تختلف الآراء بين الناس في كل موضوع الفقر المادي ومدى تأثيره على الأخلاق والقيم، فهنالك من يدّعي أن الفقر يعلّم الناس الصبر والأيمان ويجعلهم أقرب من ربّهم، وهنالك من يدّعي أن الفقر المادي هو أحد مسببات الفقر الأخلاقي وانعدام القيم، ولو بحثنا الإدعاءين على أرض الواقع لوجدنا أن لكليهما هنالك أمثلة حية، فترى قسم كبير من المجتمعات الفقيرة تكون مجتمعات متدينة وترى جزء من الفقراء هم أشخاص ذو قيم عالية وأخلاق حسنة وأبرزها الصبر، والرسول محمد صلى الله عليه وسلّم كان خير مثال للفقير الخلوق الصادق، ولكن من ناحية أخرى نرى في قسم كبير من الدول الفقيرة صورا عديدة لانعدام الأخلاق، كالتحرش والسرقة والقتل وغيرها ودائما يبررون أعمالهم بالفقر .

حول هذا الموضوع كان لنا حديث مع الباحث في علم الاجتماع التنظيمي، فادي عمر والذي قال : هنالك علاقة واضحة بين الفقر والقيم، وهنالك دراسة اجتماعية طرحت في كتاب "سياسات الإفقار" الذي أصدره مركز الدراسات المعاصرة مؤخرا، فمثلا إحدى القيم التي تميّز بها المجتمع العربي أنه مجتمع جماعي والفقر أحد أهم الأسباب التي اضطرت في بعض الأحيان عقلية قسم من أبناء هذا المجتمع أن تتحول لفردية، بمواجهة الفقر، وقضية تفكك العلاقات الاجتماعية هذه تعتبر من أبرز نتائج الفقر .

وتابع: أيضا هنالك نتائج أخرى للفقر تتعلق بالقيم، فالسلوك الحسنة هي من القيم الأخلاقية الحميدة، وانتشار الفقر في مجتمعنا ينعكس بشكل واضح على انتشار كل المظاهر السلبية.

وأضاف مجيبا على سؤال حول كيفية إصلاح المجتمع في الوقت الذي يصعب فيه إصلاح الوضع المادي، قال : كشخص منطلق من علم الاجتماع التنظيمي أؤمن بأن كل أفراد المجتمع يجب أن يشاركوا لتصليح وحل الظواهر السلبية، فالعمل على مستوى القيادة فقط لا يصلح الأمور كما يجب برأيي، فسبل المواجهة بهذا الموضوع يجب أن تكون شعبية عن طريق ورشات عمل، منتديات فكرية وأعمال على كافة الأصعدة. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]