رغم الألم والصعاب، عزمت الفلسطينية سوسن الخليلي من قطاع غزة على تحقيق طموحها تاركة خلفها كل معاني اليأس والانكسار، وتحدت كافة العقبات والنظرات القاسية التي كانت تلمحها في عيون الناس.

والخليلي (40 عامًا) واحدة ممن يصنفن من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ إلا أنها تحدت نظرات المجتمع، وظهرت كأبرز الناشطات في مجال الفنون اليدوية والرسم على مدار سنوات، كما تولت مناصب إدارية عدة.

صفات الذكاء والفطنة كانت ظاهرة على سوسن منذ طفولتها، فالتحقت بالمدرسة قبل السن القانوني بعام، لكن عند انتقالها للمرحلة الإعدادية بدأت تشعر بالحرج بسبب قصر قامتها، فشعرت بأنها مختلفة عن زميلاتها.

لم تدفع نظرات بعض الزميلات سوسن للانكماش على نفسها، بل تحدت ذلك، لتنهي المرحلتين الإعدادية والثانوية بتفوق، وفق ما تؤكد لوكالة "صفا".

وتقول: "خلال المرحلة الدراسية واجهت مجموعة من التحديات، منها اعتقاد البعض أن ذوي الاحتياجات الخاصة معاقون عقليًا ولا يفقهون شيئًا، لكني أثبتت أن الإعاقة تكون في العقول المقفلة، وليست في الجسد".

وتذكر أن إغلاق الجامعات إبان الانتفاضة الأولى (انتفاضة الحجارة 1987- 1993) حال دون التحاقها بها مبكرًا، لكنها شغلت وقتها بدورات السكرتاريا والطباعة، وفنون الأشغال اليدوية، كالرسم على الزجاج والتطريز، بالإضافة إلى كتابة الشعر والإلقاء، وعند إعادة فتح الجامعات درست تخصص الحقوق بجامعة الأزهر.

مسئوليات ومشاركات دولية

وإصرارًا على تحقيق طموحها، انتخبت الخليلي أمينًا لسر الاتحاد العام للمعاقين بقطاع غزة عام 1999، وذلك بعد العلاقات المميزة التي بنتها مع ذوي الإعاقة والمسؤولين في مؤسسات رعايتهم، وما تزال تعمل متطوعة حتى الآن في هذا المنصب.

ويضم الاتحاد نحو 30 ألفًا من ذوي الاحتياجات الخاصة من كافة محافظات القطاع، وهو العدد الأكبر من هذه الفئة بغزة.

وتعدت إسهامات الخليلي الصعيد المحلي، إذ مثّلت فلسطين في مهرجان ببريطانيا، فشاركت بأغنية عن الأرض والسلام، وشاركت في معرض للتراث في رومانيا عام 2010، وعرضت مجموعة من أعمالها وأعمال النساء صاحبات الإعاقة.

كما مثلت فلسطين في فعاليات بفرنسا وألمانيا وبلجيكا، وتحدثت في البرلمان الألماني عن واقع الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة ولاسيما بعد حرب 2012، وازدياد أعدادهم واحتياجاتهم، كما حصلت في 2008 على جائزة المرأة المبدعة في مجال الرسم.

وتوضح أن المعروضات والمنتجات التي أبدعتها أيدي نساء وفتيات فلسطينيات ذوات الإعاقة تُباع بأضعاف ثمنها لدعم هذه الفئة.

وكان للخليلي إسهام مميز في مجال الرياضة، حيث شاركت بالعديد من الأنشطة المحلية والإقليمية والدولية من خلال الاتحاد الفلسطيني لرياضة المعاقين، وحصلت على الميدالية الذهبية في تنس الطاولة على مستوى قطاع غزة عام 2009، وميداليتين ذهبيتين في ألعاب القوى عام 2010 بمسابقة رمي القرص ودفع الجلة.

وعُينت سوسن عام 2010 كسفيرة تمثل المعاقين الفلسطينيين في بريطانيا ومصر، وهو ما مكنها بمارس 2015 للمشاركة بحملة مناصرة لصاحبات الاحتياجات الخاصة في إيطاليا، وزارت وزارة الخارجية الإيطالية "لتغيير الصورة السيئة في المجتمعات عن ذوي الإعاقة".

وأسست في عام 2015 نادي "فارسات فلسطين" للسيدات صاحبات الإعاقة، ليكون النادي الأول في فلسطين بالنسبة لرياضة النساء ذوات الإعاقة، وسيسمح لهن بالمشاركة في المحافل والبطولات المحلية والدولية.

وتؤكد الخليلي على ضرورة تطبيق قانون المعاق رقم 4 لعام 1999، والذي يكفل لكافة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة حقوقهم كاملة سواء كانت في العمل أو التعليم أو الصحة.

وتطمح الفلسطينية- كما الآلاف من أصحاب الاحتياجات الخاصة بغزة- أن يكون لهم تمثيلًا في المجلس التشريعي، لانتزاع حقوقهم بأنفسهم، بعد أن رأوا أنها "ضائعة".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]