منذ ثلاث سنوات تقريبا استلم العامل الاجتماعي وديع شحادة مهمة إدارة المركز الشبابي "يوديفات" في حي شرق حيفا، وهو الحي الذي عُرف عنه بكونه حيا يصعب العيش فيه، فهو المنكوب بآفة المخدرات والإجرام، وتكثر فيه بؤر المخدرات والتجارة بالسموم، الجنوح والإجرام والعنف، عدا عن الفقر المدقع الذي عانى منه العديد من سكان الحي.

منذ ذلك الحين حقق شحادة وبمساعدة الجهات الرسمية في المدينة، وسكان الحي على وجه الخصوص، نجاحا جعل من الحي أفضل، لم يعد متعاطي المخدرات ومروجوها قادرون على التنقل كما كان في السابق.

وهنا يقول شحادة "أهالي الحي كانوا يخشون من إرسال أولادهم إلى المركز الشبابي خشية على حياتهم، بسبب وجود مدني المخدرات في كل مكان، لكن الوضع تغيير اليوم بشكل كبير".

ويضيف: " قبل ثلاث سنوات توجهت إلى من يمكنه أن يساهم ويساعد في الموضوع، من بلدية حيفا – قسم الرفاه الاجتماعي، حتى الشرطة ومدراء المدارس، أهالي الحي، رئيس البلدية ومديرة قسم التربية في حينه راحيل متوكي، لتنظيف هذا الحي وتطويره وتغييره، لأن الجنوح والبلطجة لا تأتي من الخارج، وبدأنا بأنفسنا ومن مجتمعنا، من شرق حيفا وحي السوق، وفعلا تجاوب الجميع معنا، وقمنا بعديد من النشاطات، ورشات عمل ومحاضرات عن العائلة، المخدرات، الكحول، مضار المخدرات والكحول، وكذلك نفذنا هذه الفعاليات في المدارس التي يرتادها أطفال الحي، وبدأنا نشعر بالتغيير في شوارع الحي، حتى صار لدينا حديقة جماهيرية والتي تم التخطيط لها مع سكان الحي، ونشكر بلدية حيفا ويافيه نوف على تنفيذ هذا العمل، الألعاب، الحديقة وكل شيء".

الحاجة رحاب: الآن بت مطمئنة على أحفادي

وتؤكد الحاجة رحاب بشتاوي (أم رجا) وهي متطوعة في النادي النسائي، وتسكن منذ 30 عاما في هذا الحي: "أشهد أنه منذ ثلاث سنين، ومنذ حضور وديع للحي، حدثت تغييرات كبرى في الحي.. على الأقل هناك أمان في الحي، نذهب ونأتي، واليوم بت مطمأنة على أحفادي اذا تجوّلوا في الحي أو ذهبوا إلى مكان ما في الحي.. في ما مضى كنت أتخوّف بنفسي من التجوال والتنقل بين شوارع الحي! أنا بنفسي وليس فقط أولادي أو أحفادي، كنت حتى أمنعهم من السير في شوارع وأزقة الحي".

وتضيف الحاجة أم رجا: "نتجمع في الحديقة العامة، نحن نساء الحي، الجارات والصديقات، نلتقي ونتحدث، لا مشاكل ولا شيء، نشعر بالراحة كثيرا.. والمسنات يأتين إلى المركز ونقوم بفعاليات شتى، ما عدا مشكلة الشوارع التي بحاجة لترميمها وتعبيدها من جديد، فالحي بات مكانا أفضل في السنوات الأخيرة".

تيتي: اقتحموا سيارة ابني وسرقوا منها المال

بينما تقول دانا تيتي (40 عاما)، التي نشأت وترعرعت في الحي: "عشت في الفترة العصيبة التي شهدها الحي، فكانوا في الماضي يتعاطون المخدرات في هذا الحي، ولكن التغيير بدأ عندما وصل وديع، والذي نجح بترتيب الأمور وتحسين الأوضاع! في الماضي هذا الشارع كان مخيفا جدا، وكل من كان يزورني كان يستغرب كيف أسكن في هذا المكان؟! في بؤرة السموم هذه".

وتقول: "سبب التغيير في الحي هو التعاون بين المركز وبين الشرطة، فمرّت فترة عدة سنين كان فيها الحي يعجّ برجال الشرطة والمحققين.. وتضيف: "أنا نشأت وتربيت في هذا الحي وربيّت أولادي جميعا هنا، ورغم البيئة الصعبة التي عشنا فيها، الحي تحسّن كثيرا بفضل الجهود الكبيرة التي بذلها وديع وطاقم المركز في هذا الحي.

كان أحفادي كلما أتوا لزيارتي يرون كيف يقعد أولئك المدمنين على المخدرات في زاوية البناية التي أسكن بها ويحقنون أنفسهم بالسموم، هذا المنظر كان مقرفا ومخيفا جدا، ولكن منذ قدم وديع وبالتعاون مع الشرطة والجهات الرسمية الأخرى، تغيّر الحي ولم نعد نرى هذه المشاهد المقززة في رحابنا، كان الحي يعاني من آفة السرقات، فقد اقتحموا سيارة ابني في إحدى المرات وسرقوا منها المال، ولكن اليوم هذه الأمور شبه معدومة".

تحسّن أوضاع الحي

ويتحدث شحادة عن التغيير في الحي والذي بادر إليه بمساعدة السكان، وتحوّل المركز الشبابي لمركز جماهيري بكل معنى الكلمة قائلا: "اليوم أرى أن المركز ليس مركزا جماهيريا فحسب بل أكثر من ذلك بكثير، فبالإضافة إلى كونه مركزا للشبيبة، وتنظيف الحي من آفة المخدرات والكحول والعنف والجنوح، بات مركزا كاملا ومتكاملا للحي، وما نعمل مع هؤلاء الشبيبة؟ فلكي نضع هؤلاء أبناء الشبيبة في الإطار الصحيح ونباشر بتأهيلهم للحسنى".

ويضيف شحادة: "يجب أن نكون على اتصال مع الأهل ومع المدرسة، وهذا ما قمنا به بمساعدة الطاقم لدي، المكوّن من عامل اجتماعي ومرشدين، والمتطوعين والمتطوعات من طلاب جامعة حيفا والتخنيون، الذين يأتون يوميا ضمن دراستهم والوظائف المدرسية، حيث أن هذا الأمر كان مطلوبا بسبب نسبة التسرب من المدارس الكبيرة في صفوف أبناء الحي، ويعود ذلك للعديد من الأسباب، فمن جهة كانوا يقولون أن مياه الصرف الصحي كانت تفيض في فصل الشتاء في هذا الحي ولذلك لا يرتاد الطلاب المدارس، وكان قسما من الأهالي يقول أن الطلاب لا يذهبون لمدارسهم بسبب آفة المخدرات في الحي والمشاكل الكثيرة التي كان يعاني منها الحي، ووصلت الحال لدرجة ان المجرمين كانوا يقتلعون الحليّ من آذان الفتيات ومن على صدور النساء عنوة ويسرقونها، الحالة كانت رعب، فكان معروفا عن منطقة السوق أنه بؤرة إجرام ومخدرات".

غزال: كأب، أرسل أولادي للمركز الشبابي وأنا مطمأن عليهم.

بينما يقول المواطن فهد غزال من سكان حي شرق حيفا، والد لأربعة أطفال أن التغيير: "الوضع الذي كان هنا قبل كان بالفعل مخيفا، شاهدت بنفسي مشاهد من الصعب وصفها، لدي أربعة أولاد يأتون للنادي هنا ويشاركون بالفعاليات شتى، فعندما تشهد التقدم ويقدم المركز المساعدات والفعاليات، أنا كأب اليوم أرسل أولاد للمركز وأنا مطمأن عليهم، ليس كما كان في الماضي، وكلما كانت المساعدات أكثر يكون الوضع أحسن لأولادي ولأولاد غيري".

ترميم الشوارع حواسيب ومواصلات مطالب السكان

ولكن ليس كل شيء على أحسن حال، فالحي ما زال بحاجة للكثير من الأمور والتحسينات والترميمات، فعدا عن بعض الخرابات التي لا زالت موجودة في الحي، وهذا بطابع الحال كونه حيا عريقا عمره أكبر من دولة إسرائيل، لا زالت هناك احتياجات شتى، من ترميم وإعادة تعبيد شوارع، إلى تحسين مظهر الحي كبقية الأحياء العربية الحيفاوية، وافتتاح مركز جماهيري كامل ومتكامل.

وتشير تيتي: "من المشاكل المتبقية هي أن البلدية رممت بعض شوارع الحي، ولكن نسيت أن ترمم المدخل للمركز الشبابي، بحيث أن الحائط الحجري ينهار مع كل مطر يهطل، وتنزلق منه الحجارة والتراب على الشارع وتشكل خطرا على عابري السبيل".

ويؤكد غزال: "الحي بحاجة للكثير من التحسينات والأمور، صحيح أن هناك تحسّن في الحي، ولكن هناك العديد من النقوصات التي يجب توفيرها"، مشيرا أن إحدى المشاكل التي يعاني منها الحي هي انعدام المواصلات العامة من وإلى الحي، الأمر الذي يضطر الأولاد السير إلى الهدار أو القسم الأدنى من الحي بهدف استقلال الحافلات إلى المدارس..

في حين تطلب الحاجة بشتاوي أن يوّفر الحواسيب للمركز الشبابي يوديفات وتعليم سكان الحي استخدام الحاسوب، وبشكل خاص البالغين منهم، فتقول: "أطلب من البلدية حواسيب! وأن يتم تعليم استخدام الحاسوب من الصف الأول وحتى للمسنين! فاليوم في هذا العصر كل حياتنا تدور حول الحواسيب.. ونطالب بدورة لتعليم الحاسوب للبالغين".

وهنا يرد عليها شحادة: "حصلنا على حاسوبين جديدين من صندوق معيّن تبرّع بحاسوبين، وسيصلان في الأسابيع القريبة للمركز، وهذان جزء من 20 حاسوب من المفروض أن نحصل عليهم".

المطلوب الاعتراف بالمركز الشبابي كمركز جماهيري

رغم أن سكان الحي يرون بالمركز الشبابي "يديفات" مركزا جماهيريا بكل معنى الكلمة، فهوي قدم الخدمات لجميع سكان الحي بغض النظر عن عمرهم أو انتمائهم أيا كان، إلا أن البلدية حتى الآن تعتبر المركز مركزا للشبيبة، ورغم أنه كان في ما مضى مركزا للشبيبة في خطر، إلا أن التطوّرات الأخيرة في الحي تشير إلى أنه حان الوقت للاعتراف به كمركز جماهيري بكل ما في الكلمة من معنى، الأمر الذي يعني إضافة الميزانيات والنشاطات والفعاليات بما يعود بالفائدة على السكان أنفسهم.

وهذا الأمر يؤكده شحادة بقوله: "ولكن الناس هنا طبيعية جدا، بعضها يعاني من الفقر الكبير، ولكني أرى أن ذلك بسبب انعدام الدعم الكافي وانعدام التوجيه.. اليوم، هذا الحي آخذ بالتطوّر والتقدم.. اليوم أنا مدير مركز للشبيبة، والذي كان يعتبر مركزا للشبيبة في خطر، أرى بهذا المركز، مركزا جماهيريا لا يستوعب الشبيبة فقط، بل أيضا الأهالي، الأم والأب والجد والجدّة، فلدينا نادي للمسنين ومجموعة أمهات ونساء. المركز لم يعد مركزا للشبيبة، بل مركز جماهيري بكل معنى الكلمة، وتبقى فقط الاعتراف الرسمي بهذا الاسم! وبالطبع زيادة الميزانيات.. نحن واقعيون، الوضع الاقتصادي في العالم اليوم ليس حسنا، ولكن في ظل هذا الوضع وهذا الوعي لدى الشعوب، فلم يعد الناس ترضى بالحال كما هي، وأنا أتمنى أن يصبح المركز مركزا جماهيريا"...

وينهي حديثه بالقول: " شخصيا كنت أتمنى أن أرى الحي أخضرا، أن يكون مشجرا ومزهرا أكثر.. ما المانع على سبيل المثال في بناء ملعب كرة مضرب (تنيس) هنا في الحي للشبيبة؟ فكنت أتمنى رؤية الشباب بالأبيض هنا".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]