كثيرة هي حوادث الأولاد، هذه الحقيقة تواجهنا دائماً، وحينها فقط نتساءل، من المسئول عن سلامة هؤلاء الأولاد؟ الذين ولدوا لأهل يحبونهم ويحاولون بكل جهد الحفاظ عليهم وإبعاد المخاطر عنهم، بالرغم من كل هذا، الأولاد يصابون منهم من يبقى معاقاُ ومنهم من يموت أيضا.
لهذه الظاهرة التي باتت آفة العالم اجمع، تفسيرات وأسباب كثيرة، فان سألنا كل شخص على وجه الأرض يستطيع أن يعدد الأسباب وفي النهاية يحصر هذه الأسباب بمسئولية الأهل! ولكن حقيقةً الوضع يختلف عن هذا، كما نعلم الأطفال هم أبناء هذا العالم لذلك المسؤولية هي "مسئولية جماعية" علينا جميعاً من الصغير حتى الكبير، من أولياء أمر الأولاد حتى صناع القرار، من مهنيين ورجال دين ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية العمل معاً للحد من هذه الظاهرة.

كفانا لا مبالاة وكفانا التهجم والتهكم على أولياء أمر الأولاد، آن أوان العمل وفهم المسببات الرئيسية لهذه الآفة ولا نكتفي فقط بالأسباب التي نسمعها دائماً مما يشير على عدم فهم عمق هذه الظاهرة.

لأسفي الشديد من الملاحظ في كثير من المواقف التي نشهدها في المجتمع العربي ومنها موضوع سلامة الأولاد نكتفي بإعطاء الحلول البسيطة غير المدروسة أو المدعومة بدراسات أكاديمية باعتقادنا أن هذا هو الحل الأنسب والصحيح "ويا ويلاه" إن قيل غير ذلك، لهذا السبب الوضع باق على ما هو عليه.

إن أردنا حل هذه الظاهرة علينا كما أسلفت سابقاُ أن نقف ونفهم ما هي المسببات الرئيسية ومن ثم بناء منظومة عمل وأهداف مستقبلية تتناسب مع متطلبات المجتمع العربي، فكما سبقنا وذكر الفيلسوف اليوناني أفلاطون - واحد أعظم الفلاسفة الغربيين (الذي عاش بين 427 ق.م - 347 ق.م) - نجاح كل شخص وكل مجتمع متعلق بوضع الأهداف المنطقية والعمل بكل الوسائل المتاحة من اجل تحقيق الهدف.

من اجل الرقي بسلامة الأطفال علينا جميعاً أن نوحد طاقاتنا ونضع رؤيا مستقبلية واضحة مزودة بأهداف واضحة للمدى البعيد والقريب، المبنية على طاقاتنا والمصاعب التي قد تواجهنا مدعومة بإستراتيجية عمل مناسبة لمتطلبات المجتمع العربي. الكل يعرف بان هذا هو الطريق الأنسب لردع هذه الظاهرة ولكننا نكتفي بالأقوال المتداولة بان المسؤولية هي مسؤولية الأهل الخ !!

من خلال دراستي للموضوع بإمكانني القول بوجود الكثير من المنظومات المثبتة لردع هذه الظاهرة، فالمنظومة التي تبنتها منظمة الصحة العالمية ومنظمات أخرى في العالم التي تعمل في هذا المجال هي منظومة تخلط عدة إستراتيجيات عمل ومنهم:

• رفع الوعي الجمهوري لظاهرة حوادث الأطفال من خلال المحاضرات، وتوزيع المنشورات ليس فقط للأولاد في المدارس وإنما أيضا لأولياء الأمر (Education) ;

• تنمية كوادر مهنية وإعطاءهم آليات لإيصال رسالة الأمان من خلال دوامهم اليومي (Empowerment);

• حث، ومساعدة، ودعم السلطات المحلية لبناء مشاريع جماهيرية (Economical initiative );

• تغييرات في البنى التحتية وبناء مساحات وأبنية آمنة لأولادنا (Environmental Modification);

• القيام بدراسات وأبحاث لفهم الأسباب والمسببات; (Evaluation);

• حث السلطة التشريعية بكتابة قوانين للرقي بسلامة الأطفال (Enforcement).

العمل من خلال محور واحد من هذه المحاور لا يأتينا بالتغيير المنشود، فالا مبالاة وعدم الاهتمام بسلامة أطفالنا هو حالنا، وإقبال أولياء الأمور لمحاضرات وفعاليات غير منهجية هو ضئيل بسبب الاعتقاد الدارج بان: "هذه الحوادث لا تحصل عندي"، "لن يجددوا لي أي شيء"، "لقد كبرنا بهذا الواقع"، "الحوادث قضاء وقدر" الخ.

لهذا السبب، المبادرة للتغيير فقط من خلال هذا المحور كما نفعل حاليا!!! غير كافية فللتغيير الحقيقي علينا العمل على جميع المحاور معا.
من هنا أتوجه لصانعي القرار من رجال أعمال إلى رؤساء بلديات ومجالس محلية إلى سياسيين إلى مهنيين إلى رجال دين والى وسائل الإعلام بتبني هذه المنظومة لبناء عالم آمن لأولادنا، فلا يمكننا السير قدما وهناك عشرات من الأطفال يموتون سنويا ومئات منهم يبقون مع عاهات أبدية بسبب الحوادث يجب العمل للحد من هذه المعانات.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]