انتقد مدير مركز مساواة جعفر فرح سياسة البلدية تجاه المواطنين العرب خلال ندوة عقدت في بيت الكرمة لمناقشة مشاركة المواطنين العرب في احتفالات مهرجان "عيد الاعياد"، كمثال لعلاقات العرب واليهود، وذلك ضمن مشروع "حيفا أخرى ممكنة.. من مدينة مختلطة الى مدينة مشتركة"، والذي تفعّله جمعية شتيل.

ورفض مركز مساواة ومؤسسات مركز الكرمل الحقوقي الثقافي التربوي المشاركة في نشاطات "عيد الاعياد" كونها تسوق لتعايش مزيف يدفع ثمنه المواطن العربي الحيفاوي دون ان يتلقى الخدمات المعيشية المطلوبة. وأكد فرح أن غالبية عرب حيفا تتحفظ من الفعاليات ولكنها لا تعلن مقاطعتها كونه يعود ببعض الفائدة على بعض التجار.

وأكد فرح خلال مداخلته: "ندفع ضرائب بلدية مثل كل المواطنين ولكننا نضطر الى ارسال اطفالنا الى المدارس الاهلية التي تستوعب 70% من اطفال حيفا العرب، ولا نتلقى خدمات دينية حيث ترفض البلدية دعم المؤسسات الدينية، وتقتصر سياسة التخطيط البلدية على تكثيف سكن المواطنين العرب في مناطق محدودة ويقتصر البناء السكني المجاور لمراكز حياة المواطنين العرب على بناء مراكز تجارية وملاجئ للمهاجرين الروس وفنادق في حي الالمانية وحين نفحص مشاريع البنى التحتية بما فيها شبكات الصرف الصحي والشوارع في الاحياء نرى ان المخصص للاحياء العربية لا يفي الحاجة، وفيضانات الشتاء على الآبواب".

زيف التعايش الذي تروج له البلدية

وأحضر فرح نماذج عينية تعتمد على ميزانية البلدية للعام 2011 حيث تخصص البلدية للجمعيات الدينية اليهودية الملايين ولكنها تتجاهل بيت النعمة  كما تتجاهل البلدية بيت الشعب الذي يؤوي ابناء الطائفة الاسلامية في المناسبات الحزينة ولا يتلقى سوى وعودات الدعم. واشار فرح الى نماذج اضافية منها الشارع المحاذي للمقبرة الاسلامية او شوارع حي عباس، والحجوزات التي تنفذ ضد جمعية التوجيه الدراسي فتحت البلدية ملفاتها منذ عام 2003 وقامت البلدية بملاحقة اتحاد الجمعيات العربية مما أدى الى اغلاق مقرها وتركها للمدينة.

كما أكد أن "التعايش يتطلب ان يعيش الطرفان، تعايش الراكب والمركوب مرفوض، ففي المدينة سبعة متاحف، احدها يعمل في بناية تابعة لطائفة البروتستانت ولكن كل المتاحف لا توثق تاريخ المدينة العربي ولا تنشر اعلاناتها في الصحف العربية، والآن تعمل البلدية على بناء متحف للمتدينين وحين طرحنا موضوع المتحف العربي تجاهل الموضوع رئيس البلدية وها هي حيفا تحتفل بمناسبة 250 سنة على تأسيس حيفا الجديدة وتتجاهل البلدية التاريخ العربي وتحتفل مع البهائيين والاتراك والالمان وتفتتح ساحة باريس متجاهلة الحي القديم وساحة الخمرة والحناطير.

هناك بعض المنتفعين العرب حول رئيس البلدية يعملوا على اعادتنا الى أيام "الوسائط" وعرب حيفا أوعى من القبول بالفتات. توزيع عادل لميزانية البلدية ليضمن تقديم خدمات تخطيط وتعليم وسكن وثقافة ورياضة ورفاه اجتماعي وبنى تحتية بما في ذلك الشوارع هو حق لا يمكن تحصيله بالتمني والترجي".

وانتقد فرح نهج بيت الكرمة في السنوات الأخيرة والذي دفع بالعرب خارج دائرة التأثير، مشيرا الى أن العلاقة القديمة بين العرب واليهود في المدينة، بحيث كان اليهودي يملك سلطة على العربي، قد ولّت وحان وقت تغييرها. 

تفتيش مذل وميهن بذريعة الامن

كما وشارك في النقاش مراسل موقع بكرا، والناشط الاجتماعي وابن حي وادي النسناس شاهين نصّار، والذي تطرق في مداخلته للتضييق على حريات السكان أبناء الحي بشكل عيني، مستعرضا أمثلة كيف كان يُطلب منه أن يزيح سيارته من المكان الذي يركنه فيها قبالة منزله في الحي فقط ليفسح المكان لزائري المهرجان للتجوال في الحي، وعدم قدرته على التجوّل في سيارته بحرية أيام السبت خلال فترة المهرجان. كما أشار الى مشكلة وضع رجال امن على مداخل الحي، والذين ليسوا من سكان الحي ولا يعرفون السكان، فيتم تفتيشهم عند دخولهم وخروجهم من هذه المعابر، وقال: "في إحدى المرات وحتى عندما ذهبت لإلقاء القمامة في الحاوية والتي تبعد عن منزلي خمس أمتار، كانوا يفتشّونني تفتيشا أمنيا ويطلبون مني إبراز بطاقة هويتي، وهذا أمر لا يعقل، فأنا ابن هذا الحي ولا يعقل أن يتم تفتيشي لأجل ادعاء الحفاظ على سلامة وأمن زوّار الحي"!!!

وأكد أنه ورغم أنه وبعد مطالبات كثيرة تم حل هذه المشكلة بشكل جزئي، الا أن هذه الظاهرة لا زالت قائمة. وأن حرية الفرد في التنقل تعاني الامرين خلال فترة انعقاد هذا المهرجان.

وأكد نصّار أنه كان من المفروض بالقائمين على المهرجان من لجنة حي وادي النسناس وبلدية حيفا وبيت الكرمة العمل بشكل أكبر على المضامين لهذا المهرجان الذي يستقطب عشرات الآلاف من المواطنين العرب واليهود، ومثال على ذلك أنه بالامكان اجراء جولات للمجموعات التي تصل لزيارة الحي والتجول به، بقيادة سكان الحي لتعريفهم على سكان الحي وتاريخهم وحضارتهم وتراثهم وثقافتهم، مع التشديد على الرواية التاريخية لما حدث في هذا الحي من تهجير واقتلاع وقتل في العام 1948، خلال النكبة، وتجميع الفلسطينيون الباقين في حيفا (كل الـ2300 الباقين من أصل 75 ألف فلسطيني في حيفا) في ما أسماه "جيتو وادي النسناس"، والذي تطوّر ليطلق فيما بعد الشعراء والكتّاب والفنانين والأطباء والمحامين، ليتحوّل للمركز الثقافي للعرب الفلسطينيون الباقين في وطنهم!

البلدية تكيل بمكيالين

بينما أكد فادي نجّار – مالك مقهى ومطعم دوزان في جادة الكرمل (بن غوريون) في حيفا ان البلدية تكيل بمكيالين، فبالرغم من الاتفاق مع البلدية وبمشاركة 13 مالك مطعم في الشارع الذي تحوّل لمركز تجاري هام يرتاده المواطنون العرب في حيفا وبفضل المبادرين لاقامة هذه المطاعم والذين ساهموا في تطوير المنطقة التي كانت خالية من السكان ومهملة بشكل كبير، بخصوص اجراء مهرجان بمناسبة عيد الميلاد وعيد رأس السنة ضمن مهرجان عيد الأعياد، الا ان البلدية قامت في اللحظة الأخيرة بتغيير اسم المهرجان الذي اتفق عليه الى "حام بو"، وهو اسم لا يمت بصلة لمضمون المهرجان الذي جاء ليخدم المواطنين العرب في المدينة ويبرز ثقافتهم واحتفالاتهم بهذا العيد المبارك.

وكانت رولي روزين، مركزّة المشروع من شاتيل قد تحدثت عن بحث أجرته بهذا المضمار، وتطرقت خلاله للعلاقات بين العرب واليهود في المدينة، مشيرة الى أن المدينة منحت المواطنين العرب حقهم في التعبير، بمعنى أنها سمحت لهم بإجراء احتفالاتهم الدينية، ومثال على ذلك مسيرة الكشافات في عيد الأعياد بشكل دوري، أمر قالت أنه ذكّرها بالمسيرات العسكرية في الاحتفالات الاسرائيلية! وأكدت روزين أن هذا المشهد كان جميلا جدا.

كما قالت روزين أن "دولة اسرائيل أقيمت لتكون دولة الشعب اليهودي، وبضمن ذلك ما كان من المفروض إجراء عيد الاعياد، وبالطبع لا احتفالات بعيد الميلاد أو عيد الأضحى. الحقيقة أنه تتم مسيرات كهذه في هذه الأعياد وبشكل خاص في مدينة حيفا، يشير ذلك الى التوتر القائم في هذه الأعياد والاحتفالات"! لكنها اشارت الى أن حيفا باتت مدينة كوسموبوليتية (متعددة الثقافات) تمنح لجميع مواطنيها الحق في التعبير عن ذاتهم. مشيرة في الآن ذاته الى أن المهرجان ونشاطات مماثلة تضعف منطلق ومبدأ "الدولة القومية اليهودية"!

بينما أكد أساف رون مدير بيت الكرمة أن هناك العديد من الناس الذين يعتاشون من عيد الأعياد، وأكد ان بيت الكرمة يحاول دوما أن يشرك المواطنين والجماهير العربية في المدينة ووادي النسناس بشكل خاص، بدائرة اتخاذ القرارات بما يخص عيد الأعياد ونشاطات هذا المركز. وأكد أن هذا المهرجان ينطلق من نية فعلية للتعرف على الآخر المختلف والنية الفعلية بالاحتفال معا وجنبا الى جنب.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]