في اطار سياسة التنويع في العمل التي يتبعها بنك اسرائيل في كافة أقسامه ووحداته، يكثّف البنك جهوده ومساعيه لجذب موظفين من المجموعات السكانيّة التي تعاني من نسبة تمثيل منخفضة في قطاعات العمل المختلفة، وبالذات الأكاديميّين والطلاب العرب الذين يمتازون بالطاقات والكفاءات الهائلة، الا أنّ هذه الكفاءات غير مستغلة كما يجب.

طلعت أبو ليل، ابن قرية عين ماهل وخرّيج موضوعيّ الحسابات والاقتصاد من جامعة بئر السبع وحاصل على اللقب الثاني في المحاماة وادارة الأعمال، هو أحد الموظّفين العرب الأوّائل في بنك اسرائيل، بحيث انضمّ للعمل في البنك في العام 2006 وتدرّج في العمل في عدّة وظائف مرموقة، إلى أن وصل إلى منصب كرئيس طاقم في قسم القوى البشريّة والادارة. بدأ طلعت مسيرته المهنيّة في البنك كمحاسب وخبير اقتصادي في الطاقم المهني المسؤول عن انشاء منظومة "زهاف" المتقدّمة والتي تنظّم أنظمة الدفع في الجهاز الاقتصادي. العمل في بنك اسرائيل كان حلمًا بالنسبة لطلعت، فمنذ انهائه تعليمه الأكاديمي وعلى مدار سنوات حرص على البحث بشكل دائم ومتواصل عن وظائف شاغرة في البنك، إلى أنّ تحقّق حلمه وحصل على وظيفة مرموقة. يقول طلعت: "في بداية عملي كنت خائفًا لكوني العربي الوحيد، الأمر الذي دفعني إلى بذل جهود مضاعفة مقارنةً مع كل زملائي لاثبات قدراتي، لاحقًا تبيّن لي أنّ ذلك كان فقط لصالحي، فقد ساعدني ذلك على التميّز والحصول على التقدير من قبل الجميع، وبفضل ذلك أيضًا استطعت التقدّم في عملي بشكل ميسّر وسريع، إذ حصلت على منصب مدير تشغيل ورقابة منظومة زهاف ومقاصة الشيكات، وهي المنظومة الأكثر حيويّة في المجال المالي في الدولة. لا شك أنّ تعيين شخص عربي كمسؤول عن مثل هذه المنظومة يثبت أنّ تعامل البنك مع موظفيه يعتمد على مؤهلاتهم وكفاءاتهم فحسب".

وأضاف طلعت: "نحن دائمًا نستخدم مصطلح عائلة بنك اسرائيل، وهذا ليس شعارً وانّما واقعًا نعيشه بشكل يومي، أنا آتي بشكل يومي من قرية عين ماهل في الشمال إلى القدس، علمًا أنّي متزوج ولدي أطفال، الا أنّ البعد الجغرافي ليس عائقًا حين تكون بيئة العمل داعمة ومشجّعة وتتيح لك التقدّم وتحقيق الذات. أنا أمثّل البنك في العديد من المؤتمرات وأشارك في الكثير من المحافل المحليّة والدوليّة. حاليًّا أعمل جاهدًا من أجل حث الأكاديميين والأكاديميّات العرب على التوجه للبنك وتقديم ترشحهم للوظائف الشاغرة، لأنّ البنك معني جدًّا باستقطابهم، وقد تمّ منحي الصلاحيّات من أجل دفع هذا الموضوع قدمًا".

سماهر اغباريّة- محاجنة، ابنة أم الفحم، تخرّجت من الجامعة العبريّة في القدس في موضوعيّ الحسابات والاقتصاد، كما درست المحاماة وعملت بدايةً في القطاع الخاص إلى أن قرّرت ترك القطاع الخاص والبحث عن عمل في القطاع العام لما فيه من استقرار من ناحية وامكانيّات تقدّم وتطوّر مهني من الناحية الأخرى. وكانت سماهر تحرص على البحث عن مناقصات ووظائف شاغرة في القطاع العام من خلال موقع مفوضيّة خدمات الدولة، وقدّمت ترشحها للعديد من الوظائف، ومن بينها وظيفة مراقبة في قسم الرقابة على البنوك في بنك اسرائيل، والتي كان قد تقدّم لها عدد كبير من المرشحين، وبالفعل بعد اجتياز العديد من الامتحانات والمقابلات، وقع الاختيار عليها لما تملكه من كفاءات. تقول سماهر "لم اخشى الخضوع للتجربه فأنا لا أخاف من الفشل، بل أتجرّأ وأعطي كل ما لدي وأتصرف على أنّني أستحق الفرصة، هذا ترك انطباعًا ايجابيًّا لدى اللجنة المسؤولة عن المناقصة وتمّ التعامل معي بناءً على قدراتي. كنت قد قدّمت ترشحي لعدّة وظائف في القطاع العام وقبلت بأكثر من وظيفة، الا أنّني اخترت العمل في بنك اسرائيل، لكون العمل هنا مهنيًّا بحت وبعيدًا عن السياسة".

وأضافت سماهر: "الوظيفة التي أشغلها بالغة الأهميّة ، فالقسم الذي أعمل فيه مسؤول عن ترخيص بنوك جديده شركات مقاصة جديدة وفتح فروع والمصادقة على اشغال أي وظيفة رفيعة المستوى في الجهاز المصرفي، وظيفتي مليئة بالتحدّيات وهي تمنحني الرضى، الا أنّني لا أكتفي بذلك فأنا أتعلم وأثري نفسي بشكل دائم من خلال الاستكمالات وهذه ميزة هامّة في القطاع العام، وأنا أرى نفسي خلال خمس سنوات كمرشحة لاشغال منصب اداري في البنك، وهذا وارد جدًّا لانّ الاعتبارات في بنك اسرائيل هي مهنيّة بحت، أقول ذلك من تجربتي الخاصّة". وعن تجربة السكن في القدس مع زوجها المحامي ابراهيم محاجنة وأبنائها الخمسة تقول سماهر: "هناك تحديات كبيرة خصوصًا بسبب الغربه الا انّني أرى ذلك بمنظور ايجابي ، ابنائي تسنى لهم منذ الصغر الانكشاف على العالم الواسع وتطوير شخصيتهم وتحمل المسئوليه، هناك تعاون ودعم من زوجي وطبعا نحرص قدر المستطاع على زيارة اهلنا الذين لهم الفضل بتربيتنا ودعمنا". وأكدت سماهر أنّ من لديه طموح قادر على تحويل كل عائق إلى أفضليّة وميزة ايجابيّة، كما أنّ المرأة العربيّة اليوم في مكان مختلف فهي طموحة ذكية وقادرة على تقسيم الوقت مما يساعدها في تحقيق النجاح في كافة الميادين".

أشرف خوري، ابن مدينة شفاعمرو وخريج كليّة أورط براوده في كرميئيل في مجال هندسة الصناعة والادارة. انتقل للعمل في بنك اسرائيل بعد أن أشغل منصب مدير قسم المشتريات في سلطة مكافحة الاحتكار، الا أنّه رغب بالتقدّم مهنيًّا والعمل في مؤسّسة كبيرة ذات آفاق أوسع للتقدّم فقدّم ترشحه لوظيفة مسؤول عن المناقصات في قسم المشتريات في بنك اسرائيل، وتمّ قبوله من بين 160 شخص قدّموا ترشحهم لهذه الوظيفة. وأوضح أشرف: "في المقابلة الأولى التي أجروها معي، طلبت منهم بشكل صريح التعامل معي بناءً على خبرتي ومؤهلاتي وعدم التساهل معي لكوني عربي، وهم قدّروا ذلك جدًّا، لقد تقدّمت لهذه الوظيفة بعد أن اجتزت سابقًا دورة تمهيديّة لسوق العمل بحيث اكتسبت المهارات المطلوبة وتعلمت كيفيّة التصرف خلال مقابلات العمل وما إلى ذلك، الدورة ساعدتني جدًّا في صقل شخصيتي المهنيّة، وأنا أنصح كل شخص بالمشاركة في مثل هذه الدورات قبل الاندماج في سوق العمل فهي تساعد كثيرًا وهنالك العديد من المؤسّسات التي تنظّم دورات كهذه".

وحول عمله في بنك اسرائيل قال أشرف: "لقد نجحت في تطوير العديد من البرامج في القسم الذي أعمل فيه، كان العمل يدويّ وقمت بتغيير طريقة العمل كلها بشكل جذري وحوسبتها، الأمر الذي لقي استحسانًا لدى مدرائي وساعدني على التقدّم، الادارة في البنك تتعامل مع الموظفين العرب على أنّهم كنز حقيقي، الا أنّ المشكلة حسب رأيي هي في تردّد الأكاديميّين العرب وعدم ترشحهم للوظائف المختلفة في القطاع العام، كما أنّ الكثيرين غير مستعدّين للانتقال للعيش في القدس حتى لو كان ذلك مؤقتًا، ما يؤدي إلى تقوقعهم وعدم استغلال الطاقات التي يمتلكونها، أنا أحث الجميع على كسر هذه الحواجز والاقدام بجرأة فالعمل في القطاع العام يفتح العديد من الآفاق وامكانيات التقدّم والنجاح، كما أنّ هنالك العديد من المحفزات".

بنينا كيرن، مديرة قسم القوى البشريّة والادارة في بنك اسرائيل، تحدّثت من جانبها حول الجهود التي يبذلها البنك لزيادة عدد العاملين العرب فيه ومساعدتهم أيضًا على الاندماج بعد قبولهم للعمل، قائلةً: "نحن نقوم بالعديد من الخطوات من أجل دمج أبناء الأقليّات في مختلف الوظائف في البنك، بما يتوافق مع رؤية ادارة البنك وايمانها أنّ التنوّع والتعدّدية يساهمان بشكل كبير في تحقيق أهداف البنك". وأضافت "نحن نرافق العمّال أبناء الأقليّات بعد قبولهم للعمل لضمان اندماجهم في البنك بالصورة الأمثل، إذ نأخذ بعين الاعتبار الصعوبات التي يواجهونها من حيث اللغة والاختلافات الثقافيّة والبعد الجغرافي وغيره، كما ندرك احتياجات أبناء الأقليّات الخاصّة فنشارك مثلا في تغطية جزء من تكاليف السكن ونمنحهم أيّام اجازة اضافيّة حسب أعيادهم. بنك اسرائيل كبنك مركزي يسعى إلى تشغيل كافة الفئات السكانيّة، ونحن نقطف الثمار الأوليّة للجهود التي يبذلها البنك في سبيل ذلك، من خلال الارتفاع في عدد العاملين من أبناء الأقليّات وتقوية الروابط مع الفئات السكانيّة المختلفة لاجتذاب العمّال المهنيّين للعمل في صفوف البنك، ونحن مستمرّون في بذل كل الجهود لتحقيق ذلك".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]