صادقت محكمة العدل العليا قبل حوالي الشهرين على قانون المواطنة المؤقت منذ العام 2003، والذي يتسم بالعنصرية البحتة، بحيث يمنع العائلات العربية الفلسطينية من حقها الطبيعي في العيش الكريم.

ويمس القانون بحق الاف العائلات العربية التي اختارت شريك لحياتها الزوجية من مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وعدد من الدول العربية. ويفرض القانون حصار على المجتمع العربي في اختيار شريك حياة ويمنعهم من اختيار شخصي وفردي. ويؤدي القانون الى فصل فعلي بين ابناء العائلة الواحدة حيث يسمح القانون بدخول الزوج او الزوجة من المناطق المحتلة بأذن من المخابرات وقوى الأمن، دون اعطاء حقوق المواطنة الكاملة.

وفي تحليله لقرارات محكمة العدل العليا في الفترة الأخيرة أكد مركز مساواة ان اليمين العنصري قد سيطر على المحكمة العليا وينفذ القضاة توجهات الفصل العنصري من خلال قرارات قضائية تنتهك الحريات وحقوق الأنسان. وكانت العليا قد رفضت في الأسبوع الماضي التماس أخر ضد قانون النكبة بحجج تقنية وها هي تقرر هذا الأسبوع في ملف قانون المواطنة بعد مداولات استمرت لأكثر من سبع سنوات.

يوم السبت الماضي، وبعد تأجيل المظاهرة التي كان مقررا لها أن تتم على مدخل مدينة أم الفحم بسبب أجواء الطقس العاصفة، قررت الشبيبة الشيوعية في عكا أن تتظاهر ضد القانون العنصري، فاجتمع العشرات على دوّار المدفع في عكا، رافعين شعارات كتب عليها: "حاربوا قانون المواطنة الاسرائيلي"، "أنا من عكا، جنين، رام الله، غزة، نابلس، الناصرة، كفر قرع، اللقية، من كل بلاد فلسطين"، "لن نرحل ولن تهدموا عائلتي، صمودا صمودا"، "بدي أبوي رامي عدوان"، "نرفع صوتنا ضد قانون المواطنة"، "لا لقانون المواطنة العنصري"، وغيرها من الشعارات الهادفة.

من جهته يقول الطفل يزن عدوان من المكر: "أمي من المكر ووالدي من مصر.. أريد والدي... أريد أن يعود والدي الذي لم أره منذ سنة. أنا مشتاق لوالدي.. اليهود ظالمين لأنهم حرموني والدي، وأن يأتي والدي الى هنا... أتضايق كثيرا لأن والدي ليس هنا، أولاد صفي جميعهم يلتقون بأبيهم يوميا، وأنا لا"...

أما هيام أحمد حمّاد من برطعة – متزوجة من ابن عمها في عكا فترى بالقرار منع لم الشمل بينها وبين عائلتها ووالدها الذي تحبه كثيرا، اذ أنها متزوجة من قريبها وابن عمها، وتقول: "أنا من الأردن ولكن زوجي اسرائيلي، أنا ولدت في الأردن ولكن والدي بجيل 18 سنة اتركب خطأ بهربه في العام 1967 الى الأردن، بعدها بسنين طويلة جئت الى هنا وتعرفت على أولاد عمي، ومن يوم أن تزوجت منعوني من السفر، لم يقبلوا أن أسافر الى الاردن ولا أن يأتي والدي لزيارتي هنا، منذ 15 عاما لم أرَ والدي.. املك هوية حمراء انتهت صلاحيتها في العام 2000، ومذ ذاك الحين لا يجددونها لي. أنا أم لخمسة أولاد وبنت، ولا اقدر أن أزور أهلي، بينما أولادي مسموح لهم.. حياتي عادية حاليا، ولكن لا أملك تأمين وطني ولا يعطونني هوية اسرائيلية، وجودي هنا غير قانوني بتعرفيهم.. أشعر أن هذا القانون ظالم فرأيت أن آتي الى المظاهرة لأعبر عن رأيي وأحكي ما في قلبي... هذا القانون عنصري جدا، أنا موجودة هنا منذ 15 عاما.. ومنذ 15 عاما يمنعون مني حقوقي، وأهمهم هو أن أسافر لألتقي بوالدي.. هذا القانون يمنع عمليا عودتي الى البلاد في حال سافرت"..

من جهته يؤكد عضو بلدية عكا أحمد عودة: "هذه المبادرة مباركة، أعتقد أنه يجب أن نقول كل الاحترام لكل من استطاع أن يصل الى هنا في هذه الأجواء ويقف هنا على الدوّار، العدد ليس بقليل، هذه بداية وآمل أن يكون عدد المشاركين أكبر بكثير في المرة القادمة. الأهم هو أننا وقفنا هنا وقلنا كلمة واضحة لكل العنصريين في الكنيست، رئيس الحكومة ووزراءه العنصريين، ووزيره المهاجر أفيجدور ليبرمان، فنحن نقولها بشكل واضح أننا لن نتنازل عن هويتنا ووطنا، هذا وطننا وونبقى به. أعتقد أن الحكومة والوزراء يخافون منا أكثر مما نخشاهم، نحن سنبقى هنا، وطوال الوقت كان الوضع كذلك، ولكن بالمجمل نحن نبقى هنا وسنناضل ضد السياسة الفاشية الاجرامية وسنبقى هنا. سنصعّد الخطوات، هؤلاء الأولاد والعائلات سيبقون هنا، واذا تطلب الأمر سنتصدى بأجسادنا لطردهم من هنا، لن نسمح لهم بتشريد هذه العائلات".

بينما يقول المحاضر في كلية الجليل الغربي تيسير خطيب، والمتزوج من لانا التي تنحدر من جنين: " الحب أعمى ولا يعرف الحدود ويجب أن يبقى كذلك، ويجب أن تحب الناس بعضها وتتزوج... أعرف ثلاثة أشخاص مقربين مني، كانوا مقبلين على الزواج في رام الله وجنين وطولكرم ويرغبون بالعيش الكريم مع زوجاتهن هنا.. الناس لا يهمها القانون هذا القانون العنصري لا يمكن التعامل معه الا بدوسه ومقاومته.. طالما الناس تزوجت وأكملت حياتها الطبيعية، وكما قلت مرة، هذا القانون نهايته في مزبلة التاريخ، هذا القانون مصيره الالغاء"!!

ويقول في رد على سؤال: "نحن نمارس حياتنا بمحدودية نوعا ما، والتي تصل لدرجة الشلل في مرحلة ما، لأنه فقط النصف فعّال، فأنا أعمل وأنا أعيل العائلة، بينما لانا التي تملك القدرات كلها يمنعونها من تفعيل هذه القدرات، ولا يمكنها أن تحقق ذاتها.. بإمكانها العمل وأن تكون فعالة جدا في المجتمع وأن تخدمه، ولكنها مقيّدة حاليا.. أدعو كل شخص اذا كان يعيش علاقة حب، ألا يتنازل وألا يخسر علاقة حبه لأجل هذا القانون الفاشي الذي نهايته الى مزبلة التاريخ. فنحن نعرف أن هذا القانون وأنا على يقين أن هذا القانون سيُكسر وينتهي في يوم من الأيام"..

وتطلعنا زوجته لانا خطيب على المشاق والمصاعب التي تواجهها في حياتها اليومية حتى بدون سن هذا القانون العنصري، والذي يضع حدا للحياة بالنسبة لها قائلة:

"هذا القانون يمنعني من أي حقوق، فأنا أسكن هنا مع زوجي منذ ستة سنين بناء على تصريح دخول يتجدد سنويا، ولكن لا أملك أي حقوق هنا. لا أملك تأمينا صحيا، ولا أي حقوق. أنا اليوم أشعر بالخوف من هذا القانون، لأنه بمقدورهم أن يقرروا في أي لحظة أن يسحبوا التصريح الذي أعطوني اياه وأن يقولوا لي أنه عليك العودة الى جنين، واذا اضطررت للعودة سأضطر للانفصال عن زوجي واولادي، وهذا أمر لا أتحمله. في المنزل زادت عصبيّتي بسبب هذا القرار.. في السابق كان ابني يقبلني مرة في اليوم ربما، ولكن منذ أن صدر قرار محكمة العدل العليا يقضي النهار بأكمله وهو يقبلني، فهو شاعر بهذا الأمر...

أنا مهددة بالطرد بأي لحظة هنا.. بالنسبة لي لا يهم، سأعود، فعكا بلدي، اليوم عكا بلدي.. صرت جزءا من المجتمع هنا، ولكنهم يمنعونني من أن أكون فعّالة بهذا المجتمع. أنهيت دراستي في إدارة الأعمال وعملت قبل أن أتزوج 3 سنين في مكتب صحي في جنين، ولكن هنا لا يمكنني العمل.. أملك رخصة سياقة ولكن لا يسمح لي بالسياقة هنا، فحتى لا يمكنني أن آخذ أولادي الى حديقة الالعاب... كنت بحاجة لعلاج في الحمل، ولكن بسبب انعدام التأمين الصحي كلفني الأمر حوالي 12 ألف شاقل خلال الحمل بابني وابنتي، ليست هذه الحياة التي تتمناها اي فتاة كانت"..

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]