ناقشت ندوة أقيمت في مركز مدى الكرمل للدراسات التطبيقية في حيفا ندوة بمشاركة باحثات ومختصات ومتضررات من قانون المواطنة العنصري، رحّبت الدكتورة نادرة شلهوب – كيفوركيان مديرة وحدة الدراسات النسوية في مركز مدى الكرمل، بالحضور الذي كان بغالبيته من النساء والمتحدثات أجمعين، مهنأة نساء العالم وفلسطين على وجه التحديد بمناسبة حلول هذا اليوم، آملة أن يكون العام القادم أكثر خيرا للنساء.

خطيب: زواج بالمراسلة


من جهتها تحدثت لانا خطيب، المتزوجة من المحاضر تيسير خطيب من عكا، عن معاناتها الكبيرة والعميقة عن عدم منحها المواطنة في إسرائيل، فقط لأنها من الضفة، مطالبة بإلغاء قانون المواطنة العنصري.

وتقول لانا: "عند زواجي أعطوني تصريح ليومين، والذي كان عمليا يوم زفافي، لم يسمحوا بدخول أي من عائلتي إلا أنا وأمي. تزوجت في عكا وفي اليوم التالي اضطررت للعودة إلى بيت أهلي، فقضيت شهر العسل في جنين عمليا.. زوجي لم يكن باستطاعتها ترك والدته التي مرت بظرف صحي صعب، وبيني في جنين. القضية كانت طويلة، فكنت أزوره يومين في عكا وهو يأتي لزيارتي في جنين، فكنا نلتقي مرتين في الأسبوع فقط".

وتضيف "وإحدى المرات عندما خالفت تصريح الدخول، وبقيت يوما إضافيا في بيت زوجي، دقّت الجارة باب المنزل طالبة بعض الملح، وما ان سمعت دقة الباب "هبط قلبي" فمباشرة اعتقدت أنهم أتوا لأخذي وإعادتي الى جنين.. في إحدى المرات خرجت مع زوجي لاحتساء القهوة في حيفا، عند رجوعنا أوقفنا رجال الشرطة وطلبوا بطاقة هوية زوجي، لحسن الحظ لم يطلبوا بطاقتي، وما إن واصلنا سيرنا حتى انفجرت بالبكاء، لم يعد باستطاعتي أن أحبس مشاعري.. بعد سنة تقريبا من هذه الحالة، تم تعديل القانون، فأصبح أنه بإمكان الفتاة التي عمرها أكبر من 25 سنة أن تعمل لم الشمل، قدمنا للمعاملة، وأصدروا هذا التصريح، ولكن هذا التصريح يسمح لي بأن أشرب وآكل فقط، لا أملك أي حقوق في هذه البلاد".

عدد كبير من نساء النقب بلا أي مكانة قانونية ولا جنسية

بينما تحدثت المحامية بانة شغري بدارنة، من جمعية حقوق المواطن هي أيضا عن تجربتها الشخصية قائلة: "كوني ابنة لعائلة هي توحيد بين فلسطينيين في الداخل والخارج، هذه التجربة الشخصية، دفعتني منذ بداية دراستي القانون، لمتابعة عمليات منح وسلب الجنسية للفلسطينيين، وأولى خطواتي العملية في جمعية حقوق المواطن كمتدربة كانت في هذا المجال، وجدت ظرفا فيه أوراق لونها باهت، فسألت عنه، وما ان فتحته وجدت فيه أوراقا لحوالي 50 شخصا، من بدو النقب "بدون جنسية" وغالبيتهم نساء. ولا أحد يعرف كيفية التعامل بهذه القضية".

وأضافت في حديثها عن الجانب القانوني: "دمج القانوني "المواطنة" و "العودة" חוק האזרחות וחוק השבות، يعطينا صورة واضحة جدا، بحسبها الجنسية الاسرائيلية تُكتسب أولا بعودة اليهود، أي أن لكل شخص يهودي الحق فورا، بناء على طلبه وبمجرد أن تدوس قدمه أرض بلادنا أن يحصل على الجنسية الاسرائيلية. بل أن اليهود الذين كانوا يسكنون فلسطين فترة الانتداب البريطاني وما قبل ذلك تحوّلوا وبشكل رجعي لحاملي الجنسية الاسرائيلية من لحظة سن هذا القانون في العام 1952. بينما الفلسطيني الساكن في أرضه وبلده عليه أن يمر بتجربة مريرة من البيروقراطية والمستندات، فكانت هناك حاجة لتوفر شروط معينة تتعلق بتواجد هذا الشخص في منطقة معينة وفترة معينة وتسجله بهذا التاريخ ليتمكن من اكتساب الجنسية الاسرائيلية. بهذه الطريقة وُلدت معضلة الحاضرين غائبين.

عدد كبير من النساء في النقب أصبحوا بلا أي مكانة قانونية ولا جنسية بمجرد أن أهاليهم لم يفكروا بحاجة تسجيلهن لكونهن فتيات، أو لأنهن كانوا أرامل أو مطلقات ولم يكن لديهن من يقلهن للتسجل في وزارة الداخلية. كل من يولد لمواطن إسرائيلي يتحوّل لحامل الجنسية الاسرائيلية في حال وُلد في إسرائيل، واذا وُلد خارجها، الجيل الأول يحمل الجنسية الاسرائيلية بينما الجيل الثاني لا يحملها".

وتابعت شغري: "مرحلة التجنس وسلب الجنسية، الاحتلال عام 1976 لمناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، فتح هذا الأمر المجال أمام لقاء العائلات المتجدد، ولكن العديد من العادات العربية ترى أن التزواج بين الأقارب هو أمر مقبول. بحسب القانون يجب أن يحصلوا على الجنسية، ولكن هنا استفاق الغول الديمغرافي من سباته، وبدأوا بالتفكير كيف يمنعونهم من حقهم بالجنسية، وهنا بدأت الآليات البيروقراطية، في محاولة للحفاظ على يهودية الدولة ومن ناحية أخرى على قانونيتها، فلم يسنوا القانون مباشرة، وإنما باشروا باستخدام آليات مبهمة بيروقراطية لإعطاء الجنسية أو سلبها. والبداية هي ببناء تحالف غير مرئي بين العادات الأبوية الفلسطينية والقانون الإسرائيلي، وبحسب هذه العادات تنتقل المرأة للعيش عند زوجها، وبالتالي مباشرة كل امرأة حاملة للجنسية الاسرائيلية تتزوج من فلسطيني يفترضون أنهما يسكنان في الضفة، وبالتالي لا يمكنها أن تطلب التجنّس لزوجها، من المفروض أنه بحسب القانون الطريق سهلة لنيل الجنسية، ولكنها سهلة لليهودي فقط! المرأة الفلسطينية ليس فقط أنه لم يكن بإمكانها نقل الجنسية لزوجها أيضا، بل أنها كانت تُطالب بالتنازل عن جنسيتها من قبل الحاكم العسكري في الأراضي الفلسطينية المحتلة. بهذه الطريقة، آلاف النساء الفلسطينيات اللاتي يحملن الجنسية الإسرائيلية أجبرن على التنازل عن جنسيتهن، وقّعوا على ورقة. بالنسبة لهن أعطوا الهوية الزرقاء وحصلوا على البرتقالية، ولكن في الواقع باتوا بلا جنسية"!!

وهنا ذكرت ملف دنيا عابد، لأنه يلقي الضوء على ترسيخ واقع المرأة المتدني، والتحالفات بين الدولة والحاكم العسكري والمجتمع الأبوي. مؤكدة أنه في ملف دنيا عابد تم كشف هذه الحقيقة!

دنيا عابد وسلب الجنسية!!

وقالت: "دنيا عابد هي إحدى النساء اللاتي إما تطلقن أو ترملن وفي التسعينيات عدن الى بيت أهلهن مع أولادهن ووجدن أنفسهن لاجئات في بيتهن. وجدن أنفسهن بدون حقوق هنا، وحتى أن أولادهن لا حقوق لهم في هذه البلاد. فتوجهت للقضاء الإسرائيلي، الذي يظهر أنه ليبرالي في مواضيع كثيرة ولكن ليس في هذا الشأن! بالذات عندما يتعلق الأمر بالأرض والهوية... خلال خمس سنين حتى عام 2002، وبيروقراطية عديدة وأوراق ومستندات كثيرة. قررت المحكمة أنه "هذا كان المسار، هذا كان الوضع القانوني، من عادت الى إسرائيل وترغب باسترجاع الجنسية الاسرائيلية، عليها أن تقدم طلبا تطلب فيه الجنسية الاسرائيلية... وعمليا لا نرجعها بأثر رجعي، بل نعيدها بحسب رغبتنا. أولادك؟ من هو تحت سن الـ14 يمر بالمسار ذاته، ومن هو فوق الـ14 فقد فات الأوان... هذا الملف أنتج بما يسمى بمعايير دنيا عابد في وزارة الداخلية"....

زهر: نحن نتحدث عن حق متساوي في المواطنة لكل مواطن عربي أو عربية داخل الخط الأخضر

أما المحامية سوسن زهر من مؤسسة عدالة فقالت في مداخلتها عن قانون المواطنة : "هذا القانون بصيغته من العام 2003، يمنع دخول أي فلسطيني أو فلسطينية من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى إسرائيل بهدف لم الشمل. عمليا هذا بحسب ادعاء الدولي بهدف أمني، ومحاولة السيطرة على دخول الفلسطينيين الى داخل الخط الأخضر، وبالتالي منع الفلسطينيين والفلسطينيات من استغلال وجودهن هنا ومنحهم الجنسية لتنفيذ عمليات أمنية وعسكرية. في عدالة وبجمعيات حقوقية أخرى قدمنا التماسات كثيرة من قبل أشخاص وعائلات متضررة وجمعيات حقوق انسان التي هاجمت دستورية هذا القانون. فالدولة حاولت الادعاء أنها لها السيادة كدولة كأي دولة أخرى أن تحدد من يدخل أرضها ومن لا. ولكن الخطأ في هذا الموضوع، أنه لا يدور الحديث فقط عن سياسة هجرة، وانما عن حقوق بالمواطنة. فنحن نتحدث عن حق متساوي في المواطنة لكل مواطن عربي أو عربية داخل الخط الأخضر، ليختار من يتزوج، من يحب وأين يعيش"...

حزّان: الخطر الذي يتعرض له أهالي القدس هو خطر مُضاعف!!

في حين قالت المحامية منال حزّان في حديثها عن مكانة المواطنين المقدسيين الفلسطينيين: "القضية الديمغرافية كانت أولا استيعاب أكبر عدد ممكن من اليهود، واليوم نحن بصدد سياسات هجرة وتهجير. هذا القانون هو سياسة تهجير، وهذه السياسة ملموسة جدا في واقع القدس. ففي القدس، كونها بلدا محتلة من العام 1976، ومشاكل أهل القدس تبدأ بتعريف مكانتهم القانونية عام 1976. لأن دولة اسرائيل قامت بضم الأرض ولم تقم بضم الناس. السيادة والقانون الإسرائيلي تسريان على القدس، ولكن لا تسري على السكان. فمنحتهم إسرائيل مكانة الإقامة الدائمة، وهي مكانة مقدسة من حيث الحقوق ومكانتها. فبما يتعلق بقانون لم الشمل، وقانون التجنس والدخول إلى إسرائيل، القانون يتحدث عن الدخول إلى إسرائيل، وكأنني كفلسطيني لست من أهل هذا البلد".

وتابعت: "القوانين تتحدث عن الأجانب، فالتعامل مع الفلسطينيين بحسب القانون هو كأجنبي، ويجب ألا ننسى هذه الذهنية. بالنسبة لهوية القدس ومكانة الإقامة الدائمة التي منحت لأهالي القدس، خطورتها في إمكانية سحبها. وهوية القدس تُسحب في حالة مكث الشخص لمدة سبع سنوات خارج إسرائيل، أو حصل على مكانة إقامة دائمة في دولة أخرى. خارج البلاد معناه أيضا بيت لحم ورام الله، والقدس مرتبطة بعلاقة وطيدة بالضفة الغربية، فبالتالي نتحدث عن حالة خصوصية أكثر عندما نتحدث عن نساء القدس. فالقدس مربوطة بالضفة من ناحية الروابط العائلية، الاقتصاد، المدارس، الثقافة، الجامعات، ومن جميع النواحي وأي شكل من أشكال الحياة اليومية. وحتى ما قبل بناء الجدار كانت الطريق مفتوحة، وكانت الإمكانيات متوفرة للتنقل بين القدس ومدن الضفة الغربية المجاورة. بمنظور لم الشمل، عندما لا أملك إمكانية ممارسة حقي العائلي داخل القدس بسبب قانون لم الشمل، فأنا مجبور إما أن أعيش داخل القدس بشكل غير مشروع من قبل الدولة، أو أن أهاجر إلى رام الله أو أي مدينة أخرى في الضفة والانتقاص بالتالي بحقي في الحياة، بل أني معرض لسحب هويتي. أي سحب مكانتي القانونية الوحيدة التي هي أصلا منتقصة. وما أن فقدت هويتي المقدسية، وبموجب اتفاقيات أوسلو، وعدم مقدرة السلطة الفلسطينية أن تصدر لي هوية فلسطينية، أنا أصبحت عديم المكانة القانونية، عديم الهوية... وهنا الخطر الذي يتعرض له أهالي القدس هو خطر مُضاعف".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]