وفي مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، تسبق نفحات الشهر الفضيل موعد ولادة هلاله، وتلبس المدينة حلّة مميزة تطبع المدينة بطابع خاص.
ولا يدرك عبد الرحمن ذي الخمسة أعوام الفرق بين شعبان ورمضان، لكنه ينتظر كغيره من الأطفال، بفارغ الصبر حلول هذا الشهر، ليشارك عائلته بمتعة الصوم وإن لسويعات قليلة من النهار.
ويتداول الأطفال في نابلس مصطلح "درجات المئذنة" الذي يشير إلى صوم الأطفال لساعات معدودة من نهار رمضان، على سبيل تهيئتهم لصيام النهار كاملا بعد سنوات.
ويقول والد عبد الرحمن إن "هذا العام سيبدأ عبد الرحمن بالصوم حتى أذان الظهر، وفي العام القادم إن شاء الله ستزيد ساعات صومه حتى العصر".

أجواء رمضانية مبكرة

وبدت أجواء رمضان تلامس كل مفاصل الحياة اليومية في نابلس منذ منتصف شهر شعبان، بدءا من الأهلّة المضيئة التي تزين بيوت المدينة ليلا، مرورا بأسواقها التي تعج بالمتسوقين نهارا.
وفي أسواق نابلس يتبارى التجار بعرض أصناف التمور والمخللات والحلويات والعصائر المتنوعة بأشكال لافتة، ترويجا لمحلاتهم، ولجذب الزبائن.
وكما في كل رمضان أغرقت رفوف المتاجر بالمدينة بكميات مضاعفة من المواد التموينية والغذائية والخضروات، والتي لا يعرف مصدر الكثير منها، ما يثير المخاوف من ترويج منتجات منتهية الصلاحية أو فاسدة.
وفي البلدة القديمة التي تنتشر فيها المطاعم الشعبية التي تعتمد على بيع الشطائر للمتسوقين نهارا، تتحول الكثير من تلك المطاعم إلى بيع الحلويات والعصائر بشكل مؤقت خلال الشهر.
ونالت مساجد المدينة في الأيام الأخيرة نصيبها أيضا من التجهيزات لاستقبال المصلين الذين يقصدونها بأعداد مضاعفة في هذا الشهر.
ومن بين أكثر من 107 مساجد تنتشر بمختلف أنحاء المدينة، ثمّة عشرة مساجد في البلدة القديمة يقصدها المصلون أكثر من غيرها في هذا الشهر، نظرا لقربها من مركز المدينة وأسواقها، ولارتباطها بتاريخ المدينة العريق، ولتميزها بأجواء لطيفة رغم حر الصيف.

سباق على الخيرات

ويجسد شهر رمضان موسما للتكافل الاجتماعي الذي يبرز بوضوح في نابلس، وتنتظره العائلات الفقيرة بلهفة لتنال بعض ما يجود به المحسنون.
وتجهد مجموعة من الجمعيات الخيرية قبيل الشهر الفضيل في الإعداد والتجهيز لحملاتها التي تستهدف توفير الاحتياجات المتنوعة للحالات الاجتماعية المختلفة، والتواصل مع فاعلي الخير لحثهم على البذل والعطاء.
وأطلقت لجنة زكاة نابلس المركزية، إحدى تلك الجمعيات، حملة خاصة لشهر رمضان هذا العام، بعنوان (حصاد الخير في شهر الخير).
وقال رئيس اللجنة محمد سامح طبيلة لوكالة "صفا" إن استعدادات اللجنة تواصلت خلال الأسابيع الماضية، لتنفيذ حملتها الخاصة لهذا العام.
وأوضح أن الحملة تتضمن رزمة من المشاريع الرمضانية الهادفة للتخفيف عن كاهل الأسر الفقيرة والأيتام والمستفيدين من مشاريع اللجنة، وهي تمتد على امتداد شهر الصيام.
وتشمل مشاريع الحملة توزيع الطرود الغذائية، وزكاة الفطر، وزكاة المال، ومشاريع إفطار الصائم، وتشغيل تكية نابلس الخيرية لتوفير وجبات إفطار يومية، بالإضافة إلى توفير وجبات السحور خاصة في ليلة القدر.
وأقامت جمعية "التضامن" الخيرية وهي من كبريات الجمعيات الخيرية بأحد مقارها معرضا دائما على مدار الشهر الفضيل لتوزيع الطرود الغذائية والملابس على المستفيدين من مساعدات الجمعية.
وقال رئيس الجمعية علاء مقبول لوكالة "صفا" إن الجمعية بدأت بالإعداد مبكرا للشهر الفضيل، لتتمكن من خدمة الأعداد المتزايدة من الأسر الأكثر احتياجا، خصوصا من الأيتام والأرامل والمرضى وذوي الإعاقة.
وأشار مقبول إلى أنه مع اقتراب شهر الخير، يبدأ الكثيرون في نابلس رحلة البحث عن الطريقة الأمثل لمساعدة الفقراء والمحتاجين لنيل الأجر والثواب، ولهذا تقدم جمعية التضامن أشكالا متعددة من المساعدة للمقبلين على فعل الخيرات.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]