بأغلبية 48 صوتًا ومعارضة 41، مر قانون "القوميّة" اليوم، الاربعاء، بالقراءة التمهيدية في الكنيست، ذلك بعدما صادقت عليه اللجنة الوزارية للتشريع، يوم الأحد، وهو القانون الذي بادر إليه عضو الكنيست آفي ديختر، من حزب الليكود.

وينص اقتراح القانون الجديد على أن "دولة إسرائيل هي البيت القومي للشعب اليهودي" وأنّ "حق تقرير المصير في دولة إسرائيل يقتصر على الشعب اليهودي".

كما ينص اقتراح القانون على أن "لغة الدولة هي اللغة العبرية" وتغيير مكانة اللغة العربية من لغة رسمية إلى "لغة لها مكانة خاصة في الدولة، وللمتحدثين بها الحق في المناليّة اللغوية لخدمات الدولة".

ونلمس في "بكرا" أنه ورغم خطورة القانون، إلا أنّ الشارع الفلسطيني غير متأثر من هذا التشريع، فهنالك تقريبًا صمت من قبل القيادات ومؤسسات المجتمع المدني، عدا مجموعة من البيانات الاستنكارية.

هذا الهدوء النسبي الذي شهده المجتمع العربي في اعقاب الحديث عن القانون مجددًا واعداده للعرض للقراءة الثانية اثار عاصفة استياء وحفيظة عدة حقوقيين وشخصيات قيادية وصفت القانون بالخطير وطالبت الجهات المسؤولة بان لا تقف مكتوفة الايدي وان تعمل جاهدة على محاربته.

رضا جابر: موقف الجماهير العربية من قانون القومية هزيل ومقلق

المحامي رضا جابر عقب قائلا لـ "بكرا": موقف الجماهير العربية وممثليها في كل المجالات والميادين، بموضوع قانون القومية، هزيل ومقلق جدًا. استغرب من ردة الفعل الفاترة، هذه اتجاه قانون خطير كهذا. التركيز الاعلامي من البعض بان القانون يمس مكانة اللغة العربية هو سوء فهم للقانون الذي يعطي اليهود الاحقية الوحيدة في البلاد وان العرب هم مواطنون درجة متدنية من اليهود. يخطئ من يعتقد بأن هذا القانون شكليا بل هو جوهري وأتوقع بأن الحياة في اسرائيل ستتغير مع الوقت حسب هذا القانون وعلى جميع الاصعدة.

وأضاف: الجمهور العربي يجب ان يعرف بأننا بمعركة جدية على الوجود والبقاء وليس فقط معركة مساواة في ميزانيات. طبعا استغرب ايضا موقفنا نحن المحامين العرب من هذا القانون وعدم ابداء الموقف من نقابة المحامين وزملائنا العرب في مؤسساتها. يجب ان يكون موقفنا قويا وعلى مستوى التحدي الذي يفرضه هذا القانون.

واوضح قائلا: اعتبر القانون الاخطر منذ النكبة وحتى اليوم. الموقف المضاد اما ان يكون جديا واستثنائيا واما نحن ذاهبون الى الانصهار تدريجيا بالمشروع الصهيوني ونتائجه. فهناك اصطفاف مخيف بين يمين ويسار مع جوهر القانون والمعارضون لهم مسوغات شكلية فقط عليه.

محمد زيدان: علينا متابعة قانون يهودية الدولة وفضحه

الحقوقي محمد زيدان مدير المؤسسة العربية لحقوق الانسان قال بدوره: اقتراح قانون القومية اليهودية للدولة هو بمثابة تدعيم القوانين التي ترسخ فكر الأبرتهايد بالقانون الإسرائيلي –تماما كيهودية الدولة - فهو يرسخ لمواطنة بمكانة مختلفة لمجموعة الأغلبية اليهودية ويرسخ دونية المواطنة للفلسطينيين في البلاد – وهو يقيد المحاكم الإسرائيلية، المقيدة اصلاً ويلزمها بتفضيل الطابع والتراث الديني اليهودي على المعايير الإنسانية والحقوق الديمقراطية. كما يمثل اقتراح القانون هذا توفير القواعد القانونية لنظام يحمي التمييز القائم، ويسعى لتعزيزه في مجالات أساسية من حقوق المواطن كتقرير المصير والحق باللغة والثقافة والأرض والمسكن وكلها حقوق انسان أساسية نصت عليها المواثيق الدولية.

ونوه قائلا: اقتراح القانون ينزع الصفة الرسمية عن اللغة العربية – المركب الأساسي في هويتنا وثقافتنا – ويؤسس لاستمرار البناء وتخصيص الأراضي لبدات يهودية على أساس ديني قومي!! هذا المقترح يشكل تأصيلا قانونيا لعملية الاقصاء والتمييز القائمة، ويشكل اعتداء على حق انساني أساسي تضمنه المواثيق الدولية للشعوب والأقليات، ويندرج ضمن المحاولات الجارية للقضاء على الهوية القومية والثقافية للمجتمع الفلسطيني في البلاد، باعتباره أقلية أصلانية.

وتابع: إسرائيل مع إصرارها على مثل هذه القانون وأمثاله من القوانين التمييزية انما تؤسس لنظام ابرتهايد مقونن، الامر الذي يستدعي التنسيق بين الجميع للعمل ضمن برنامج متكامل لتفعيل الإمكانيات الكاملة للتصدي لهذا القانون – وخاصة التوجه للمؤسسات الدولية – والمنظمات الحقوقية الرسمية والشعبية والمهنية، من اجل فضح هذا القانون، وضرورة متابعته باعتباره تأسيساً لنظام الابارتهايد وتأصيلاً قانونياً للعنصرية والتمييز. ولكن الاهم بالموضوع هو تجنيد الجمهور والنضال المحلي وعدم السكوت ، لان القانون سيكون له تاثير ليس على مكانة اللغة فقط بل على حقوقنا ومكانتنا بشكل عام.

خالد دغش: 9 مشاريع قانون مماثلة طرحت!

اما المحامي خالد دغش فقال في حديثه مع موقع "بُكرا": من المهم الإشارة بداية أنّ هذا القانون ليس الوحيد فمنذ سنوات هنالك 9 قوانين شبيهة مطروحة على طاولة الكنيست، مما يعني أنّ المحاولات تفضيل يهودية الدولة على ديمقراطيتها، ليس مشروع عضو الكنيست أفي ديختر وحده، إنما توجه عدد كبير من النواب الإسرائيليين.

واضاف: قبل الحديث عن ردنا كمجتمع عربي على القانون من المهم ايضًا التطرق إلى توقيت التصويت عليه، فهو يأتي على خلفية زعزعة الائتلاف وتعرضه لعدة أزمات، خاصة في ظل التحقيقات المتواصلة والمستمرة مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بشبهات الفساد وتلقى الرشاوى. ومن نافل التذكير أنّ تمرير هذا القانون يعود بمردود مضاعف على رئيس الحكومة، من جهة هو يتدارك ازمات الائتلاف بإرضائه لليمين، ومن جهة أخرى هو يعي أن الانتخابات قريبة وشرعنة هذا القانون ستترجم لاحقًا إلى أصوات انتخابية على أرض الواقع وستزيد من رصيد الحزب (الليكود) في الشارع الإسرائيلي الذي بات يحمل التوجه اليميني العنصريّ.

وأوضح: هذا القانون والذي يُشّرع الوضع القائم بتفضيل العرق اليهودي متحديًا عشرات قرارات المحاكم الإسرائيلية التي فضلت ديمقراطية إسرائيل على يهوديتها يعد مرحلة جديدة في تحدي إسرائيل للمنظومة الدوليّة.

وقال: الذي يقرأ بنود القانون يشعر بالمغالاة في العنصرية وإحساس الثقة المتزايد، والمطلوب منّا اليوم التحرك على ثلاث مستويات؛ الأول إحداث صدام بين القانون المُقترح وبين قرارات المحاكم السابقة ودفع الحقوقيين، وخاصة الإسرائيليين إلى التحرك ومناقشته، التوجه إلى عدد من المؤسسات الدولية التي تُراقب وتعنى بحقوق الأقليات وعرض القانون أمامهم وفضح ديمقراطية إسرائيل الزائفة، فلا يعقل أن تدعي دولة أنها ديمقراطية تنافس النظم الأوروبية فيما تنتهج نظام ديمقراطيّ اثني كالذي في ماليزيا وسلوفاكيا وبخطورة أكبر بكثير، الثالث التحرّك والاحتجاج الداخلي فمن غير المعقول أن يمر القانون دون ردة فعل عليه وإن كانت كثرة القوانين العنصرية قد استنزفت قوانا ودفعت بنا إلى التسليم بالأمر الواقع!.

علي حيدر: علينا ان نكون موحدين ذات رؤية موحدة ضد القانون

بدوره، قال الحقوقي علي حيدر لـ "بكرا": ان قانون القومية الجديد الذي صادقت عليه اللجنة الوزارية للتشريع هو من أسوأ وأخطر القوانين التي سنت في اسرائيل والتي تشرعن التمييز العنصري وتمنحه مكانة دستورية. فهو يمنح حق تقرير المصير لليهود في الدولة وخارجها ويمنع هذا الحق من ابناء الشعب الفلسطيني البلاد او امكانيات التنظم كمجموعة فلسطينية عربيه قومية حقوق جماعية قومية ومدنية في البلاد كما انه يتعامل مع المجتمع العربي كأفراد وكطوائف دينيه. اضف الى ان القانون يقلل من مكانة اللغة العربية من مكانتها كلغة رسمية الى لغة ذات مكانه خاصة.

وتابع: سوف تكون للقانون تبعيات وابعاد خطيرة على المجتمع العربي فهو يمنح يهودية الدولة مكانة اعلى من قيم النظام الديموقراطي؛ اضافة الى انه يحد من سلطة المحكمة العليا، وخصوصا فيما يتعلق بابطال القوانين غير الديموقراطية كما انه يحد من امكانيات تفسير وتأويل القوانين.

وقال: ان هذا القانون ينتج من ضعف المجتمع والسياسة في اسرائيل، والخوف غير المبرر والرغبة في السيطرة والاستعلاء والتحكم. كما ان الاكثرية تستبد وتستعمل قوتها من اجل تحصيل امتيازات من خلال نفي هذه الحقوق من الاقلية الفلسطينية.

واوضح قائلا: هذا القانون هو حلقة سيئة من سلسلة القوانين العنصرية الكثيرة التي أقرتها حكومة اليمين الاسرائيلي المتطرف للتضييق واضطهاد وتيئيس المجتمع العربي في الداخل. كما انه قانون يبغي دغدغة الاحاسيس القومية والدينية اليهودية ومداعبة الايجو المنتفخ.

واختتم: هذه السياسة تتطلب قيادة موحدة ورؤية موحدة تستعمل كل الاسترايجيات المتاحة وفي كل المستويات من اجل مواجهة وتحدي الشرط التاريخي الراهن. فحقنا في وطنا هو حق طبيعي وتاريخي لنا لا نطلبه من أحد. ولكن علينا ترجمة هذا الحق الى واقع وممارسات لن تحدث الا بعمل شعبي وجماهيري مسؤول.

محمد دراوشة: علينا ان نطرح قانون بالمقابل يحمينا من الهيمنة اليهودية

القيادي محمد دراوشة عقب في هذا الصدد:هذا القانون يهدف الى إقامة طبقية قومية، وطبقية ثقافية في اسرائيل تعطي اليهود كمجموعه سياسية/قومية افضلية مطلقة، وتلغي عملياً طابع المساواة المدنية بين المواطنين العرب واليهود. هذا اخطر قانون واجهناه منذ قيام الدولة وحتى الآن.

وتابع: كان حري على المبادرين ادخال تعديل يضمن الاعتراف بالمواطنين العرب في الدولة كأقلية قومية للمحافظة على الحقوق الجماعية التي نستحقها في ظل هكذا قانون. الا ان نتنياهو –رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو- أوكل لآفي ديختر مهمة تحجيم المواطنين العرب الى أدنى مكانة ممكنة في ظل الظروف الحالية، وباعتقادي هذه ليست نهاية الطريق، بل سيتبع هذا القانون مبادرات تشريعية إضافية لن تقف الا عند حد سحب حق التصويت من العرب في البلاد واختصاره كحق لليهود فقط، او لمقدمي الخدمة العسكرية والمدنية.

واشار لـ "بكرا": الهدف هو تحييد العرب سياسياً وتقليل حجم التأثير لضمان استمرار حكم اليمين لفترات أطول تمكنهم من تجذير وتعميق سيطرتهم على الدولة لخدمة مصالح اليمين ومبادئه. كان على الساسة العرب في بلادنا القيام بحوار جدي مع جهات اقل تطرفاً في المجتمع الاسرائيلي لمحاولة طرح اقتراح قانون بديل يعطينا الحماية اللازمة من الهيمنة اليهودية التي يحاول القانون فرضها، الا وانه على ما يبدو ان هنالك قضايا اخرى تشغلهم. انا لا افهم برودة الاعصاب لجماهيرنا، وكيف ان الامر يمر حتى الان مر الكرام. ربما لأننا تعودنا على اللطم من اليمين، ونهاب ردة الفعل في ظل واقع الشرق الأوسط المرير.

واختتم: اليمين يشعر ان اللحظات مواتية بالنسبة له لاقتناص تغييرات جوهرية في الدولة لصالحه، وعلينا صقل آليات لمواجهته. وذلك يأتي من خلال متابعة قضائية محلية ودولية، وتحالفات مع شرائح متضررة من استمرار حكم نتنياهو وزمرتة في الكنيست.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]