أشاد مدير مستشفى رمبام في حيفا بروفيسور رفائيل بيار بالارتفاع الملحوظ الذي حققته حملة التوعية وتشجيع المواطنين في البلاد على التبرع بالأعضاء، مؤكدا على ان المجلس الوطني للتبرع بالاعضاء بدأ يلحظ ويلمس هذا الارتفاع الذي ينعكس بلا شك في انقاذ حياة العديد من المرضى المدرجة أسماؤهم على قائمة انتظار اعضاء من متبرعين.

وقد قام مراسلنا هذا الاسبوع بزيارة لمستشفى "رمبام" في حيفا، وهو أكبر وأهم مركز طبي في منطقة الشمال وأجرى المقابلة التالية مع مدير المستشفى بروفيسور رفائيل بيار حول أهمية التبرع بالاعضاء لمنح الحياة للآخرين بعد الموت.

* لماذا يتوجب على المواطنين ان يكون لديهم الاستعداد للتبرع بالاعضاء؟

د. بيار: التبرع بالاعضاء هو واحد من المجالات الطبية التي يمكن من خلالها انقاذ حياة اشخاص آخرين أو إطالة أعمارهم، مع الحفاظ على طبيعة حياة عادية، وليسوا قلائل هم الاشخاص من سكان اسرائيل والعالم الذين أكملوا حياتهم لسنوات مديدة بشكل شبه طبيعي بعد ان كانوا أمواتا أو على وشك الموت. والحديث طبعا عن زراعة قلب أو رئتين أو كبد وكلى وبنكرياس وغيرها. والتبرع هو عملية استئصال عضو من شخص ميت - واؤكد على كلمة ميت – وزرعه في جسد شخص محتاج لهذا العضو كحاجته للحياة. واليوم يشهد مجال زراعة الأعضاء تطورا هائلة ويحقق نتائج جيدة جدا بفض الأجهزة الطبية والتقنيات الحديثة المستخدمة في زراعة الأعضاء. ولكن الأهم من ذلك هو ان نذكر بأنه ليس للشخص المريض بديل آخر لإنقاذه من الموت سوى زرع العضو المناسب له.

* كم عدد الاشخاص الذين يموتون خلال فترة انتظار الاعضاء؟

د. بيار: لدينا سجلات مفصلة ولكنني لا اذكر بالتحديد، يمكنكم التوجه الى تمار اشكنازي مديرة المركز الوطني لزراعة الاعضاء للحصول على معطيات دقيقة (وقد توجهنا بالسؤال الى تمار اشكنازي التي قالت انه في العام 2010 توفي 124 شخصا وهم ينتظرون اعضاء من متبرعين، وقالت ان عدد المدرجة اسماؤهم على قائمة انتظار الاعضاء تعادل 117000 يموت منهم ما بين 100 -150 سنويا). ويقول د. رفائيل بيار ان هنالك نقص في عدد المتبرعين بالاعضاء، وهي المشكلة الوحيدة التي تواجه مجال التبرع بالاعضاء وهي ان هنالك متبرعين بالاعضاء ولكن بنسب لا تفي بالحاجة، وللاسف فإن الوعي لاهمية التبرع بالاعضاء في المجتمع الاسرائيلي غير كاف على الرغم من النقلة النوعية التي حققتها الحملة على تشجيع التبرع بالاعضاء هذا العام والتي رفعت نسبة الاشخاص الذين ابدوا استعدادا للتبرع بالاعضاء من 45% الى 55% وهو ارتفاع جدي ومشجع، ونحن نعرف ان كل شخص حي قد ابدى استعدادا للتبرع بأعضائه بعد موته، من خلال البطاقة الخضراء (بطاقة أدي) انما هو يسهل على العائلة اتخاذ القرار بشأن التبرع بأعضاء فقيدها، والعائلة بالطبع تحترم رغبة الميت اذا كان في حياته قد اتخذ قرارا بالتبرع بأعضائه ولا تعارضها الا في حالات نادرة جدا.

* من اين تنبع المعارضة وما هي اسباب الرفض للتبرع بالاعضاء؟

د. بيار: هنالك عدة اسباب اهمها الموانع الدينية والايمان بضرورة كمال الجسد، واحيانا لمجرد الاعتراض غير المبرر، وهذا الاعتراض ينسحب على كل الثقافات حتى الاوروبية، فهنالك دول تصل فيها نسبة الموافقة على التبرع بالاعضاء الى 80% ودول اخرى لا تتعدى النسبة فيها الـ 30% قد يكون الامر متعلقا بمعتقدات دينية، ولكن ليس هذا بالضرورة فكل الديانات تؤيد التبرع بالاعضاء ما دام التبرع يهب الحياة للآخرين. ولكن تنظيم عملية التبرع بالاعضاء هي عملية معقدة جدا، وتستدعي التنسيق بين كل مستشفيات البلاد وطواقمها الطبية، ويتوجب على كل المستشفيات ان تحدد اولويات للاشخاص الذين هم بحاجة الى اعضاء، وبالمقابل ان يعملوا على ملاءمة اعضاء الشخص المتوفي مع المتلقي اينما كان في مستشفيات البلاد، لذلك فانه يجب ان تتوفر كل المعلومات عمن هم على قائمة الانتظار، واجراء كل فحوصات الدم والانسجة لهم، ومن ثم يجب التنسيق بين الجميع في كل عملية حالة موت، ومن يقوم بهذا العمل المتشابك والمعقد ويتولى مهمة التنسيق بين المرضى والمستشفيات هو المركز العالمي للتبرع بالاعضاء الذي يعمل بشفافية تامة، ويساوي بين مريض وآخر، حسب المعطيات الطبية بشكل بحت.

* هل كل انسان يستطيع التبرع بأعضائه؟ وفي اية مرحلة تحدد لحظة استئصال الاعضاء من الجسم وزرعها في آخر؟


د. بيار: الامر يتعلق بالوضع الصحي للمتبرع، هنالك اشخاص يتوفون عن عمر 80 او 90 عاما، واعضاؤهم لا تكون مناسبة للتبرع بها، وتكون هذه الاعضاء مريضة او مصابة، لكن عملية التبرع نفسها يمكن ان تكون في سن 70 اذا كانت الاعضاء سليمة، وهنالك برامج معينة يتم العمل بموجبها، وهنالك بعض الاعضاء تكون صالحة للعيش 100 سنة، ولكن كل الاجدر ان نقول بانه يتم تقييم كل حالة تبرع او تلقي على حدة حسب حالة المريض وصحته العامة.

* أي اكثر الاعضاء طلبا في البلاد اليوم؟

د. بيار: الاعضاء المهمة لاستمرار الحياة هي الكبد والرئتين والقلب، والبنكرياس لمرضى السكري والكلى لمن تجرى لهم عملية الدياليزا، والكلية هي ليست عضوا قادرا على انقاذ الحياة بشكل فوري ولكنها تخفف من معاناة الاشخاص الذين يرتبطون بجهاز الدياليزا، فالكلية تحسن جودة الحياة وتطيل عمر المريض وتخفف من معاناته.

* هنالك اشخاص يعتقدون انهم اذا كانوا يحملون في جيبهم بطاقة التبرع بالأعضاء، فإنهم لا يتلقون العلاج على اكمل وجه حين تتعرض حياتهم للخطر، طمعا بالحصول على اعضاء منهم.. ما مدى صحة هذا الحديث؟

د. بيار: لا اساس من الصحة لهذا الاعتقاد، لدينا اطباء على مستوى من الاخلاص والتفاني في عملهم، وهم يحاربون على حياة المصاب او المريض حتى اللحظة الاخيرة والأمل الوحيد، وهذا التخوف ليس له ما يبرره وغير واقعي. لا اعتقد ان هنالك طبيب او جهاز طبي يتجرأ على اهمال حياة شخص من أجل الحصول على اعضائه، ولا حتى الجهاز القضائي وجهاز المراقبة في المستشفيات يسمح بهذا الامر.

* إذن متى يتم استئصال الأعضاء؟

د. بيار: فقط عندما يكون هنالك موت دماغي، وهذا يتطلب فحوصات بالأجهزة، وفحوصات عملية اخرى، ثم تجتمع لجنة مختصة، وبعد تجاوز كل هذه المراحل الدقيقة، عندها فقط يمكن الاستفادة من أعضاء المريض للتبرع بها. لذلك فإن عملية التبرع بالأعضاء تكون فقط عندما يتم تشخيص المريض على انه ميت، ولا أمل له بالحياة، ولا تؤخذ الأعضاء من مصاب بحالة خطرة أو حرجة، وإنما بحالة موت. وهنالك عدة مواصفات ومقاييس يتم فحصها للتأكد من موت الدماغ، ولا توجد اية حالة لشخص أعلن عنه كميت دماغي وعاد بعد ذلك الى الحياة.

* حدثنا ببعض الكلمات عن برنامج "الاولوية" الذي سيكون متبعا منذ نهاية الشهر الجاري.

د. بيار: برنامج الاولوية، هو قانون يجيء ضمن قوانين التبرع بالاعضاء، وهو يعطي حق الاولوية لشخص كان قد تبرع أحد من أهله، او كان هو قد تعهد أو انضم لبرنامج التبرع بالاعضاء من خلال التوقيع على بطاقة "ادي"، يكون له أفضلية على سواه اذا ما احتاج يوما لزراعة اعضاء، وذلك على اساس نقاط معينة تعطيه افضلية ما عن غيره، والهدف من هذا البرنامج او الخطة هو التشجيع على التبرع بالاعضاء.

* هل تؤيد سن قانون "عكسي" يتيح أخذ اعضاء من أي ميت دماغيا وزرعها بأجساد المرضى المحتاجين لزراعة أعضاء باستثناء اولئك الذين يعلنون رفضهم أخذ التبرع بأعضائهم بعد موتهم؟

د. بيار: الحالة القانونية الراهنة والسائدة اليوم في اسرائيل، هي عدم أخذ اعضاء من الميت دون موافقة العائلة، وأنا لا اؤيد وضعا تكون فيه العائلة معارضة للتبرع بأعضاء فقيدها، ورغم ذلك يتم أخذ اعضاء من الميت دون سؤالهم او استشارتهم، فمثل هذا القانون قد يخلق الكثير من التوترات وعدم الثقة لذلك فانني لا اؤيد هكذا قانون.

* حسب اعتقادكم من يتقبل فكرة التبرع بالأعضاء بأكثر وعي وايجابية، هل هم كبار السن ام الشباب الذين هم في مقتبل العمر؟

د. بيار: الحقيقة انني لم احلل أعمار الذين أعربوا عن استعدادهم للتبرع بالأعضاء، وهنالك تواقيع من كل الأجيال بالطبع، ولكنني اعتقد ان الشباب هم أكثر انفتاحا، واعتقد انه من الضروري ادخال ثقافة التبرع بالأعضاء الى المدارس لان الأولاد يؤثرون على عائلاتهم واهاليهم، وبالتالي فاننا جميعا نتأثر من الشباب هم الذين يقودون المجتمعات.

* هل تعتقد انه يجب اشراك الأشخاص الذين تلقوا اعضاء من متبرعين في الحملة الاعلامية لكي يتحدثوا عن معاناتهم وهواجسهم في فترة انتظار عضو من متبرع؟

د. بيار: نحن نقوم بهذا عبر الاعلام ومن المهم تكثيف هذا العمل لان الاعلام يؤثر على الراي العام، واعتقد اننا ظهرنا بشكل جيد في الاعلام في السنوات الاخيرة، وهذا أثر بلا شك والنتائج تبدو واضحة، واعتقد ان علينا الاستمرار في العمل، في الصحافة والاعلام، في تقديم محاضرات والانترنت وعلى كل المسارات.

* اية عمليات زراعة اعضاء يتم اجراؤها في مستشفى "رمبام"؟

د. بيار: في "رمبام" تجرى عمليات زرع كلى، ليس لدينا زراعة كبد وقلب فهذه عمليات معقدة وتتطلب مهارات عالية، ولا اعتقد ان كل مستشفى بحاجة الى اجراء مثل هذه العمليات بل من الأفضل ان يتم تركيزها في مستشفى واحد يستقطب كل المهارات والوسائل والتقنيات لكي لا ينخفض مستوى هذه التخصصات اذا وزعت على أكثر من مركز طبي واحد، كانت هنالك فكرة للتخصص بزراعة الكبد هنا في "رمبام" لكن الخطة لم تنفذ، وقمنا باعداد برنامج لتكثيف زراعة الكلى في وحدة زراعة الكلى وقد ضاعفنا عدد العمليات لهذا النوع من الزراعة سواء من الأموات او الكلى التي تؤخذ من الأشخاص المعافين، الذين يتبرعون بكلية لانقاذ شخص عزيز عليهم. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]