بعزيمة كبيرة، جلست الشابة وفاء أبو غلمة تتحدث لمراسل موقع بكرا عن ذكرياتها مع الأسر والسجان الإسرائيلي، وعن معاناتها لسنوات خلت مع زوجها الأسير الشهير بعاهد أبو غلمة الذي تنقل بين سجون السلطة الفلسطينية وسجون الاحتلال.

تقول أبو غلمة لـمراسل "بكرا" في رام الله: "أصدر مدير هيئة الإذاعة الفلسطينية مؤخرا قرار بمنعي من طريقة التواصل الوحيدة المتبقية مع زوجي، وهي الإذاعة بعد منعي لسنوات من زيارته في السجون واحتجازه في العزل الانفرادي بسجن عسقلان لسنوات، بحجة أنه يشكل خطرا على أمن إسرائيل حتى أثناء وجوده في السجن".

وتضيف: "الإذاعة الرسمية حرمتني من وسيلة التواصل الوحيدة مع زوجي، والآن لا أعرف كيف أتواصل مع زوجي، وليس هناك من وسيلة سوى الرسائل المكتوبة التي تحتاج إلى شهور للوصول إلى السجن أن الخروج من زوجي إلينا في رام الله.

أبو غلمة لم تتوقف عند هذا الحدث بل استغلت كل المنابر الموجودة في محافظة رام الله وفي المحافظات الأخرى والتي يستخدمها الأسرى من أجل التصدي لهذا القرار الصادر بحقها وبحق كافة أفراد عائلة أبو غلمة من قبل الإذاعة والذي يمنعهم من التواصل مع أبنائهم في السجون".

وهنا تقول:" أخبرني المسؤولون في الإذاعة أنه توجد قائمة ممنوعة من الاتصال عبر برنامج الأسرى الأسبوعي المخصص للتواصل مع الأسرى وعائلة أبو غلمة بين هؤلاء، لذلك حاولت الحصول على هذه القائمة ولكن دون جدوى لم أجد قائمة بل أنه قرار اتخذ بحق العائلة بشكل فردي من الإذاعة".

إسرائيل تمنع من الزيارة والسلطة تمنع من التواصل

وتضيف " لن يؤثر القرار علي وعلى أطفالي، وأنا أتواصل مع زوجي عبر إذاعات أخرى في قطاع غزة يصل إرسالها إلى سجن عسقلان وأتواصل مع زوجي عبر إذاعات محلية في الضفة أيضا، ولكن في المقابل ليس من حق الإذاعة الرسمية حرمان أهالي الأسرى من التواصل بالتزامن مع حرمان سلطات الاحتلال لهم من زيارة ذويهم".

تحاول أبو غلمة الربط بين حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن التحريض الممارس ضد إسرائيل في الإذاعة الفلسطينية وبين محاولة صوت فلسطين تقليص الساعات المخصصة لبرنامج الأسرى باعتبارهم "إرهابيين" ومنع بعض ذوي الأسرى من النشطاء في الدفاع عن الأسرى من الحديث إلى الإذاعة".

أبو غلمة تتحدث عن معاناتها وطفليها قيس (14 عاما) وريتا (9 أعوام) الذين لا يزورون والدهم ولا يجدون سوى الإذاعة للتواصل معه، تقول: " الأطفال بدأوا يكبرون وأنا بدأت أشعر بحاجتي إلى زوجي بجانبي كي يساعدني في تربيتهم، وهو بحاجة إلى توجيهات والدهم الذي يمكن أن يساعدهم على النمو والتطور بالشكل الأمثل".

من جانبه، نفى مدير البرامج في إذاعة صوت فلسطين احمد زكي ظهر اليوم ما قالته زوجة الأسير عاهد أبو غلمة عن منع الإذاعة لها بالمشاركة في برنامج لابد للقيد أن ينكسر الخاص بالأسرى.

وأضاف زكي في تصريحات صحفية، أن السياسة في صوت فلسطين سياسة واحدة هي إعطاء مساحة متساوية لجميع المتحدثين من ذوي الأسرى في برنامج "لا بد للقيد أن ينكسر"، ولا يمكننا أن نعطي احد أكثر من وقته حتى يتاح لذوي الأسرى جميعهم الحديث في البرنامج وأشار زكي أن أبو غلمة تأخذ حوالي ربع ساعة من الوقت.

وقال زكي أن كثير من ذوي الأسرى يشتكون من عدم قدرتهم على المشاركة بالبرنامج ولذلك فكان لابد من توخي المساواة بالمساحة لكل المشاركين.

وأكد زكي إنهم طلبوا من أبو غلمة أن تقلل من وقت مشاركتها بالبرنامج لفسح المجال لغيرها من ذوي الأسرى للتحدث مع أبناءهم، وانه طلب من مساعدة الإنتاج بتجاوز أي تكرار للمشاركين بالبرنامج حتى يتاح لبقية الأهالي المشاركة.

من هو الأسير عاهد أبو غلمة

وفاء أبو غلمة التي تحدثت لنا عن زوجها قائلة: "إن حياة الأسير عاهد النضالية وملامح وعيه السياسي ظهرت منذ زمن بعيد من خلال ممارسته لنشاطه على أرض الواقع حيث بدأت نقطة التحول في حياته بانضمامه إلي صفوف الجبهة الشعبية عام 1984 فالأسير كان عضو لجنة مركزية عامة بالجبهة الشعبية وعلى إثر ذلك اعتقل عدة مرات على خلفية المشاركة بالمظاهرات والأعمال الاحتجاجية بذكرى انطلاقة الجبهة ، وتضيف وفاء أنه عندما بدأت انتفاضة الأقصى عام 2000 كان له دور نضالي كبير وكان من السباقين في قيادتها وتعرض للملاحقة والاعتقال مراراً من قوات الاحتلال وأدرج أسمه ضمن قائمة الاغتيالات حيث كانت إسرائيل توجه الاتهامات له دائماً .

الاعتقال والمحاكمة

وبسبب انتمائه للجبهة الشعبية تعرض أبو غلمة للاعتقال على يد أجهزة السلطة في الوقت الذي كان مطارداً لقوات الاحتلال بتاريخ 21/ 2 /2002 في مدينة نابلس وتم وضعه في سجن أريحا المركزي ، حيث تعرض أثناء الاعتقال للإصابة بعدة كسور مكث خلالها شهر في مستشفى رام الله ، ثم بعد اجتياحها من قبل قوت الاحتلال تم نقل الأسير إلي مقر المقاطعة في مدينة رام الله إلي أن جاءت الصفقة المشأمة بين السلطة والاحتلال برعاية أمريكية بريطانية نقل خلالها الأسير من مقر الرئاسة في رام الله إلى سجن أريحا تحت حراسة بريطانية أمريكية مقابل فك الحصار عن الرئيس عرفات ومكث هناك 4 سنوات حتى تاريخ 14/3/2006 حيث تمت محاصرة أريحا من قبل قوات الاحتلال ومن ثم تم اعتقاله هو وعدد من الأسرى .

أصعب اللحظات

وتقول زوجته أنه وفور اعتقاله اقتادته قوات الاحتلال للتحقيق العسكري معه تعرض خلال هذه الفترة لكافة أنواع التعذيب الجسدي والنفسي وعن أصعب اللحظات التي مرت عليهم تضيف أن يوم محاكمته كان أصعب الأيام في حياتنا حيث أن حكم المحكمة العسكرية للأسير بالسجن المؤيد وخمس سنوات كان حكماً قاسياً لم نكن نتوقعه لأن الأسير لم تكن له أي اعترافات وتضيف في عام 2010 بدأت رحلة العذاب للأسير مع العزل الانفرادي فقد تم نقله عدة مرات من عزل إلى أخر ليستقر به المطاف إلى عزل سجن الرملة الذي قضى به 6 سنوات استمرت من 14/1/2010 حتى الآن والسبب أنه يشكل خطرا على إسرائيل كما تدعي .

منع الزيارات

وحول زيارة الأسير تؤكد وفاء أبو غلمة أن سلطات الاحتلال ترفض السماح لزوجته وولديه قيس 13 عام و ريتا 9 أعوام بزيارته منذ صدور قرار العزل الأول عام 2010 وتقول أن الاحتلال الصهيوني يفرض إجراءات تعسفية بحق زوجها تطال كل أفراد أسرتها على صعيد الزيارات فهي تمنع زوجته وأبنائه ووالديه وكافة أفراد أسرته من زيارته بحجة أن الأسير هو الممنوع من الزيارة وليست أهله ، وأضافت انه خلال العام الأول من اعتقال زوجها منعتها سلطات الاحتلال من الزيارة وبعد رفع دعوى بالمحكمة حصلت على تصريح زيارة عام 2009 ثم تم سحب التصريح منها عندما كانت متوجهة وطفليها للزيارة وبعد 5 أشهر أخرى حصلت على تصريح أمنى للزيارة لمرة واحدة فقط وسمح مرة واحد لأبنته للدخول لرؤيته وحتى ألان لا يزال ممنوع من الزيارة .

دور الصليب

وحول دور الصليب الأحمر في التدخل لإنهاء معاناة الزيارة تقول زوجته أن الصليب الأحمر دوره تنسيق وتسهيل الأمور التي المشاكل فيها بين الاحتلال وبيننا مؤكدة أنها لا تعرف أخباره إلا عن طريق المحامين والرسائل التي تأتي بين الحين والأخر ، وعن الأعياد والمناسبات تضيف أنه لا يسمح لهم بزيارته أيضاً لأن الاحتلال لا يفرق بين يوم عيد ويوم عادي أخر ، قائلة أنه قد مر علينا 4 أعياد لم نزره مضيفة إننا لا نشعر بطعم للأعياد والمناسبات في غيابه .

معاناة أهل الأسير

وعن أصعب اللحظات والمعاناة التي تواجهها وفاء مع أبنائها فتقول أن كل لحظة لا يوجد فيها عاهد بيننا صعبة علينا فنحن نتذكره في كل لحظة فوجوده حاضراً في بالنا وفكرنا دائماً أنا وأبنائه ووالديه ، فأبنائه يشعرون دائماً بافتقاده لهم ، مضيفة أن تفاصيل حياتنا كلها معاناة في غيابه ، فأبنائه ينظرون إلى باقي الأطفال ويتمنون لو أن والدهم معهم في الأعياد والمناسبات ، فكل يوم هو صعب علينا مؤكدة في الوقت نفسه انه رغم شعور أبنائي بحرمانهم من وجود الأب إلا أنني لم أواجه مشكلات صعبة مع أبنائي فهم رغم غياب والدهم محتضنين من قبل أهلي وأهل زوجي فهناك تعاون أسري كبير بيننا ، وإنني ابذل كل ما بوسعي لكي أقضى أكثر وقتي مع أبنائي وأعوضهم عن غياب والدهم رغم أن ما أفعله لن يغنيهم عن حنان الأب ووجوده وسط عائلته لأن له خصوصيته ووضعه الخاص .

تلك هي جزء من معاناة حياة الأسرى وذويهم ، ووفاء أبو غلمة حالها كحال نساء أجبرتهن الحياة على تحمل المسؤولية الكاملة عن عائلة وتربية أطفال فإيمانها بقضيتها والقضية التي سجن من أجلها زوجها يفجران الأمل في كل دقيقة برؤية الأحبة ، ورغم ذلك يبقى الأمل موجوداً في عينها وعيون أطفالها ببزوغ فجر مليء بالأمل والحرية لكافة الأسرى .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]