أُقيمت أمس شعائر صلاة الجُمعة المُباركة في جامع عُمَر المُختار يافة الناصرة بحضور حشد مِن أهالي البلدة والمنطقة حيثُ افتتحها الشيخ سليم خلايلة بتلاوة آيات عطرة مِن القرآن الكريم، ثُمَّ قدَّم الشيخ موفق شاهين إمام وخطيب الجامع الدرس واستهله بِحمد الله سُبحانه وتعالى والصلاة والسلام على الرسول الكريم النبي مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، وقال: "أن يؤمننا الله سبحانه وتعالى في أوطاننا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (مَن أصبح في سربه آمِنًا مُعافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)، الأمن والطعام هُما أعظم نِعَم الله على العبد، ليس صُدفة الله عزَّ وَجَل عندما طلب بل وأمر مِن الناس أن يعبدوه ذكر القرينتين والسببين في جعل الناس يعبدون الله فقال ((فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم مِن جوع وآمنهم مِن خوف))، وأصبحت الطاعة واجِبَة".

مُبينًا حِكمة الله سُبحانه وتعالى، وأضاف: "نربط هذا الكلام بواقع الناس الآن ونحن بمناسبة يوم الأرض، مَن اعتقد أنَّ الأرضَ له فهو جاهل، ولا لأي شعب في العالم ولا لأي أُمَّة مِن الأُمم، الأرض لله، الله يُريد لِمَن يشاء مِن عباده الصالحين وَيُعطي ويبتلي ويختبر الشعوب والأُمم كما أخرج الذين مِن قبلنا أخرجنا وهذه سُنَّة الله تعالى في خلقه لينظر ماذا يفعلون، مَن الذي أخرج العرب مِن الأندلس بعد أن حكموها ثمانية قرون؟ بتقدير الله، كم مِن أباطرة كم مِن دول كم مِن جيوش سيطرت على بلاد؟ عشرات السنين مئات السنين ثُمَّ انقلب الزمان عليها، لا يحكم الأرض إلَّا رب الأرض، ولا أي دولة قوية أو ضعيفة كله زائل، كُل حرب كُل نصر عند الله، مَن الذي وَرَّث العرب والمسلمين قصور كسرى؟ الله، ((وأورثناها قومًا آخرين))".

وفي الخُطبة وبعد مُقدِّمَة الحمد تابع فضيلته الموضوع وقال: "مَن ظنَّ أنَّ بِقُوَّته وجيشه وتدبيره وتخطيطه يتملك رقاب الناس فهو جاهل، والتاريخ يشهد والقرآن يشهد، كم مِن فئة قليلة غلبت فئة كثيرة، الأرض ويوم الأرض وعلاقة المسلم في الأرض أي كانت ليس بالضرورة فلسطين أو مكة أو المدينة، حُب الوطن مِن الدين ولا يجوز لأحد أن يُخرج أحدًا مِن وطنه تحت أي ظرف والله سُبحانه وتعالى قال ((لا ينهاكم الله الذين يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم مِن دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يُحب المُقسطين)) وأن يكون الولاء للوطن لأنَّ الإنسان فيه آمن ((فليعبدوا ربَّ هذا البيت الذي أطعمهم مِن جوع وآمنهم مِن خوف))".

وأضاف: "النبي عليه الصلاة والسلام عندما بُعِثَ قال أولى ناس يسمعوا دعوتي أهل بلدي فلما بدأ وجهر بالدعوة تنكروا له حاول ثلاثة عشر عامًا فسيم كل أنواع العذاب مِن قِبَل أهله لم يتعلق في البلد مع أنَّ مكة مسقط رأسه ويحبها وقال (أحب بقاع الأرض إلي) وبكى يوم أن أُخرِج منها، حاول أن يغير ونجح في المدينة وعندما انتصر عليهم في مكة لم يرجع إلى مكة وأن يُدفن في المدينة".

وتابع: "الأرض لله كلها، مَن ظنَّ أي شعب على مُستوى شعب على مُستوى أُمَّة أو على مُستوى أفراد بِالقُوَّة يستطيع أن يحكُم الناس وَيُسيطر على الناس وأن يُغير دين الناس واهم جدًا جاهل لا يستفيد مِن التاريخ، لا توجد دولة تستطيع أن تحكم العالم إلى الأبد هذا لا يستقيم مع حكمة الله عزَّ وَجَل والتاريخ يحدثنا أنَّ هناك امبراطوريات دامت مئات السنين ثُمَّ زالت ولم يبقى مِنها إلَّا الأطلال والآثار، مهما الإنسان استقوى بذاته وتجبر وتكبر الله أكبر مِن كل العالم مِن جيوشها مِن كُل حُكام العالم عبر التاريخ مِن لَدُن آدم إلى أن يَرِث الأرض وَمَن عليها هو الكبير هو الحاكم هو الذي يُعطي ويمنع ولكن لِحِكَم".

وذكر الإمام علي بن أبي طالب عِندما سُئِلَ أنه لا يستحق الخلافة أكَّد فضيلته أنَّ الإمام علي الذي الله سُبحانه وتعالى شائت حكمته أن يُختزل سُلالة النبي فيه وفي فاطمة الزهراء وجمع مِن المآثر ما لم يجمع مِن الصحابة.

واختتم: "((إنَّ الله لا يُغير بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم))، انما العلم بالتعلم وانما الحلم بالتحلم، الصبر والأمل حتى يكون المسلم كما يريده الله فعالًا معطاءًا للخير متطوعًا ينشر الخير محضر خير لا يقول إلَّا خيرًا دون عنف وهذا ما قرره القرآن الكريم في أكثر مِن موضع ((إدفع بالتي هي أحسن)) بالكلام الطيب بالابتسامة بالمصافحة بالعفو بالنسيان ((فإذا الذي بينك وبينه عداوة فأنه ولي حميم)) وتذويت هذا الكلام في العقول والعمل به حتى يُغير الله الواقع وتستعيد الأُمَّة هيبتها وأرضها وعرضها ومقدساتها بالأخلاق والآداب والوحدة والمحبة لأنَّ القوة ستزول ولا يوجد قوي إلَّا الله، وَمَن استطاع أن يعيش بسلام مع ذاته يستطيع أن يفرض السلام على غيره".
ودعا الله سُبحانه وتعالى أن يحل الأمن والأمان والسلم والسلام على الكوكب الأرضي.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]