يصطدم طموح المنتخب اليوناني المتواضع، الساعي لتكرار إنجاز 2004 بالواقع وبقوة نظيره الألماني الباحث عن العودة إلى الدرجة الأولى من منصة التتوّيج للمرّة الأولى منذ 1996. ولذلك، فإنه من الطبيعي أن تتجه أنظار ك العالم الليلة إلى مدينة غدانسك البولندية، حيث ستعقد المباراة الثانية من مرحلة ربع النهائي في بطولة أبطال أمم أوروبا 2012، بين منتخبي ألمانيا واليونان.

من الطبيعي أن يكون المنتخب الألماني مرشّحاً على الورق ومنطقياً وإحصائياً لتخطّي نظيره اليوناني وبلوغ الدور نصف النهائي حيث سيواجه الفائز من مباراة العملاقين الإيطالي والإنكليزي في 28 الشهر الحالي في وارسو.

ويدخل الألمان، الباحثون عن لقبهم الرابع بعد أعوام 1972 و1980 و1996 حين توّجوا للمرّة الأخيرة إن كان على الصعيد القاري او العالمي، إلى هذه المواجهة وهم يبحثون عن تحقيق فوزهم الخامس عشر على التوالي في المسابقات الرسمية (أي دون المباراة الدولية)، والرابع على التوالي في البطولة القارية الحالية، لأنهم كانوا المنتخب الوحيد الذي حصد العلامة الكاملة في الدور الأوّل بعد أن تغلّب على البرتغال ثم هولندا وأخيراً الدنمارك.

ألمانيا تتفوّق تاريخياً

كما يقف التاريخ إلى جانب الـ"مانشافت" كونه لم يخسر أياً من المباريات الثماني السابقة التي جمعته باليونانيين، بينها واحدة في كأس أوروبا خلال الدور الأوّل لنسخة 1980 (صفر-صفر)، إضافة إلى 4 مباريات في تصفيات كأس العالم لعامي 1962 و2002 (4 انتصارات) وأخريين في تصفيات البطولة القارية (تعادلان في تصفيات نسخة 1976).

كما أن المنتخب الألماني تمكّن من الخروج فائزاً من المواجهات الأربع السابقة التي خاضها في الدور رُبع النهائي (1988 و1992 و1996 و2008) كون نسخات 1972 و1976 و1980، حيث توّج بطلاً مرّتين ووصل إلى النهائي اقيمت بنظام مجموعتين وتأهّل المتصدّرون إلى المباراة النهائية.

ورغم الأفضلية المنطقية والتاريخية والإحصائية للألمان على اليونانيين الذين يخوضون رُبع النهائي للمرّة الثانية بعد 2004، حين تغلّبوا على فرنسا 1-صفر في طريقهم إلى اللقب، توقّع نجم بايرن ميونيخ توماس مولر أن يخوض المنتخب اختباراً صعباً للغاية أمام فريق المدرّب البرتغالي فرناندو سانتوس.

مولر يعترف بصعوبة المهمة

وقال مولر، الذي لم يظهر حتى الآن بالمستوى الذي كان عليه في مونديال جنوب أفريقيا 2010 حين ساهم بشكل أساسي في قيادة منتخب بلاده إلى الدور نصف النهائي بتسجيله خمسة أهداف، "خلال الأعوام الأخيرة اكتسبنا في التصفيات سمعة المنتخب الذي يعتبر من المرشحين (للفوز). لهذا السبب، تعتمد الفرق المنافسة أسلوباً دفاعياً ضدنا في أغلب الأحيان أو أقله لا يبدأون المباراة بأربعة مهاجمين".

وواصل: "من الطبيعي أن يحكم عليك الأشخاص بعدد الأهداف التي تسجّلها لأني لاعب هجومي. الامر الأهم هو أنني والمدرّب راضيان عن أدائي.

مهمتي هي مساعدة الفريق، أن ألعب دوري، لقد نجحت في تمرير العديد من الكرات الحاسمة في الفترة الأخيرة".

وتابع: "نحن فريق. نملك أكثر من 11 لاعباً. لطالما قلنا إننا نملك فريقاً قوياً.. لا توجد هناك اي مشاكل أو أي صراع (بين اللاعبين)، هناك أجواء جيّدة في الفريق".

وعن مواجهة اليونان، قال مولر: "الفريقان يملكان حظوظاً متساوية".

اليونانيون يسعون لمواصلة المفاجآت


ومن المؤكّد أن المنتخب الألماني سيسعى لتجنّب مصير نظيره الروسي، الذي بدأ لاعبوه التفكير في الدور رُبع النهائي قبل مواجهتهم لليونان في الجولة الأخيرة من منافسات المجموعة الأولى، لكن منتخب بلاد الإغريق فاجأه بهدف من القائد المخضرم يورغوس كاراغونيس (35 عاماً) سجّله في الدقيقة الثانية من الوقت بدل الضائع للشوط الأوّل، بيد أنه سيغيب عن الدور رُبع النهائي بسبب الإيقاف لتلقيه الإنذار الثاني.

وسينوب عن كاراغونيس في ارتداء شارة القائد كوستاس كاتسورانيس، الذي اعترف بأن منتخب بلاده بحاجة "إلى معجزة صغيرة" من أجل تخطّي الألمان لكنه أكّد أنه ورفاقه سيقاتلون حتى النهاية.

أما زميله ديميتريس سالبينغيديس فبدا واثقاً من قدرة منتخبه بقوله: "لن تكون مباراتنا الأخيرة (أمام ألمانيا) في كأس أوروبا 2012. نحن اللاعبون لا نعتقد ذلك، لهذا السبب نحن هنا، الأمور أصبحت أصعب من دور إلى آخر وآمل أن نتمكّن من الذهاب أبعد من أجل إسعاد اليونانيين. لن تكون الأمور سهلة، هذا أمر مؤكّد".

وبدوره تحدّث يورغوس ساماراس عن مواجهة الغد مع الألمان، قائلاً: "كرة القدم هي لعبة ونحن نمارسها لأننا نستمتع بها، نحن نحبها. يوم الجمعة سندخل إلى أرض الملعب ونستمتع بوجودنا في الدور رُبع النهائي وسنحاول أن نستفيد من المناسبة أكبر قدر ممكن".

وأضاف لاعب سلتيك الاسكتلندي: "نحن فريق مكوّن من 23 لاعباً. نحن لا نلعب من أجل أنفسنا بل من أجل 11 مليون شخص يأملون أن نحقّق أمراً جديراً بالذكر، لكي يتمكنوا من النزول إلى الشوارع والاحتفال. تمكنّا من تحقيق هذا الأمر أمام روسيا وهذا ما سنحاول القيام به يوم الجمعة"، مؤكّداً أنه لم يكن يفضّل مواجهة منافس آخر.

وتابع: "نحن بين أفضل ثمانية منتخبات في أوروبا ولا نفضل مواجهة اي منافس محدد. حقّقنا هدفنا الأوّلي ولا نشعر بالعصبية تجاه ما سيحصل لاحقاً. نحن هنا لنستمتع بأنفسنا. إذا تأهّلنا فسيكون حلماً".

ومن المؤكّد أن الفوز على الألمان والتأهّل إلى نصف النهائي سيكون حلماً يتحقّق لليونانيين وسيجعلهم يتناسون لبعض الوقت الأزمة الاقتصادية الكارثية التي تمرّ بها البلاد والتي تُلقي أيضا بظلالها على وضع الاتحاد الأوروبي بأكمله.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]