تمر الذكرى السنوية ليوم الأرض الخالد هذا العام مع تصاعد الهجمة الرسمية والشعبية على الأقلية الفلسطينية في البلاد بمختلف المجالات، وبوتيرة متناسقة مع ازدياد الفاشية والعنصرية بالشارع الإسرائيلي الذي وصل حد الدعوة العلنية للترانسفير وسحب المواطنة ضمن تصاعد الحملة الرسمية بانتهاك الحقوق الأساسية والعمل على وضع القوانين والسياسات العنصرية في مختلف مجالات الحياة.

ففي النقب تتصاعد وتيرة هدم البيوت وطرد المواطنين العرب من أراضيهم وقراهم ضمن مخطط الدولة للاستيلاء على الأراضي وتجميع أصحابها الأصليين في أصغر بقعة ممكنة، والتي شكلت قضية ام الحيران نموذجا صارخا لها من حيث تنفيذ سياسة ترحيل اهل البلد الاصليين وهدم بيوتهم بهدف إقامة بلدة يهودية عليها وهو ما يمثل سياسة إحلال عنصرية وهندسة ديمغرافية تمثل مخالفة جسيمة لحقوق الانسان وللمعايير الدولية المتعارف عليها. اضافة لاستمرار سياسة هدم البيوت في المثلث والجليل بحجة البناء غير الرخص الذي يستعمل اليوم ذريعة لتشريع هدم اكثر من خمسين الفا من البيوت العربية ويهدد بتشريد مئات الالاف من بيوتهم المقامة على أراضيهم الخاصة، وما اقتراح قانون كمينتس الا وجها واحدا من هذه السياسة التي تمثل سياسة "تدفيع للثمن" من قبل المؤسسة الرسمية.

وكما شكل يوم الأرض في العام 1976 نقلة نوعية في علاقة الدولة بالأقلية الفلسطينية، ورفضاً لسياسة تهويد المكان الذي أرادت الدولة فرضه على ارض الواقع، فإن هذه الذكرى تعود علينا اليوم في ظل تحديات كبيرة أبرزها، صعود التيارات اليمينية والفاشية على سدة الحكم في اسرائيل والتي تم انتخابها على خلفية برامج سياسية نادت علانية بطرد العرب وتجريدهم من حقوقهم الوطنية والمدنية، على طريق ترسيخ يهودية الدولة في كل تعاملها مع الفلسطينيين بالداخل ، والعمل بالوقت ذاته على زيادة الاستيطان وتشريعه – بل والمطالبة بضم المستوطنات وإعادة تعريف حدود الدولة بعد تحديد طابعها المعادي للمعايير الإنسانية والقيم الدولية لحقوق الانسان.
ان هذا التحدي اذ يتطلب تخطيطاً جدياً للتعامل مع إفرازاته على ارض الواقع، فإنه ايضاً يتطلب وحدة بين أطراف المجتمع الفلسطيني، من أحزاب واطر تمثيلية ومؤسسات مدنية وجمعيات مهنية، من اجل رسم معالم الرد المطلوب للتحديات الراهنة، والتي تحاول السلطة تمريرها من خلال المحاولات العنصرية والفاشية المتكررة للعدوان وسحب الحقوق، اضافة للبرامج السياسية التي تنادي علانية بسحب الشرعية عن الوجود الفلسطيني في ارض الوطن.

ان المؤسسة العربية لحقوق الانسان اذ تشير الى هذه التحديات الجدية فإنها تؤكد على ضرورة النضال الوطني المحلي وإشراك قطاعات مجتمعنا المختلفة، وبضمنها الشباب، للمشاركة بمقاومة هذه التحديات والتغلب عليها، وتطوير أساليب النضال المحلية والجماهيرية بما يلائم التحديات الكبيرة، دون إهمال لضرورة تطوير العمل لطرح قضايانا على المحافل الدولية الرسمية والشعبية ضمن المحاولات الجارية لفضح ممارسات إسرائيل ونظامها العنصري، والعمل لتجنيد المجتمع الدولي – الرسمي والشعبي - لمحاسبة اسرائيل على جرائمها ضد شعبنا في المناطق المحتلة وسياستها العنصرية تجاه الاقلية الفلسطينية في الداخل.

وبهذه المناسبة فأن المؤسسة العربية لحقوق الانسان تدعو المجتمع الدولي بمؤسساته الرسمية والشعبية - للإيفاء بالتزاماته تجاه حماية حقوق الانسان والمجتمع الفلسطيني، وتؤكد مرة أخرى على ان استمرار تعزيز علاقات اسرائيل الدولية مع المجتمع الدولي (الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي)، دونما أي اعتبار لسياسات اسرائيل ومخالفاتها الجسيمة لحقوق الانسان والقانون الدولي، إنما تشكل موافقة ضمنية على ممارسات إسرائيل وتشجيعا لها للتصعيد ، علاوة على إنها تشكل مساً خطيراً بمصداقية المعايير الدولية والإنسانية المتعارف عليها.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]