"الرغبة بالراحة هي شيء يتسلّل ويدخل إلى البيت كضيف، يصبح مضيفا، ثمّ سيّدا"! (خليل جبران)

لم تعتد الغالبية العظمى من الأسر على أن تعدّ ميزانية شهرية لها، وأن تراقب مدخلاتها ونفقاتها بشكل متواتر، وهذا ما يسمى بالإدارة الجارية لميزانية الأسرة، والمقصود بالإدارة الجارية هو أن تحصي الدخل الشهري للأسرة من مصادره المختلفة، وأن تحصي نفقات الأسرة المختلفة في محاولة لضبط نفقات الأسرة الشهرية حتى تكون مساوية أو أقل من مدخولات الأسرة الشهرية.

لماذا نحن بحاجة إلى أن نعدّ موازنة لنفقات الأسرة؟

أ‌. تحويل حالة غير متبلورة لصورة قياسية ومن ثم لأداة عمل.

ب‌. إدخال الأسرة في برنامج عمل مبرمج.

ت‌. إنشاء قاعدة بيانات لمواصلة العمل.

ث‌. حتى يحصل التغيير فنحن بحاجة أولا إلى أن نعرف الواقع ولهذا نحن بحاجة إلى الموازنة، بعد أن نعرف الواقع نحدّد الوضع الذي نريد أن نصل إليه ومن ثم نحدّد خطة الوصول.

نأخذ في البداية جانب المدخلات ونفترض أن لا أحد من الزوجين يعمل في عمل مستقل، عليك أن تقوم بحساب الدخل الصافي من أماكن العمل، أما إذا كان أحد الزوجين يعمل في عمل مستقل حيث إنّ الدخل الشهري غير ثابت، في هذه الحال يؤخذ الربح الصافي الذي كان في السنة الماضية، ويقسم على 12 لنحصل على معدل الدخل الشهري. طبعا من الممكن أن تكون هنالك مصادر أخرى لدخل الأسرة مثل الأرباح من استثمارات أو تأجير عقارات وما إلى ذلك.

نشير هنا إلى أنه لا يمكن إداراة ميزانية الأسرة وميزانية المصلحة بنفس الحساب، يجب أن يكون هنالك حساب منفرد للمصلحة وآخر للبيت، وبعد حساب معدل الربح من السنة الماضية يقوم صاحب المصلحة بتحويل هذا المبلغ شهريا لحساب الأسرة، بغضّ النظر عن الدخل الذي كان في المصلحة، دون هذه العملية لا يمكن إدارة المصلحة ولا إدارة ميزانية الأسرة بشكل ناجع وفعال.

بالنسبة لجانب النفقات، فحتى تحصي النفقات فعليك متابعة حسابك في البنك، وبشكل خاص السحب الثابت )הוראת קבע) والشيكات والعمولات والفوائد. وأيضا متابعة بطاقة الاعتماد وخصوصا الدفع بالتقسيط. والدفعات السنوية مثل ضريبة السكن وتأمين السيارة، وأيضا الدفعات التي تأتي كل شهرين مثل الكهرباء.. وأيضا إذا كان هنالك دفع بالتقسيط فيجب معرفة كم تبقّى من أقساط، وأيضا الدفع النقدي على مشتريات يومية.

نشير هنا إلى أنه يجب - وقبل كل شيء - أن تخصص مبالغ للنفقات غير قابلة للتغيير، وأيضا للالتزامات السابقة (قروض وأقساط والتزامات أخرى).

النفقات التي تأتي مرة واحدة في السنة يجب تقسيمها على 12 والتي تأتي مرة واحدة كل شهرين يجب تقسيمها على 2. بعد ذلك يتم تصنيف النفقات بحسب فئات مختلفة، فهنالك فئة الملابس وفئة الطعام وفئة الترفيه وفئة الثقافة وهكذا...

إن عملية إحصاء نفقات الأسرة ليست عملية سهلة لكنها ليست مستحيلة، فهي تحتاج إلى انضباط ومتابعة، فيجب أولا تجميع الوثائق المختلفة، الكهرباء والماء والهاتف النقال وما إلى ذلك... ثانيا يجب تخصيص نصف ساعة في الأسبوع لهذه المتابعة وبشكل خاص تكون متابعة ما يجري في حساب البنك وبطاقات الاعتماد، أيضا هنالك عملية التسجيل اليومي للنفقات اليومية.

قد يمتنع الكثيرون عن إدارة ميزانية الأسرة إما لأنهم لا يحتفظون بالوثائق، أو لأنهم يسوّفون ولا يريدون تخصيص الوقت الكافي لهذه العملية، أو لأنهم يخافون من رؤية الصورة الحقيقية (حجم ديونهم والفجوة الشاسعة بين نفقاتهم ومدخلاتهم)، أو لأنه لا يوجد استعداد من أحد الزوجين للمشاركة في هذه العملية، أو لصعوبة التعامل مع الأرقام والوثائق المختلفة.

مهما كان السبب فإن الثمن الاقتصادي والاجتماعي والنفسي والأسري الذي تتكبده الأسرة لعدم إدارتها لميزانية الأسرة والذي بينّاه سابقا لا يقارن مع الجهد القليل الذي يبذل من أجل تنظيم نفقات الأسرة لتتلائم مع حجم مدخلاتها.

دقّت ساعة العمل، نعم مع بداية الشهر القادم ستحصي ما هو دخل الأسرة، ومن ثم ستتابع نفقاتها واحدة تلو الأخرى، يجب على الزوجين اتخاذ قرار حازم ومشترك للقيام بهذه المهمة.. بعد نهاية الشهر الأول والثاني ستظهر الصورة واضحة وستعرف الأسرة إنْ كانت مديونيّتها بإزدياد أم أنها توفّر.

يشار هنا إلى أنه يجب مشاركة جميع أفراد الأسرة حتى الأولاد الصغار في اتخاذ قرار لإدارة ميزانية المنزل، وإطلاعهم على كامل الخطة وتفاصيلها؛ لأن هذا سيعزّز من إمكانية التعاون المستقبلي لتخفيض النفقات ولإجراء التغييرات المناسبة.

طبعا هذه هي المرحلة الأولى في إدارة ميزانية الأسرة، وسنتحدث لاحقا عن المراحل والمركّبات الأخرى في اقتصاد الأسرة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]