بعد نحو ثلاثة اسابيع ستنطلق مسيرة العودة الخامسة عشرة الى قريتي عمقا والكويكات المهجرتين . عمقا هي واحدة من مئات القرى الفلسطينية التي تم اقتلاع اهلها من بيوتهم ومن على تراب وطنهم وتهجيرهم خارج وداخل فلسطين التاريخية ،هي مأساة شعب بدأت منذ 64 عاما ،حين كانت القرى الفلسطينية وأريافها وادعة وامنة بأهلها ،لكن الشر ابى إلا ان ينتزع الفلسطيني من بيته وأرضه كما انتزاع الرضيع عن صدر امه ...

نبذة عن عمقا

قرية عمقا المهجرة كباقي القرى الفلسطينية التي تم تهجير اهلها واقتلاعهم من فوق تراب وطنهم ، تقع عمقا في قضاء عكا وتحدها من الغرب قرية ابو سنان ومن الشرق دنون ومن الجنوب شقيقتها الكويكات التي هجر اهلها وهدمت منازلها،حتى عام النكبة كان تعداد اهلها حوالي 1500 نسمة وفيها حوالي 370 منزلا ...لقد تم الاستيلاء على عمقا في المرحلة الاولى من عملية" ديكل"،اذ تقدمت الوحدات الاسرائيلية شرقا بعد انتهاء الوقف الاول لإطلاق النار ،وتم قصف القرية بالمدفعية بعد سقوط جارتها الكويكات .

مسجدها شامخا وشاهدا على النكبة

مراسل بكرا اصطحب الحاج احمد الشيخ ابو ابراهيم الذي يسكن في قرية ابو سنان وهو من مواليد 1928 في عمقا ،ودخلنا الى البلدة التي حولت بعد النكبة الى مستوطنة يقطنها اليهود اليمنيون ، ووصلنا الى مسجد عمقا ،الاثر الوحيد التي تبقى من القرية ،كان شامخا وشاهدا على النكبة ،محيطه تغطيه الاعشاب والحشائش البرية ،المسجد مبني من الحجر وتعلوه قبة وواجهته الشمالية محددة بثلاثة مداخل كبيرة تعلوها قناطر دقيقة الزاوية ،حيطانه متفسخة في اماكن عدة ،وسقطت الكثير من احجاره على مدار 64 عاما ،ينتصب المسجد مهجورا وحاله يدمي القلوب .

سقطت قنابل المدافع على البيادر

وعودة الى الحاج ابو ابراهيم ..دخلت والحاج الى المسجد وراح ابو ابراهيم يستذكر تلك الايام وكأنها كانت بالأمس القريب ،"كنت في العشرين من عمري حين سقطت عمقا ،كان ذلك في بداية شهر رمضان من عام 1948 ،قبل ذلك بأيام كانت تصل الى مسامعنا قصص المجازر التي ترتكبها عصابات الهاغاناة في القرى المجاورة ،وقد سقطت جارتنا الكويكات"، سرد الحاج ابو ابراهيم التاريخ لموقع بكرا.

مفاوضات.."سلموا تسلموا"

وفي احد الايام  تابع ابو ابراهيم:" دخلت فرقة من اليهود الى البلدة لمفاوضة اعيان القرية وقالوا "سلموا تسلموا" ،كما حصل في قريتي كفر ياسيف وابو سنان ،لكن كبار البلدة لم يصدقوا هذا الكلام نظرا لما حصل للعديد من القرى التي تم تهجير اهلها ،لم تمر سوى ساعات حتى بدأ قصف المدافع يدوي في البلدة وتساقطت القنابل الحارقة على بيادر القمح ،فاحترق موسما بأكمله ،فزع الاهالي من هول المنظر وكان يومها الثالث من ايام رمضان ،وبدأوا بالنزوح،البعض نزح الى قريتي جت ويركا والبعض الاخر نزح الى لبنان ،دخل اليهود الى البلدة ولم تمر سوى اسابيع حتى بدأت عملية هدم القرية" ... يتنهد الحاج ابو ابراهيم ليقول :" حتى المقبرة قد طمست وليس لها أي اثر ... نزحنا الى قرية جت كما العديد من العائلات وبقينا هناك شهرين لكننا اثرنا الخروج من البلدة على اثر شح الماء في القرية ،ومن جت الى الشيخ داود (دنون) وبقينا هناك حتى عام النكسة 1967 ،ومن ثم جئنا الى قرية ابو سنان".

معصرة ومطحنة احمد العكي

تابعت مع الحاج ابو ابراهيم سيرنا وقال لي تعال بنا نرى معصرة احمد العكي ... وصلنا الى الموقع لكننا لم نشاهد سوى ركام بجانب خزان الماء القديم ، توقف الحاج وقال :" هنا في هذا الموقع كانت معصرة ومطحنة احمد العكي ( اصله من عكا ) ،وكان اهالي عمقا يرتادون هذا المكان وخاصة في مواسم القمح والذرة لطحنها ،وكذلك في موسم الزيتون حيث كانوا يعصرون الزيتون في المعصرة" ، وأنهى ابو ابراهيم:" كان احمد العكي صاحب المعصرة رجلا مقتدرا وغنيا وكان يملك مساحات واسعة من الاراضي المزروعة بالزيتون .... ".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]