أنفلونزا القرف تجتاح الشارع الفلسطيني، هو قرفُ مركب ومتدحرج، والشغل الشاغل للناس الإجابة على السؤال المحير والصعب؟؟؟؟ وين طريق السلامة!!!! وكيف يمكن أن نأكل بكرامة؟؟؟ كيف نعلم أولادنا ونتناول حبة الاكمول بكرامة؟؟؟؟ وكيف نمشي في الشارع ببعض الكرامة؟؟؟؟ ونحمي أولادنا من غول الحاجة التي طحنتنا وأخذت منا الأخضر قبل اليابس.
السيد وزير المالية نبيل قسيس يخرج علينا ليبشرنا بان العجز المالي لعام 2012 تجاوز المليار دولار!!!! والبنك العربي انتعشت مرابحة بزيادة 10%؟؟؟ المحروقات ارتفعت والضريبة كمان؟؟؟؟ والسجائر قفزت بشكل مجنون ليصل ثمن السيجارة شيكل!!! واليوم قال لي احد أصحاب شركات الدخان أن الحكومة تكسب مع كل إشراقه شمس حوالي ثلاثة ملايين شيكل من السجائر لوحدها!!!
دخل الحكومة من السجائر لوحدها حوالي 90 مليون شيكل في الشهر، ناهيك عن المحروقات والضرائب والمساعدات التي تأتي من الجهات الأربع، رغم ذلك الحكومة تخرج علينا كل عام وتعلن أن العجز يزداد باطراد، وبالتالي لا بأس من "الإجراءات الوقائية"!!! رفع الضريبة بنسبة 1%، وابتلاع الفلاحين أو ما تبقى منهم، رفع أسعار المحروقات، والوصفة السحرية للحكومة عندما تجيب على نشرها للموت في أوساطنا أن الأسعار عالمية!!!!
خرج علينا البنك الدولي في تقريره وقال لنا أننا لا نمتلك البنية الاقتصادية لنصبح دولة!!!! من قال أننا نمتلك مقومات الدولة؟؟؟؟ صحيح أن الدكتور فياض رئيس الوزراء المحترم أثقل كاهلنا بتصريحاته عن دولة المؤسسات والتنمية والاسطوانة المشروخة التي يتحفنا بها بمناسبة وغير مناسبة، إلا أننا لا يمكن أن نكون دولة لأننا بكل بساطة شعب يعيش تحت الاحتلال، وأننا شعب لا زال في مخاض مرحلة التحرر الوطني الذي لم يكتمل بعد، فالاحتلال يتحكم بالأرض وما عليها، الاحتلال يسرق مياهنا ويحشرنا في المناطق المسماة مناطق ألف نهاراً وينتهكها ليلاً.
كيف نتحدث عن دولة وقطاع غزة سيفتقر للمياه العذبة بالكامل بعد سنتين؟؟؟ كيف يبشرون بالدولة ومحافظة الخليل تحصل على 12 ألف كوب من المياه وحاجتها الحقيقية 40 إلف كوب؟؟؟ عن أي دولة نتحدث والبنوك حولتنا لعبيد يعملون لديها بسبب القروض التي وصلت لحوالي 417 مليون دولار.
كان احد قادة فتح حذر الرئيس محمود عباس من حالة الغليان التي تجتاح الشارع الفلسطيني جراء انعدام الأفق السياسي والضغوط الاقتصادية وشبة الانهيار لمنظمومه القيم الاجتماعية وهذا صحيح، لقد تقوقع كل فلسطيني في داخل نفسه، وتحول كل واحد فينا إلى "جحا" الذي شعاره المهم أن يسلم راسي!!! والمشكل في الوضع الفلسطيني الراهن أن كل الرؤؤس سواء ولن يسلم منا أحداً لان الاحتلال ما عندو لحى مشطه، وطالما أن الوضع سيء ما التفسير لحالة الصمت التي تجتاح الشارع الفلسطيني؟؟؟؟ ما أسباب الهدوء الغير مبرر؟؟؟
في المجمل نحن نعيش حالة غير سوية، فالوضع الاقتصادي الصعب لدولة الاحتلال عبر عن نفسه بحرق أربعة أشخاص أنفسهم علنا مات منهم اثنين، وفي مقارنة بسيطة فان البطالة التي يتقاضاها العاطل عن العمل في دوله الاحتلال ضعفي دخل الموظف العادي في أراضي السلطة، وإذا كان مستوى الدخل للعامل في الأراضي الفلسطينية المحتلة 500 دولار فالعاطل عن العمل في دولة الاحتلال يحصل على ضعف هذا المبلغ من صندوق الضمان الاجتماعي عندهم.
نحن معرضون للانهيار في كل لحظة جراء الضغوط التي يثقل بها كاهل المواطن، ولا يكفي أن تجهد الحكومة نفسها بتوفير رواتب الموظفين، وقد ظهرت بوادر السنوات العجاف التي ستتجاوز السبع، وخاصة أن المطلوب من الشعب الفلسطيني والمستوى السياسي المزيد من التنازلات السياسية، والطامة الكبرى فان التنازل لن يغير في الحقيقة شيئاً، وحتى لو سلمنا مفاتيح القدس فلن نصل إلى شاطئ الخلاص، لان القيادة الفلسطينية من يمينها إلى يسارها فقدت البوصلة، ولم يعد مجدياً تحميل المسئوليات للأخر فالواقع يصفع أصحاب النهج التبريري والهروبي من الحقائق ألمعاشه.
إن حالة الإحباط واليأس التي تجتاح الطبقات الفقيرة ستعبر عن نفسها بتحرك غير مسبوق، تحرك لم نعشه كفلسطينيين منذ عقود، فالطبقة الفقيرة وهي الأكثر اتساعاً لا زالت تراهن على تغير الأوضاع، وخاصة الوضع الراهن وسياسة الحكومة التي اتخذت شكل تلبيس الطواقي وترحيل الأزمة والاعتماد على الشعب في تغطية التزاماتها، واعتقد أن الانفجار القادم لا محالة سيكون في وجه الذات، وخاصة أن المواطن العادي يرى بالعين المجرة انعدام وغياب العدالة الاجتماعية والاقتصادية في مجتمعنا بعد اتضاح ظاهرة الاستقطاب والجهوية التي تعبر عن نفسها بمنافع اقتصادية وسياسية، ظاهرة تعتبر الابن الغير شرعي للانقسام الداخلي.
الغريب في المشهد الفلسطيني الحالي غياب الفصائل الفلسطينية والنخب ومؤسسات المجتمع المدني القريبة من نبض الشارع أو التي يفترض أن تكون قريبة ، ولا يمكن استيعاب الصمت الغير مبرر لتلك القوى التي استمزجت سياسة النقد والنواح وتحميل الأخر النتائج الكارثيه لما ستؤول إلية أوضاعنا، والسؤال الذي طرح من بعض المحللين والمتابعين للوضع الكارثي الذي نعيش؟؟ لماذا لا ننزل إلى الشارع؟؟؟؟ هل الأوضاع غير ناضجة؟؟؟؟ وهل الشعار القادم الشعب يريد إسقاط الحكومة؟؟؟؟
هي مسألة وقت، وسيخرج الشعب الفلسطيني في شقي الوطن المحتل مجبراً للمطالبة بحقوقه وبالعدالة الاجتماعية التي باتت مطالباً مركزياً وحديث الشارع، مسألة وقت وسنعيش التغيير الذي ستقوده الطبقة الأكثر تضرراً في مجتمعنا الفلسطيني، وسيتكرر المشهد الفلسطيني حيث ستلتحق النخب بالركب بعد حين.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]