبما أن اليوم ، الموافق السادس من كانون أول ميلادي، تُصادف ذكرى يوم عاشوراء ،بحسب التقويم الهجري، وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي حفيد النبي محمد في معركة كربلاء ,ويعد يوم عزاء وحزن لدى الشيعة في أي مكان في العالم ، التقينا الشيخ احمد شهوان (72 عامًا) وهو شيخ شيعي يقطن في قرية اكسال ، قضاء الناصرة ، زرناه في منزله في القرية وكان لنا معه الحوار الآتي ، الذي تطرقنا خلاله عن أسباب التحول من المذهب السنّي للشيعي. وعن صعوبات تقبل مجتمعنا لفكرة تغيير المذهب الديني ، وعن أبرز سمات يوم عاشوراء وأبرز طقوسه... وعدنا لكم بالآتي...

المذهب الشيعي هو المنبع الصافي...

عن موضوع التحوّل إلى المذهب الشيعي يقول الشيخ شهوان: "في عام 1998 انتقلت من المذهب السني الى المذهب الشيعي، هذا بعد أن سمعت عدة تسجيلات ومحاضرات للشيخ أحمد الوائلي، وفي مناسبات دينية مختلفة".

ويضيف: "خلال فترة من الزمن، قمت بتسجيل كافة محاضرات الشيخ الوائلي وسمعتها مرتين وثلاثة وعندها انتبهت إلى أني مسلم، لكني بعيد عن (الأصل في الإسلام)، ووقتها قررت أن أعتنق المذهب الشيعي على الرغم من أن المذهب السني وبالذات الشافعي لا غبار عليه.

وعن المذهب الشيعي يقول الشيخ شهوان: "جاء اعتناقي للمذهب الشيعي بعد قناعة أنه هو (المنبع الصافي)، فقوله هو قول ابيه وقول جده وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وأضاف: "وفقًا لكتب التاريخ فأن التشيع هو الإسلام ذاته، والمسلم التقي يجب أن يتشيع ويوالي علي بن أبي طالب، وبالتالي فإن التشيع هو ركن من أركان الإسلام الأصيل، وضع أساسه النبي محمد صلى الله عليه وسلم خلال حياته، وأكده قبل موته في يوم غدير خم عندما أعلن الولاية لعلي من بعده".

وقال: "الطوائف الإسلامية الأخرى مستحدثة، ووضعت أسسها من قبل الحكام والسلاطين وغيرهم من أجل الابتعاد عن الإسلام الذي أراده النبي محمد في الأصل، ويقال أنها جاءت بعد الإسلام بـ 150 عاما!".

أن بعض الأحاديث المنسوبة إلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام عارية عن المنطق والصحة في آن واحد...

سألناه إذا كان قد تعمق في المذهب السني ، وإن كان قد قرأ الأحاديث النبوية الشريفة مثلاً ، فأجابنا بثقة:"بالطبع قرأتها ، فإنني مدمن على القرأة والتعمق في كتب الفقه والتفسير منذ زمن ، لكنني وببساطة لم أقتنع بكتابي "صحيح البخاري" و "صحيح مسلم" بعد قرائتهما ، فإنني أعتقد أن بعض الأحاديث المنسوبة إلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام عارية عن المنطق والصحة في آن واحد ، فمثلاً ، يُذكر في أحد الأحاديث أن النبي محمد (ص) قد سابق السيدة عائشة ، رضي الله عنها ، في الشارع...! ، وإذا وقفنا قليلاً أمام هذه الفكرة فلا بد لنا أن نجد أنها خالية من المنطق لأن أي رجل منا لا يقبل فكرة أن يسابق زوجته في الشارع أمام الناس فكيف لُصقت مثل هذه القصة على النبي الكريم قبل 1432 عامًا من اليوم...؟

مع انتهاء سنوات الـ 2000 ،انتشر المذهب الشيعي في البلاد!!

وعن وصول الشيعة إلى بلاد فلسطين علمًا أن المسلمين في فلسطين هم من السنة قال: "في أواخر عام 2000 بدأت مجموعة من الشباب المستبصر بالرجوع إلى (الأصل في الدين) وتحولوا إلى الشيعة، فمنهم المحامين، الأطباء، المدرسين وغيرهم... وأغلبهم من الشباب الواعي والمتعلم".
وأضاف: "مع انتهاء سنوات الـ 2000 ،انتشر المذهب الشيعي في كل فلسطين، في غزة، نابلس، جنين، عكا، حيفا وقرى داخل الـ 48".

ويضيف: "هنالك المئات من الشباب المستبصر الذي أعتنق المذهب الشيعي، حتى أن هنالك أئمة مساجد اعتنقوا المذهب، لكننا لا نستطيع أن نبوح بأسمائهم حفاظًا على حقهم بعدم نشر الأمر لأسباب تخصهم وحدهم".

لا نقوم بضرب أنفسنا حتى إسالة الدماء لفقداننا المرجع!!

عن طقوس إحياء ذكرى عاشوراء قال شهوان:"إنني أستيقظ في مثل هذا اليوم في تمام السابعة صباحًا لأتابع محاضرة تسرد أحداث اليوم من أحداث عاشوراء ، أي حادثة مقتل الإمام ، عبر إحدى القنوات الفضائية الشيعيّة ، لأنطلق بعدها رفقة بعض الشيوخ إلى عسقلان ، مكان الإحتفال ، لزيارة مكان وجود الرأس والذي يقع في ساحة مستشفى برزلاي ، حيث ما نزال نعتبر هذا المكان مقدسًا لنا رغم أن رأس الإمام لم يعد موجودًا هناك منذ الدولة الفاطمية فهو اليوم الرأس مدفون في القاهرة ، وبعد قيامنا بالدعاء نقوم بصلاة ركعتين لننتظر بعدها رفع أذان الظهر ونصليه هو والعصر جمعًا وقسرًا ، لنعود أدراجنا بعدها كل إلى بيته ، ففي بلادنا لا يمارس الشيعة طقس "اللطمية" لأننا لا نملك مرجعًا لكيفية أداء هذا الطقس ، لذا فإننا نكتفي بإبداء الحزن والأسف على الإمام ونقوم بالبكاء على التخاذل في إنقاذ الأمام الحسين، لكننا لا نقوم بضرب أنفسنا حتى إسالة الدماء، للأسباب التي أسلفت بذكرها..."

"شيوخ السُّنة" يدرسون المذهب الوهابي في بلادنا وهذا المذهب تكفيري بالأصل...!

عن أبرز المواقف التي يتعرض لها من قبل المجتمع كونه شيعي قال الشيخ أحمد: "إنني أجد الناس يتقبلونني بشكل جيد فأنا أمارس حياتي الإجتماعية كما يجب ولا تختلف عن حياة أي انسان آخر ، لكنني لا آبه أبدًا لبعض السنيين التكفيريين فإن "شيوخ السُّنة" يدرسون المذهب الوهابي سواء في باقة أو أم الفحم أو أي مكان آخر في بلادنا ، وهذا المذهب تكفيري بالأصل ، لذا فإنني لا أستمع لما يقولونه وأقول لمن يتهمني بالكفر : "تعال وناقشني ولنكتشف من منّا يستندُ على ركائز أفضل.. لكنهم لا يقبلون الحوار ويهربون.."

صدام بيني وبين إمام المسجد في اكسال لأنه يلقي معلومات خاطئة حول الشيعة...!

تابع:"لقد حصل ذات مرة أن واجهتُ صدامًا بيني وبين إمام مسجد في اكسال لأنه يلقي معلومات خاطئة حول الشيعة ،وأكثر ما استفزني يومها أنه قال :"في ليلة عاشوراء يختلط الرجال بالنساء وتطفئ الأضواء وتمارس الفواحش"...! وهذه تهمة مغلوطة لا أقبلها بتاتًا لذا واجهته وطلبت أن يناقشني بالعقل والمنطق وقواعد الدين ليثبت لي أنه على صواب ، وبالفعل حين نفّذ طلبي تبيّن أنه على خطأ ، فاعتذر...

زوجاتي واولادي ليسوا شيعة!

بقي أن نذكر أن للشيخ أحمد شهوان زوجتين و15 ابنًا، لكن ليس جميعهم يتبعون المذهب الشيعي.
الزوجتان لا زالتا تتبعان المذهب السني في الدين، بينما يتبع ثمانية أبناء من أصل الخمسة عشر المذهب الشيعي في دينهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]