افرزت نتائج الاستفتاء التركي الذي جرى امس في تركيا بهدف التصويت على 18 تعديلا مقترحا على دستور تركيا عن نسبة بلغت %51.3 من المؤيدين للتعديلات الدستورية التي ستمنح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صلاحيات واسعة جديدة.

على اثر هذه النتائج انقسم الشارع الفلسطيني في الداخل بين مؤيد باعطاء اردوغان صلاحيات مطلقة وجديدة، ومعارض بذريعة ان هذه العملية هي تمويهية جرت بشكل ديمقراطي ولكن الهدف منها هو فرض سلطة اردوغان وحكم دكتاتوري علما ان الشعب هو من اختار اعطاء اوسع نطاق من الصلاحيات للرئيس اردوغان

اراء داعمة: عملية ديمقراطية تساعد على أستقرار تركيا


احمد عواودة قال بدوره معقبا: ابارك للشعب التركي الذي أثبت بالاستفتاء الاخير في التعديلات الدستورية أنه يقف خلف قيادته بكل فخر واعتزاز فقد عرف فوائد ومحاسن العملية الديمقراطية وصناديق الانتخاب والتداول السلمي للسلطة. مبروك تركيا مبروك للأمة جمعا

علاء جمل عقب لـ"بكرا" قائلا: طبعا كلنا نعلم ان رجب طيب اردوغان عمل على تطوير تركيا منذ استلامه الحكم حيث حولها من دولة متخلفة ومتأخرة تعليميا اقتصاديا وعسكريا الى دولة متقدمة ومتحضرة في مختلف المجالات حيث تعتبر تركيا اليوم من الدول المتقدمة في العالم والفضل يعود لاردوغان، التطور الصناعي الاقتصادي والتعليمي، تركيا معماريا تطورت جدا.

وتابع: الحكم الرئاسي الجديد يضيف اكثر استقرارا لتركيا خاصة بعد محاولات الانقلاب الاخيرة والعمليات التفجيرية بمحاولة لأسقاط تركيا

وقال ادم مناصرة في حديث لـ"بكرا": فوز حزب العدالة والتنمية بطرح استفتاء على الشعب بآلية الانتخاب المباشر (ديموقراطية حقيقية)، يريد رأي وموقف الغالبية منهم في مسألة تتلخص بصُلب مفهوم النظام الديموقراطي المؤسساتي، الا وهي تكريس وتعزيز مفهوم فصل السلطات التام.

ونوه: هذا التصويت المباشر الشعبي (بنعم او لا)، يعكس الانتخاب التمثيلي (ديموقراطية تمثيلية مرشحين لمناطق او لدوائر)، يعطي شرعية حقيقية واعمق لمسألة رغبة الشعب في التحول نحو الديموقراطية التي تفصل سلطاتها عن بعضها البعض، وتحدد فترة منصب مؤسسة الرئاسة، وتفصل اهم خطر على الديموقراطية الا وهو الجيش!

واضاف قائلا: تعزيز فصل المؤسسة العسكرية سلطوياً عن السياسة، وتكريس فصل الدين التام عن السياسة هما من اهم دعائم النظام الديموقراطي الرئاسي، وهو الضامن الى انتقال الشعب والدولة التركية الى مستويات جديدة من الحداثة في التعاطي السياسي والدولي، وايضاً يجعل من التجربة الديموقراطية حال هوية المجتمع التركي الذي ذاق عذابات تدخلات الجيش بهم تاريخياً، وكيف كانت مُعطلة الدولة ومؤسساتها نتيجة سطوة العسكر وعدم الفصل بين السلطات آنذاك، مما انتج بحينه دولةً هزيلة ومهزوزة واقتصاداً عاجزاً عن النمو!

وتابع: بينما اليوم وبعد زهاء الخمسة عشر عاماً تقريباً من حكم حزب العدالة والتنمية، نجد تركيا دولة عظمى اقليمياً، وبتحولها نحو النظام الرئاسي الديموقراطي تصبح منافسا قويا لأعتى الديموقراطيات الرئاسية بالغرب كفرنسا او الولايات المتحدة مثلاً.

واختتم قائلا: اعتقد ان هذا التحول وهذه الخطوة الذكية من اردوغان، هي لفرض شروط قوية على الاتحاد الاوروبي وان يدخل من موقع القوة في محاولته لإدخال تركيا للاتحاد، مما يعزز موقف الدولة ومؤسساتها السيادية المفصولة عن بعضها البعض، في عملية التفاوض مع الاتحاد الاوروبي الذي بات بحاجة الى تركيا اكثر من حاجة تركيا السابقة في محاولاتها الاولى اليه؛ وهنا يكمن سر كل هذه الخطوة. وكما يقولون، لننتظر الزمن الذي سيحكم على صحة هذه القراءة السياسية.

رنا فاهوم خالفته الرأي وقالت: هنيئا لتركيا بما اختارته ولكن انا لست مع الاستفتاءات لأنها لا تعبر بشكل صحيح ان ارادة الشعب وفي النهاية الرئيس يحصل علی ما يريد الاستفتاء هو فقط شكلي ولا يعبر عن الديمقراطية .

اراء معارضة: ديمقراطية تمويهية ومسرحية هزلية!

الدكتور المحاضر رامز عيد قال بدوره معقبا: كي نفهم لماذا اراد اردوغان تغيير الدستور علينا تذكر ما فعله خلال السنوات القليلة الماضية، الشعب التركي تعرض لعملية تجييش ولعب على الوتر الديني والقومجي، حيث ان تركيا اليوم تعيش في صراع داخلي قوي بين القوى الثيوقراطية والجيش والعلمانيين وغيرهم، وهناك محاولات دائمة لفرض قوانين قاسية على الاقلية الكردية.

وتابع: بالمقابل فأن اردوغان يبيع اتباعه احلام رومانسية عن عظمة دولة الخلافة التي يريدها، وبالفعل لقد قضى على معظم معالم الديموقراطية حين استغل قصة الانقلاب لسجن كل معارضيه خلال ايام واسابيع. سجن اعضاء برلمان اكراد، ودمر قرى كردية، وطرد عشرات الاف المعلمين والموظفين والقضاة..

واشار قائلا: بالنسبة للدستور، عادة لتغيير الدستور المبدأ الديموقراطي يتطلب نسبة موافقة عالية ولا يستكفي ب 51%. لان الدستور بحاجة لشرعية واسعة ولأنه يؤثر على مبنى الحكم لأجيال. الان حسب التعديل الجديد تم منح صلاحية فعلية لتعيين 12 قاضي للمحكمة العليا من أصل 15 لاردوغان، حسب البند 159. هذا انهاء للديموقراطية بشكل فعلي لأنه يعني قتل مبدأ فصل السلطات، كما ان الدستور الجديد يمنحه الحق في التدخل الفعلي في العملية التشريعية للبرلمان. وهذه كلها تعني فعليا نهاية ما تبقى من الديموقراطية.

اما عماد زعبي فوافقه الرأي حيث عقب قائلا: هو استفتاء ومسرحية مخرجة بغير اتقان الهدف بالنهاية تكريس حكم السلطان والدكتاتور نهائياً وبغلاف اسلامي للأعلام والبسطاء بالطبع، وفي الجوهر هو نازي فاسق ارهابي مجرم، سيؤسس لحروب وفتن وقتل اكبر بكثير في الايام القادمة، وستعاني المنطقة برمتها منه

بهجت عساقله اكتفى بالتعقيب قائلا: الفوز الضئيل والاخبار عن تزييف النتائج تجبر اردوغان بالبحث عن وسائل لتعزيز قوته واعادة ايمان الشعب بشرعية حكمه، الخص ما حصل بكلمة واحدة وهي مسرحية هزلية.

الناشطة الاجتماعية والسياسية سماح سلايمة قالت: رغم ان معظم المجتمع العربي يطبل ويزمر بانتصار اردوغان بالاستفتاء. لي قراءة اخرى للموقف، هذا التأييد ليس له علاقة بتركيا نفسها، وسياستها الداخلية التي لا نعيها تماماً هنا، اولا التأييد لأردوغان في الشارع العربي في الداخل يدل على مستوى الاحباط واليأس من الدول العربية التي فشلت باتخاذ اي موقف ضد اسرائيل. بينما كان موقف تركيا واضحاً وقوياً من الحرب والحصار على غزة كذلك يحسب له موقفه من الاطاحة بمرسي، لذلك التعطش لموقف اخر ضد السياسات الأميركية والإسرائيلية في المجتمع العربي تجعل العواطف سيدة الموقف. وانا اتفهم ذلك طبعاً وأشعر بالحزن لحالنا واحوال الدول العربية ومواقفها وافعالها الهزيلة المنصاعة للغرب ضد مصلحة شعوبها. مع ان الحقيقة ان اردوغان وحكومته تعمل بالتنسيق الكامل مع القوى العظمى أوروبا ومع اسرائيل ايضاً بعد إبرام الصلح معها.

وتابعت: يذكرني هذا الموقف بالتأييد العاطفي لحزب الله لأنه كان الوحيد الذي قاوم اسرائيل واليوم فقد شعبيته بعد التدخل بسوريا، فكيف يتعاطف الشارع الفلسطيني بالداخل مع حزب الله ومع حزب العدالة الاجتماعية بقيادة اردوغان في نفس الوقت؟ هل تذكرون تعاطفنا مع صدام؟ طبعاً ولكن من عانى سنوات من حكم صدام في داخل العراق كان له رأي اخر في حينه، أليس كذلك؟

وقالت: ولكن هذا الاستفتاء هو برأيي خطوة اضافيه لتعزيز حكم اردوغان، وتفصيل بدلة حكم بالمقاسات التي يرتاح هو لها. لقد حكم هذا الشخص تركيا سنوات ولم يمنعه أحد من تطوير وتغير اي شيء فما هي الحاجة بالمزيد من النفوذ؟ هو نجح في عدة نواحي داخلياً اقتصاديا مثلاً وعزز الهوية التركية الانتماء لها، بالمقابل قمع الأقليات، ضرب الحريات واليسار، وأخمد كل صوت معارض بعد محاولة الانقلاب، سجن 170 ألف قاضي معلم وموظف، وسيرجع حكم الإعدام، حسب التعديلات سيحكم تركيا ثلاث فترات اضافيه، وسوف يُهمش دور البرلمان. في بلد متعدد الأقليات والعرقيات هذه برأيي معادلة قد تؤدي للدكتاتورية المعاصرة، التي تحكم بالقوة على الارض، وبالقانون والدستور على الورق.

وأوضحت: نحن نشاهد في اسرائيل مثلا كيف اكتسبت فئة معينة وهم المستوطنون والمتدينون القوميون زمام الامور بواسطة القوانين الديمقراطية وهم يغيرون القانون تدريجياً لمصالحهم. يمكن فعل عدة امور باسم الديمقراطية ودائما من يدفع الثمن هم عامة الشعب والفقراء والفئات محدودة النفوذ السياسي.

ونوهت لـ "بكرا": لفت انتباهي ايضا رأي المدن المركزية في تركيا، اسطنبول انقرة وأزمير والتي قالت "لا" لاردوغان ما معنى هذا؟ برأيي هذا يدل على عدم رضى الطبقة الوسطى بسياسات اردوغان، وان الطبقة العاملة والمتعلمة في تركيا لها رأي اخر ويجب ان يستوقفنا تخيلوا استفتاء لسيسي يخسر فيه للقاهرة والإسكندرية مثلاً، الا يثير هذا تساؤلات حول النتائج؟ طبعا.

واختتمت: جرى استفتاء قانوني ونتائجه يجب ان تحترم، سيؤثر بالأساس على موازين القوى في تركيا نفسها، ويعزز اقليميا التيار الاسلامي الوسطي، ولكني انصح المواطن العربي هنا ان يحكم العقل قبل القلب قبل تعليق العلم الاحمر الاحتفالي فوق سطوح بيوتنا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]