هل هي نهاية "الغولدن بوي"؟ سؤال مطروح بقوة تلك الأيام، فوضع واين روني قائد مانشستر يونايتد والمنتخب الإنجليزي منذ بداية الموسم لا يزداد إلا سوءاً..

بدأت الأمور بتراجع تدريجي في مستواه نتيجةً لتقدم العمر وكثرة التلاعب بمركزه خاصةً على يد لويس فان غال المدرب السابق للشياطين الحمر، كللتها مباراة كارثية أمام واتفورد بتمريرات لا تخرج من قدم مبتدئ ارتعش لوجوده فجأة في منافسات الدرجة الأعلى، ومن هنا حُذفت مادة إشراك روني بصفة أساسية من دستور أولد ترافورد.

وجود نجم في فريق كبير يمنحه فرص المجد والتألق ولكن هذا السلاح يستمر دائماً في إشهار حده الثاني حين يتراجع مستوى هذا النجم، فالجماهير لا ترحم، والصحافة -الإنجليزية بالذات- لن تمنحك استراحة أبداً، بالتالي تتزايد الضغوط إلى أن يعود لمستواه أو تدهسه الصخرة الإعلامية الثقيلة كسابقيه.

بطبيعة الحال وفي مثل تلك الظروف، لا يوجد ما هو أسوأ من أن توقعك الصحافة مخموراً لدرجة مثل تلك التي شاهدنا روني عليها وخلال تواجدك بمعسكر المنتخب الإنجليزي الذي تحمل شارة قيادته، لن يأبه أحد إن كانت تلك الليلة استراحة للمنتخب بالكامل، لن تجد من يلتمس لك الأعذار، في قمة مستواك أو بالقرب منه تلك لا تعد مشكلة، فقط سجل هدفاً في المباراة القادمة وكلما زادت جماليته وأهميته كلما تضاءلت الأنياب الجماهيرية المتحفزة وخفتت الأحاديث إلى حد التلاشي التام.

المرتقب وبقوة الآن هو العواقب غير المعلنة بعد، والتي بدأت بإبعاد روني عن تشكيل مواجهة آرسنال وهو ما يقبل تفسيرين، الأول هو تراجع مستواه الحالي والثاني على خلفية الواقعة الأخيرة، ولكن تدور الأحاديث الآن عن احتمالية سحب شارة قيادة المنتخب الإنجليزي منه قريباً، نعم فتلك الشارة المشئومة لم تترك أحداً يهنأ بارتداءها منذ أن خلعها ديفيد بيكهام طواعيةً في 2006 وكأنه قد لعنها!

الأمر لا يقاس على أساس النجاح الدولي فمنتخب إنجلترا لم يحقق شيئاً منذ كأس العالم المشبوه في دياره عام 1966، وإنما هناك من ضخمت تلك الشارة مشاكله ومشاكل الفريق ككل، وهناك من قضت على مسيرته الدولية نهائياً، وهناك من لم يتضرر منها مباشرةً لكنها كانت شاهدة على أسوأ نهاية ممكنة لمسيرة لاعب أسطوري.

البداية أتت بالمدافع جون تيري قائد تشيلسي الذي تسلمها في أعقاب مونديال 2006 وحتى 2010، حين تورط بخيانة زميله واين بريدج مع صديقته، الأمر الذي اضطره للتخلي عن الشارة لصالح ريو فيرديناند مدافع مانشستر يونايتد آنذاك، ولكن في 2011 تعرض الأخير لإصابة طويلة الأمد فأعاد المدرب فابيو كابيلو الشارة إلى تيري من جديد.

في فبراير 2012 قام تيري بتوجيه إهانات عنصرية للاعب كوينز بارك رينجرز أنتون فيرديناند -شقيق ريو-، فأعلن الإتحاد الإنجليزي لكرة القدم عن سحب الشارة منه للمرة الثانية مما أدى لاستقالة كابيلو وتولي روي هودسون للمهمة، والذي كان قراره الأبرز قبل يورو 2012 هو استبعاد فيرديناند خوفاً من حدوث مشاكل بينه وبين تيري على خلفية واقعة أنتون.



بعد الخروج من ربع نهائي اليورو على يد إيطاليا بركلات الترجيح أعلن تيري اعتزاله الدولي في سبتمبر 2012، وبعد سلسلة من المشاكل بين فيرديناند وهودسون واصل خلالها الأخير في إظهار عدم احترامه للأول، أعلن مدافع الشياطين الحمر اعتزاله الدولي في مايو 2013.

نعود إلى الشارة التي انتقلت من تيري إلى أحد أسوأ أساطير كرة القدم حظاً على الإطلاق وهو قائد ليفربول ستيفن جيرارد، والذي كان الإنجليزي الوحيد المُختار في فريق يورو 2012 بـ3 تمريرات حاسمة وفوزه مرتين بجائزة رجل المباراة، ولكن إن كان هناك شخص يريد محو عام 2014 من الذاكرة والتاريخ فهو "ستيفي" بلا شك.



ليفربول كان في طريقه لعام من الأحلام، قاب قوسين أو أدنى من معانقة لقب الدوري الغائب منذ عام 1990، جيرارد على وشك وضع يده على اللقب الذي لم يمسه أبداً، انتصار ملحمي على مانشستر سيتي يضع الريدز على بعد أمتار قليلة للغاية، القائد يجمع لاعبيه بعد المباراة ليخبرهم بأن ذلك اللقب "لا يجب أن يفلت"، والبقية للتاريخ فلم يفلت بنهاية الطريق سوى قدمه هو!

يحاول جيرارد طي الصفحة التراجيدية قبل كأس العالم، ولكن في النهاية تقاسمت إنجلترا مع إيطاليا تذكرتي الوداع من دور المجموعات لصالح كوستاريكا وأوروغواي في ثاني أكبر صدمات مونديال البرازيل بعد السباعية، وكان لقائد الريدز دور كبير في هدفي السيليستي بواحدة من أسوأ مبارياته على الإطلاق، في يوليو 2014 أعلن اعتزاله الدولي، وقضى موسم أخير سيء على المستوى الجماعي والشخصي بقميص ليفربول لتنتهي الحكاية بانتقاله إلى الدوري الأمريكي.



مما نرى حتى الآن، يبدو أن شارة قيادة الإنجليز قد استقرت هوية ضحيتها الرابعة، فحتى لو لم يتم إتخاذ إجراء تأديبي بحقه على خلفية واقعة السُكر، فإن الواقع يخبرنا بأن أيام الغولدن بوي في مانشستر باتت معدودة، الطريق يقود إلى إيفرتون بأحسن الأحوال فنياً، كما يقود إلى الصين أو الولايات المتحدة بأحسن الأحوال مادياً، واللجوء للخيار الأخير أو البقاء في مانشستر على تلك الشاكلة ستعني استبعاداً حتمياً من قائمة إنجلترا قبل مونديال روسيا 2018.

على مختلف الجبهات، يقاتل روني وحيداً في مواجهة الضغوط والإعلام والفضيحة الأخيرة وتلك الشارة الملعونة، في ظروف ليست قريبة من أي شيء يمنح بادرة أمل للعودة، الكل يعلم أن جوزيه مورينيو ليس ذلك المدرب الذي تراهن عليه في إنقاذ لاعب تحت الضغط فهو متخصص في تصديره للاعبيه في أوقات الخسارة، والتاريخ يقول أنه لا يملك عزيزاً، ولن يتردد مطلقاً في التخلي عمن وصفه بـ"أفضل لاعب إنجليزي في العقد الأخير"، فقد كان هذا الوصف ينطبق على فرانك لامبارد وفقاً لمورينيو نفسه قبل عامين! كيف يمكن لروني -أو أي بشر آخر- النجاة من تلك الدوامة؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام..

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]