في شهر رمضان تقف المرأة الحامل حائرة بين رغبتها ولهفتها في الصوم واغتنام كل ما في الشهر الفضيل من عبادة وشعائر دينية، وبين تلك المخاوف التي تدور في ذهنها حرصًا منها على سلامة جنينها وصحّتها. الدكتورة سحر ناجي خير الله (طرعان)، طبيبة في مركز الحمل والولادة في مستشفى الناصرة- الإنـﭽـليزي تقول: إنه ثبت علميًا وطبّياً أن الصيام في حدّ ذاته لا يشكل خطراً على الحمل أو تطوّر الجنين إذا تمتّعت الأم بصحّة جيدة وأخذت بالأسباب واتّبعت الإرشادات الطبية اللازمة، وكانت على قدر كافٍ من اليقظة لصحّتها وصحّة جنينه.

إليكم هذا اللقاء مع د. سحر خيرالله:

كيف يمكن للمرأة الحامل وجنينها تخطّي شهر الصوم بسلام؟

تمرّ المرأة الحامل بثلاث مراحل هامة:

المرحلة الأولى:

تبدأ من البويضة المُخصّبة حتى الشهر الثالث، وما يميّز هذه الفترة عند بعض النساء ظهور العوارض التالية: الغثيان المستمر,التقيّؤ المتكرّر,الدّوار والضعف العام للجسد. وهذه العوارض (أو ما يعرف بظاهرة الوحام) ناتجة عن زيادة هُرمون الحمل في الجسم . فاذا ظهرت هذه الأعراض بشكل ملحوظ عند المرأة فيستحسن أن تمتنع عن الصيام حتى لا تعرّض نفسها للخطر . أما إذا لم تعانِ المرأة من هذه العوارض فتستطيع الصوم. والجدير بالذكر أن الصيام في هذه المرحلة لا يؤثّر على نمو أو ثبات الجنين داخل الرحم .

المرحلة الثانية :

تمتد من الشهر الرابع حتى الشهر السادس، وهذه المرحلة من أفضل المراحل وأكثرها راحة بالنسبة للمرأة الحامل .
وتعتبر هذه المرحلة آمنة ما لم يتخلّلها أي هبوط أو ارتفاع في ضغط الدم ومستوى السكر، أو ما لم تعانِ من فقر الدم نتيجة للحمل . لذلك يجب أن تتابع مع الطبيب الخاص بها وتقوم بجميع الفحوصات المخبرية والسريرية.

المرحلة الثالثة :

وهنا نقصد الثلث الأخير من الحمل، وينطبق على هذه المرحلة ما ينطبق على المرحلة السابقة ,بالإضافة الى تورّم الأطراف نتيجة الوزن الزائد وضغط الرّحم ومحتواه على الأعضاء المحيطة به، ويستدعي الصوم في هذه المرحلة متابعة خاصة ويقظهة شديدة .

إذا كان مسموحًا للحامل أن تصوم، ما هي الحالات التي تُبيح لها الإفطار؟
1. أمراض الكلى والمسالك البولية – التي تقتضي علاجًا طبّيًا ثابتًا وشرب كمية كبيرة من السوائل.
2. مرضى السّكّري المعتمد على الإنسولين – الذين قد يتعرّضون إلى اختلال في مستوى السكّر (هبوط أو ارتفاع حاد)، وبالتالي تعرّض صحة الحامل للخطر.
3. مرضى الكبد- قصور في وظائف الكبد أو الإلتهاب الـﭭيروسي للكبد الذي يطلّب علاجاً طويلاً.
4. الحامل التي تعاني، أو سبق لها أن عانت من جلطات بالأوعية الدموية أو من تستخدم صمّامات قلب معدنية وتتناول أدوية لتمييع الدم بشكل ثابت لتحافظ على سريان الدورة الدموية بشكل صحيح وسليم.
5. الحوامل اللواتي يُعانين من مشاكل رئوية ومشاكل في التنفّس ويحتجن إلى علاج مستمر بالبخّاخات - فالأفضل أن لا تعرض حياتها للخطر .
6. إذا كانت المرأة حاملاً بتوأمين أو أكثر، فالأفضل أن لا تصوم حفاظاً على سلامتها وإستمرارية الحمل .

ما هي الأعراض التي يجب مراعاتها والانتباه لها، وفي حال ظهورها يجب على الحامل الإفطار فورًا؟

1. إذا أحسستِ بهبوط في أداء الوظائف الحيوية لجسمك والذي لا يتحسّن بالاسترخاء والراحة.
2. إذا شعرتِ بهبوط واضح في حركات الجنين، عندها يجب الإفطار فوراً ومتابعة الطبيب المعالج.
3. إذا أحسستِ بتقلصات في البطن وأوجاع مستمرة في أسفل البطن ولاحظت تغييرًا في لون وتركيز البول، عندها يجب أن تفطري وتعوّضي كميه السوائل المفقودة من الجسم تفادياً للولادة المبكّرة .
4. إذا عانيت ِ من التقيّؤ المستمر والدوخة أو الصداع الشديد واضطراب في الرؤية عندها يجب التوجه إلى أقرب مركز طبي للمعاينة.
أما بالنسبة للإمساك الذي تعاني منه معظم الحوامل وخصوصاً في رمضان، فيعتبر من الأعراض الشائعة التي تصاحب الحمل نتيجة ضغط الرحم على المعدة والأمعاء ونتيحة التغييرات في مستوى الهُرمونات في الجسم ,ولتفادي هذه الظاهرة ينصح بشرب كمية كافية من السوائل وتناول الأطعمة الغنية بالألياف كالخضراوات والفواكه .

نصائح أخيرة تقدمينها لكل حامل..

عزيزتي الحامل- إليكِ بعض النصائح الهامة لتخطّي شهرِ رمضان بأمان:

1. السوائل مهمة جداً لكِ وخصوصاً في هذا الطقس الحار، وبالتالي يجب تناول كميات كبيرة منها ما بين الإفطار والسحور .ويجب التركيز على شرب الماء والعصائر والحليب، لأن السوائل تساعد على تعويض ما فقده الجسم خلال النهار وعلى تنظيم عمل الأمعاء وتفادي الإمساك وتقلّل من إحتمال الإصابة بالتهابات المسالك البولية، ويفضّل الابتعاد عن شرب الشاي والقهوة لأنها مدرّة للبول.
2. يُستحسن تأخير السحور قدر الإمكان وتناول الـﭘروتينات (الحليب او اللبن ومشتقاته أو البيض) والخضراوات والسوائل.
3. يفضّل أن يتم الإفطار بشكل تدريجي، فيمكن البدء بالماء والتمر واللبن نظراً لقيمتها الغذائية العالية وسرعة امتصاصها وفائدتها في تسهيل الهضم . وهنا يجب عليكِ تقسيم الإفطار الى 3 - 4 وجبات غذائية خفيفة متقاربة بدلاً من وجبة واحدة .
4. من المستحسن أن يتخلّل إفطاركِ الكثير من الـﭘروتينات والكربوهيدرات والـﭭيتامينات (ﭭيتامين ب 12 وب 6) والمعادن (الكالسيوم والمغنيزيوم) والأملاح مع الاهتمام بتناول حامض الفوليك والحديد . يجب أن تشمل وجبات الإفطار، قائمه كبيرة من الأطعمة ومنها الألبان ومنتجاتها ,اللحوم والبيض, والخضراوات الخضراء والفواكه ,والحبوب والخبز الكامل . ويفضّل قدر الإمكان تجنّب تناول الحلويات الدسمة في رمضان.

وأخيراً أنصحكِ بالحصول على قسط وافر من الراحة والنوم والابتعاد عن مسبّبات القلق والتوتر، وتجنّبي التعرض الطويل لأشعة الشمس الحارة وعدم التردد في التواصل مع طبيبك خلال شهر رمضان للاستفسار والاستشارة عن كل ما يُقلق تفكيرك .

أتمنّى للجميع صومًا مقبولا وسهلا وإفطارًا هنيئًا.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]