يحمل المواطن المقدسي محمود بكر حجازي في سنوات عمره الـ 75 كافة فصول المعاناة التي عانها الشعب الفلسطيني، بدأ من طفولته المبكرة في مدينة القدس التي ولد فيها والاعتقال، مرورا بالإصابة برصاص جيش الاحتلال، والإبعاد والترحال القسري، وصولا إلى مواجهة خطر الترحيل مجددا استنادا للقرار الإسرائيلي الأخير.

حجازي وثورة عام 1936

ويعتبر حجازي أول أسير اعتقلته قوات الاحتلال في العام 1965، ويختلف عن باقي الأسرى بأنه واجه خطر الإعدام استنادا إلى قرار محكمة عسكرية إسرائيلية في ذلك التاريخ، وارتدى اللباس الأحمر تمهيدا للإعدام، إلا أن خلافا في الأوساط الإسرائيلية أسهم في إبقاءه حيا ليتم مبادلته في العام 1971 مع إسرائيل كان محتجزا لدى فصائل الثورة الفلسطينية.

وحجازي، من مواليد مدينة القدس 1936، ويعتبر أول أسير اعتقلته إسرائيل في العام 1965، حينما كان ضمن مجموعة فدائية قامت بتفجير جسر استخدمه الجيش الإسرائيلي في مدينة الخليل، وحكم عليه حينها بالإعدام.

العملية والاعتقال

وروى حجازي تلك الليلة حينما تم اعتقاله في كانون ثاني من العام1965  على أيدي قوات الاحتلال، أثناء تنفيذ عملية عسكرية وقال ” كنت واحد من مجموعة فدائية مكونة من سبعة أشخاص، وكنت أنا من حمل برميل البارود لنسف جسر في مدينة الخليل، كان الجيش الإسرائيلي يستخدمه".

وأضاف "ونحن نسير ليلا، فاجئتنا دورية من الجيش الإسرائيلي، أطلقت علينا النار، فافترقنا عن بعضنا البعض، وأنا واصلت إطلاق النار حتى نفذ مني الرصاص، وتم اعتقالي، وأنا مصاب بيدي ورجلي، لكن أفراد المجموعة نجحوا في تفجير الجسر”.

وحكمت المحكمة العسكرية الإسرائيلية على حجازي بالإعدام، لكن هذا القرار لم ينفذ وتطوع المحامي الفرنسي جان فرجيس للدفاع عنه، حيث يحتفظ حجازي بأقوال الصحف التي كتبت عنه حينها.

والمحامي فرجيس هو المحامي الذي دافع عن المناضلة الجزائرية جميلة بحيرد، التي عملت ضد الاحتلال الفرنسي للجزائر، وتزوجها بعد ذلك.

45 يوما في لباس الإعدام

ويقول ابوبكر عن اعتقاله قائلاً: "كنت الأسير الفلسطيني الأول و الوحيد في سجن الرملة حينها وكان الجنود يحيطون بي من كل جانب وقد تم اعتقالي إثر مشاركتي في عملية نسف جسر بالقرب من مدينة الخليل أدت لمقتل 24 جندياً إسرائيليا في حينه، وقد تم اعتقالي وأنا مصاب ونقلت لسجن الرملة.

وروى ابوبكر ما تعرض له من تعذيب وضغوط نفسية بالسجون الإسرائيلية منذ اعتقاله وحتى لحظة خروجه، من أجل أن يعترف بمعلومات عن رفاقه في عملية الخليل إلا أنه ظل صامدا، مشيرا إلى أن فلاسفة وعلماء نفس حضروا التحقيقات للتعرف على شخصيته إلا أنهم لم يستطيعوا اختراقه. ويقول حجازي بأنه أمضى 45 يوما في زنزانته وهو يرتدي اللباس الأحمر تمهيدا لإعدامه، في حين انه أمضى أربعة سنوات وثماني شهور في زنزانة لا تتعدى مساحتها متران.

وقال "في ذلك الحين لم أكن أخاف الموت، وكنت أتمنى أن يتم إعدامي لأنني كنت دائم التفكير في الثلاثة الإبطال الذين أعدمتهم بريطانيا عطا الزير، محمود حجازي، محمد جمجوم، وكنت اتمنى أن أكون مثلهم".

حجازي والإفراج إلى لبنان

ويقول حجازي "طلبت من المحكمة الإسرائيلية طلبين أولهما محام يدافع عنى شريطة ألا يكون من تحت علم إسرائيل والثاني أن يعتبروني أسير حرب إلا أنهم رفضوهما وحكموا على بالإعدام، ثم انقسمت الحكومة ما بين مؤيد ومعارض للحكم’.

ويضيف "طلب جولدا مائير رئيسة وزراء الكيان الصهيوني وموشى ديان وزير الحرب في حكومة الكيان الصهيوني وغيرهما استقالوا من الحكومة لأنه لم ينفذ الإعدام بحقى.. قائلين إننا لن نجلس على كرسى يفرض عليه "زعيم المخربين" في إشارة إلى الزعيم الراحل ياسر عرفات إرادته.. حيث هدد أبوعمار وقتها بالثأر إذا تم إعدامى".

وتابع "رفضت بعد ذلك استئناف حكم الإعدام وظللت مرتديا البزة الحمراء 45 يوما ثم جددت الطلبين السابقين، وتمت الموافقة على الأول بينما رفض الثاني، وبمجرد أن وافقوا على المحامى سقط حكم الإعدام’.

وفي العام 1971 تفاجأ حجازي بزيارة لمندوب الصليب الأحمر الدولي، الذي ابلغه بأنه سيكون ضمن صفقة تبادل أجرتها منظمة التحرير وإسرائيل، يتم بموجبها إطلاق سراحه مقابل أن تطلق المنظمة الإسرائيلي شومئيل روزن فايزر.

وتمت الصفقة بان نقل حجازي إلى رأس الناقورة، وتسلمت إسرائيل فايزر، وعاش حجازي في مخيم برج البراجنة وأسس أسرة من ستة أبناء".

حجازي ومعارك منظمة التحرير في لبنان

ويقول حجازي بأنه شارك في مختلف المعارك التي خاضتها فصائل منظمة التحرير في لبنان، وأشار إلى 14 إصابة بالرصاص أصيب بها أثناء هذه المعارك، وإحدى هذه الإصابات كانت في وجهه وكادت أن تقتله.

وفي العام 1982 خرج حجازي مع فصائل الثورة الفلسطينية من لبنان، واستقر في اليمن مع أسرته، حتى توقيع اتفاقية أوسلو حينها عاد مع أسرته إلى غزة، وبقي فيها.

وقال حجازي "في كل مكان كنت أعيش في بيروت واليمن وغزة، أسست منزلا، لكني بعت الأخير في غزة كي أتمكن من بناء البيت في رام الله".

ويفخر حجازي بأنه عاش “كل فصول المعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني” ويفتخر أيضا بان لديه أبناء يشغلون اليوم مناصب رفيعة في السلطة الوطنية.

ولديه ابنه البكر " بكر" السكرتير في السفارة الفلسطينية في سويسرا، وعمار يعمل دبلوماسيا في بعثة منظمة التحرير في الولايات المتحدة الأميركية، و"أنس" مهندسا للكمبيوتر في رئاسة الوزراء الفلسطينية.

وانتخب حجازي في مؤتمر فتح الأخير عضوا في المجلس الثوري لحركة فتح وهو لواء متقاعد أيضا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]