انطلقت مؤخرًا مسرحية "الزمن الموازي" بجملة عروضات في مسرح الميدان في حيفا، ولاقت المسرحية، التي تجمع بين السياسة والفن، التراجيديا والكوميديا، وتحاكي قصة الأسرى إقبالا وتفاعلا جماهيريا كبيرًا.

وتعكس "الزمن الموازي"، التي تدور وقائعها في زنزانة رقم 4، صورة مصغرة لحياة أسرانا اليومية والحالمة، فتنتقل بنا من واقعهم إلى أحلامهم، وللحظة تخال نفسك أنك في زنزانة رقم 4، ترغب وبشدة أن تشاركهم النضّال، حتى ولو على صناعة عود، حيث تدور المسرحية المستوحاة من تجربة الأسير وليد دقة من مدينة باقة الغربية المعتقل منذ 28 عاما، حول محاولة الأسرى صناعة عود للأسير الموسيقي مراد (فداء الشاعر) يستعمله للعزف في عرس الأسير وديع (وليد دقة) والذي يحلم، وإن كان خلف القضبان، أن يتزوج وينجب طفلا إلى الحياة يسميه "ميلاد".

الأسير المحرر والموسيقي فداء الشاعر: نص غير منصف لقصتي

وعلى الرغم من أنه لم يحضر المسرحية بكاملها، إلا أن للموسيقي فداء الشاعر، والمتواجد حاليًا خارج البلاد ,  إستياء قد يصل حد المحاكم، على الطريقة التي تم عرض دوره في المسرحية. ففي رسالة خاصة لموقع "بكرا"، وجهت منها نسخة لمخرج المسرحية بشار مرقص، قال الشاعر "إن ما قمت به من تظليل وتشويه في مسرحيتك الاخيرة الزمن الموازي، والتي اعترف انني المخطئ بإعطائك العمل جعلني اكتب هذه الرسالة، فبأي حق تغير مسرحية تعب بإنتاجها مجموعة اسرى في سجون الاحتلال؟".

وأضاف الشاعر في رسالته "من اعطاك الحق لتشوه اجمل قصة حدثت وأجمل تجربه لإنتاج عود داخل اسوار السجن؟ لا اريد ان اتحدث عن تشويهك للعمل المسرحي الذي كنت انا جزء من انتاجه، ليس فقط كموسيقى، وإنما كنص ايضا، فانا اعرف أنك قمت بهذا التشويه لأبعاد نفسك عن اي شبهة قانونيه عندما تكتب بأنك المؤلف والكاتب والمخرج، ما يهمني في هذه الحالة الحديث عن العود وكأنه وجد للترفيه، من أجل خطبة أحد الرفاق بالأسر، والذي تزوج قبل دخولي الأسر بـ 7 سنوات".

وقال الشاعر "انا صانع العود، وأنا من صنعت العود في المرة الاولى قبل التقائي بالرفيق وليد دقه وصنعته في المرة الثانية".

وأضاف "ليعرف الجميع قصة العود سأنشر لكم لماذا صنعته، عندما تم اسري بعد عودتي من باريس قال لي احد المحققين سنجعلك تنسى الموسيقى لمشاركتي أمسية تضامنية مع الأسرى وغزة في باريس، فكانت رسالة المحقق قد وصلتني بوضوح، حينها قررت ان اثبت لهم بأنني سأكمل طريقي حتى داخل اسوار سجنهم. وفي البداية بدأت اكتب المقطوعات الموسيقية، دون سماعها، وكانت تجربة جميلة فقد شعرت بمعاناة بيتهوفن، وبعد شهرين تقريبا من خروجي من زنازين التحقيق قد صنعت العود الاول وصنعته بثلاثة اوتار لان زملائي في الزنزانة قالوا لي ان صنعته كاملا سيكون من السهل على السجان ايجاده، فوافقتهم الرأي، وبعد مرور عام تقريبًا وصل الرفيق وليد دقه من القسم المجاور، وكانت اول مرة نلتقي فيها عندها اعطاني بعض القصائد وقال لي هل يمكنك تلحينها، فقلت له بعد ان قرأئتها بإمعان يمكننا ان نؤلف مسرحية غنائية تتحدث عن معاناة الاسرى، وتحديدًا أسرى ما قبل اوسلو، ومن خلال الحديث تطرقنا لفكرة العود ورغبتي بأن يكون كاملا، فقال لي (القصد الأسير دقة) وقتها سنصنعه سويًا كما تريد، ومن اجل اتمام هذا المشروع طلبت نقلي الى زنزانة رقم 13 التي يتواجد بها الرفيق وليد رغم انه كان يتوجب علي ان ابقى بجانب ابي المريض، إلا انني انتقلت لأحقق ما عملت عليه، ولأكمل رسالتي وأقول للسجان يمكنك اسر جسدي لكنك لن تستطيع ان تأسر روحي.فهل يحق لك يا صديقي ان تخرج مسرحيتك الساخرة على حساب تعب الاخرين وتشوه اجمل حقيقة صنعت؟!".

وأضاف الشاعر "هل يحق لك ان تفعل هذا وأختي ما زالت لا تستطيع زيارة ابي لتهريبها الأوتار لي لأصنع معجزة من لا شيء"؟!

وفي حديثٍ مع الشاعر لـ "بكرا" طالب مخرج المسرحية مرقص "إنصافه" وتعديل نص المسرحية بحيث يعرض الحقائق التي ذكرت أعلاه مهددًا بالتوجه للمحاكم في حل لم يتم ذلك. وأكد الشاعر على مشاركته في العمل المسرحي منوهًا على أن العمل المسرحي الذي قام بتأليفه إلى جانب دقه قد سلم لمرقص للإستعانة به.

يحاسب الكاتب على مقالاته وليس على منطقه الفني، والقصة لوليد

وفي ردٍ لمخرج العمل المسرحي "الزمن الموازي" بشار مرقس على إدعاءات الشاعر قال لموقع "بكرا" "الزمن الموازي" هو مصطلح استخدمه الاسير وليد دقة في كتاباته، والنص لا يمت بأي صلة للأسير المحرر فداء الشاعر، وقد قمت بعمل بحث شامل عن النص الذي ألفه وليد دقة داخل السجن وكنت على استشارة تامة معه من خلال الرسائل بيني وبين وليد من والى السجن، بالاضافة الى ذلك تمت مرافقتي من قبل عائلة وليد خلال عملية البحث.

وأضاف "لا افهم، كيف لفداء الشاعر توجيه رسالة كهذه وهو لم يشاهد العمل بتاتًا، مجرد انه اعتمد على اخبار وتقارير قد نشرت في وسائل الاعلام، علمًا ان هذه المواد لا تعطي صورة شاملة عن العمل، وأريد ان اؤكد انني وخلال البحث حاولت الاتصال بفداء الشاعر مرارًا لكن لم لتمكن من الوصول اليه، فأنا لدي الحقوق الكاملة والمتكاملة من الاسير وليد دقة على كل النصوص ولي الحق ان اختار ما اريد منها لعكس القصة من خلال العمل المسرحي، وهذا ما يسمى بالمنطق الفني للعمل، وأوضح أنه، وفي كل العالم، يحاسب الكاتب على ارائه في مقالاته وليس منطقه الفني، فلك الحق أن تتفق أو تختلف معه، لكن لا يحق لك أن تغير المنطق الفني الذي حرك هذا العمل والذي أعتمد بالأساس على قصة الأسير وليد دقة".

وقال مرقص "بودي التأكيد للشاعر، أن النص كاملا تراجيديًا، فهو قصة أسر ونضال، فلا يمكن اعتباره كوميديا أو هزليًا، ولا أتعامل معه كذلك، لكن هذا لا يعني أن الأسرى في حزن دائم، فهنالك محطات أمل، ومحطات ابتسامة في حياتهم اليومية".

وأختتم قائلا "ما قام به الشاعر غير مهني أو موضوعي، ويصب في خانة التجريح وليس النقد، حبذا لو شاهد العمل كاملا وناقشني، أو حتى أخذ بعين الاعتبار أهميتة في حملة رسالة من الأسر إلى الجماهير العربية، تلك الرسالة التي وافقني على ضرورة نشرها عدد من الأسرى المحررين، اتهامات الشاعر ومحاولة تشويه عملي الفني، وأسمي، مرفوضة". 

الفنان عامر حليحل:  هكذا هو الفن، يأخذ الواقع ويحوّله الى خيال يبني واقعاً جديد

أما المستشار الفني لمسرح "الميدان" الفنان  عامر حليحل، فقد قال لـ "بكرا" "لقد قرأت ما كتب الاسير المحرر فداء الشاعر عن المسرحية وبما أنني أحد المسؤولين فنياً عن العمل بحكم وظيفتي فإرتأيت أن أوضح بعض النقاط.

 

"أولاً بودي أن أؤكد على ان طرحنا في مسرح الميدان لقضية الأسرى ينبع فقط من احترامنا وتقديرنا لأسرانا البواسل في السجون الإسرائيلية أولاً والعربية ثانياً، ولنؤكد دفاعناً عن قضيتهم التي هي قضيتنا حيث رأينا أنه من واجبنا أن نطرح صوت الأسير على خشبة مسرحنا لأن أسرانا هم صورة شعبنا المشعّة والمنيرة لدربه".

وقال حليحل "عندما توجهنا للمخرج بشار مرقص وطلبنا منه أن يقوم ببناء مشروع يدور حول الأسرى أبدى سعادته واستعداده التام لخوض التجربة، وبالفعل بدأ بشار ببحث طويل وعميق حول الأسرى وحياتهم وسجنهم، والتقى العديد من الاسرى المحررين وتواصل مع العديد الآخرين (أنت كما فهمت واحد من الذين تواصل معهم) وجمع المعلومات والقصص والحكايات".

وأضاف "بالفعل جاء بشار بنص تأليف مجموعة الأسرى التي كنت أنت شريك بخلقه، لكن منذ اللحظة الأولى تقرر أن مسرحيتنا لن تستخدم أي شيء من النص ولا من الموسيقى وستقوم الفرقة بقيادة بشار بكتابة مسرحية من الصفر مستندة الى وقائع حقيقية ورسائل الأسير وليد دقة التي كتبها لأحبائه خارج السجن وبعض المقالات التي نشرت له في الصحافة )وقد تلقينا موافقة خطية لإستعمال المواد من الأسير وليد دقة الذي كان بتواصل دائم مع بشار وطاقم العمل)، كما تقرر أن تتناول المسرحية موضوع زفاف وليد كمحرّك للمسرحية. كما تقرّر أيضاً أن لا تستعمل المسرحية أسماء الأشخاص الفعليين لأنه ليس عمل وثائقي وهناك مزج بين عدة قصص من عوالم مختلفة جمعتها المسرحية في عالم واحد".

وقال "هنا نأتي لموضوع العود، طبعاً كلّنا وعي أن قصة العود في المسرحية ليست نفس قصة العود في السجن من حيث تفاصيل خطة بناءه أو المرحلة الزمنية وذلك جاء لمصلحة التكثيف الدرامي، حيث أن المسرحية تستغرق ساعة ونصف زمن فعلي بينما تحكي لنا قصة تمتد على مدار أكثر من عشرة أعوام، لذا تطلّب العمل مزج قصة العود بقصة الزواج.لا أرى أي ضير في ذلك خصوصاً أن الشخصيات في المسرحية لا تدّعي أنها شخصيات الأسر الحقيقية وهي بأسماء مختلفة وخلفيات مختلفة. هكذا هو الفن، يأخذ الواقع ويحوّله الى خيال يبني واقعاً جديد. هل في هذا اي تشويه؟ لا أظن".

وأضاف حليحل "كما أنني فهمت أن الاسير المحرر فداء الشاعر لم يشاهد العمل، بل شاهد تقريراً عن المسرحية مصوراً لا يعطيه صورة واضحة عن العمل، أقترح أن يرى المسرحية أولاً ان كان هذا متاح له، وبعدها سأقبل أنا وبشار وكل طاقم المسرح أي نقد توجهه للمسرحية. الإخلاص والحساسية اللذين عمل بهما بشار وطاقم المسرحية لا مثيل لهما، والماديات كانت آخر همومهم، كان هم الجميع أن نُخرج الى النور عملاً يفي الأسرى حقهم، يظهرهم بشكلهم الإنساني، بقوتهم وضعفهم، حبهم وكرههم، فرحهم وحزنهم. أراد العمل أن يقول للجالسين في القاعة أن ألأسير هو انسان وليس رمزاً فقط".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]