ها قد حل شهر رمضان المبارك، وتطرح تساؤلات كثيرة عن صوم مرضى السكري، والمخاطر التي قد يواجهونها وكيفية اجتياز الشهر الفضيل بسلام. وللحديث عن مرض السكري بشكل عام وصوم مرضى السكري في شهر رمضان بشكل خاص، التقينا الدكتور فياض عدوي، اختصاصي السكري ومدير قسم الغدد والسكري في المركز الطبي – زيف- صفد.

استهل د. فياض عدوي حديثه وقدم لمحة عن مرض السكري في البلاد وحول العالم وقال: "يبلغ عدد مرضى السكري حول العالم أكثر من 415 مليون مريض، وهذا العدد في ارتفاع مستمر ومن المتوقع ان يصل عام 2025 الى حوالي 600 مليون، وفي البلاد يوجد اكثر من 500 الف مريض سكري، الحديث يدور عن مرضى سكري من النوع الثاني. أشارت الإحصائيات الأخيرة إلى ان حوالي %50 من مرضى السكري في إسرائيل غير متوازنين، وهذه النسبة قريبة من المعدل في العالم، وهذا بالرغم من وجود الكثير من الأدوية الجديدة والمتطورة، وربما بسبب عدم تقبل قسم من المرضى أخذ علاج الانسولين، بالرغم من انه العلاج الأنجع للسكري، ويبقى لدى قسم من الناس تخوف من أخذ الابر باستمرار والخوف من سلبيات الانسولين كارتفاع الوزن وهبوط السكر الحاد، لكن اليوم الأدوية آمنة وخطر حدوث انخفاض مفاجئ للسكر أقل، كذلك توجد علاجات تمنع الزيادة بالوزن، وبالرغم من ذلك يبقى التخوف قائما لدى بعض المرضى.

كما تبين أيضا من الابحاث الدولية ان حوالي %70 من المرضى الذين يتناولون الانسولين او المرشحين لأخذ الانسولين، يخافون من ارتفاع الوزن والهبوط الحاد للسكر، الى جانب التخوف من الالتزام بأخذ الدواء بالوقت وغيرها، وتوجد إحصائيات أخرى بينت ان الكثير من مرضى السكري يبدأون بأخذ الانسولين في مرحلة متأخرة، بعد حوالي 9 او 10 سنوات، كذلك يبدأون بعد ان يكون معدل الـ A1C (فحص كل 3 أشهر) مرتفع لديهم، فوق المعدل، وتوجد دول يعطى فيها المرضى الانسولين ان كان معدل الـ A1C فوق الـ 10 وتوجد دول تبدأ في مرحلة أبكر، أما في إسرائيل فيبدأون بإعطاء الانسولين لمن هم فوق معدل 9.4، وهنالك من يتأخر بأخذ الانسولين ويبدأ بأخذه مع ظهور مضاعفات مرض السكري مثل العينين، الأعصاب، الكلى، ومضاعفات القلب وشرايين الرأس والأطراف، وهي موجودة لدى أكثر من %30 لدى المرضى. موازنة السكري بشكل سليم تمنع المضاعفات وتخفض منها بشكل كبير، لكن يجب البدء بالوقت الصحيح بعلاج المرض ومتابعة مستويات السكر، ويجب ان يفهم المرضى انه يوجد فرق بين الهبوط الحاد بمستوى السكر وموازنة السكر، ويجب دائما استشارة الطبيب".

أما بالنسبة لصوم مرضى السكري، فقال د. فياض عدوي: "يجب ان يتبع مريض السكري التوجيهات والارشادات الطبيبه بشكل عام والمتعلقة بصوم شهر رمضان المبارك بشكل خاص. على مريض السكري أولا ان يكون قادرا على الصوم، فهنالك مجموعات مرضى مصنفة في خطر ولا يتوجب عليها الصيام، وهنالك مجموعات مصنفة في خطر اقل بإمكانها الصيام لكن وفق التعليمات. يجب استخدام الادوية الآمنة لمنع حدوث هبوط مفاجئ وحاد للسكر، كذلك توجد امكانية لتغيير كمية الدواء حيث هنالك حالات تستوجب خفض كمية الدواء خلال الصيام، ومرة أخرى أشدد أن كل هذه الأمور تتم وفق تعليمات واستشارة ومراجعة الطبيب، فالارشادات تساعد المرضى في الحفاظ على التوازن، ويجب بعد الصيام الاستمرار في الحفاظ على التوازن واتباع نمط غذائي صحي وسليم، والانتباه الى عدم تناول كمية كبيرة من الطعام عند الافطار فهذا قد يؤدي الى ارتفاع السكر دفعة واحدة، كذلك نوصي في رمضان بقياس مستوى السكر بالدم عند اقتراب ساعات الظهر، فعلى سبيل المثال ان قام شخص بقياس مستوى السكر في الدم لديه في ساعات الصباح بين الساعة العاشرة والحادية عشرة وكان السكر لديه اقل من 100 فهذا مؤشر لاحتمال حدوث هبوط أكثر للسكر خلال اليوم، لذلك يجب كسر الصوم ان كان مستوى السكر في الدم متدنٍ".

وعن الأدوية المتعلقة بعلاج السكري قال: "منذ اكتشاف الانسولين منذ عام 1922 وحتى اليوم توجد تحسينات على الانسولين حتى تم التوصل من قبل شركة سانوفي الى انسولين "لانتوس" وما يميز اللانتوس ان مدى عمله طويل لاكثر من 24 ساعة، والامر الثاني انه مستواه لا يرتفع في الدم في اللحظة التي نحصل فيها على الحقنة، ولذلك لا يسبب انخفاضات حادة في مستوى السكر بالدم - هيبوجليكيميا، وبعد ذلك طورت شركة سانوفي الانسولين الجديد الذي يدعى "توجيو"، وهو لانتوس يتمتع بجميع مميزات اللانتوس الايجابية، وهو انسولين مركز، لانتوس مركز، حجمه الداخلي عند الحقن أسفل الجلد اقل من اللانتوس العادي، ونتيجة لذلك امتصاصه بطيء ومتواصل، وان كان بطيءً فهذا يعني عدم ارتفاع تركيزه بشكل حاد، وان كان متواصلا فهذا يعني انه يغطي وقتا يتجاوز 24 ساعة، وكذلك مع الانسولين الجديد هنالك ميل اقل لارتفاع الوزن، وقد اظهر بحث دولي كبير استمر على مدار 7 سنوات شاركنا فيه ان اللانتوس يتميز بعدم حصول تأُثيرات ومضاعفات سلبية على القلب والشرايين".

وأضاف د. فياض عدوي: "يتميز التوجيو ايضا بامكانية اخذه قبل موعده او بعد موعده بـ 3 ساعات، مثلا ان كان موعد تناوله في العاشرة ليلا فبالإمكان تناوله الساعة السابعة مساء او الواحدة بعد منتصف الليل، كذلك بالامكان ان يكون موعد تناوله خلال اليوم وفي ساعات الصباح او خلال المساء دون التقليل من مستوى نجاعته. لذلك فان هذا الانسولين مناسب جدا للصائمين في شهر رمضان، فهو ناجع اكثر في العلاج ويسبب هبوطات مفاجئة اقل في مستوى السكر بالدم، ولأنه انسولين تم تطويره يباع بالسعر الأدنى للمرضى، وتم شمله في سلة الأدوية ومصادق عليه في البلاد وفي العالم، وبامكان مرضى السكري استخدام التوجيو وسيكون هذا افضل لهم. الانتقال من استخدام اللانتوس الى التوجيو سلس جدا، ويجب مراجعة الطبيب ويتم التحويل من وحدة لانتوس الى وحدة توجيو، بنفس العدد ، اما من يأخذ حقنتين في اليوم فيجب خفض الكمية بنسبة %20 وهذا بالتنسيق مع الطبيب فقط".

وأضاف: "علاج السكري يعتمد على الحمية الغذائية، النشاط الجسماني، والأدوية، ويجب الحفاظ على هذه المركبات، فالأمر اشبه بإشعال حريق ومن ثم إخماده، وعلينا الا نسبب اشتعال الحريق منذ البداية، هكذا الامر في علاج السكري، فعلى مريض السكري تجنب رفع نسبة السكر في الدم كي لا يحتاج مستقبلا الى علاج أكثر وتجنب حدوث مضاعفات مرض السكري، نتيجة ارتفاع نسبة السكري كأمراض القلب والشرايين والكلى. على مريض السكري تجنب الأغذية التي يمتص فيها السكر في الجسم بشكل سريع، وتناول الأغذية التي تمتص في الجسم بشكل بطيء كالاغذية التي تحتوي على الألياف للحفاظ على مستويات سكر صحيحة.على المرضى الذي يعانون من مشاكل في الكلى الحفاظ على شرب كميات كبيرة من المياه.. الصوم يساعد مرضى السكري مثل الذين يعانون من السمنة الزائدة، وأخيرا نقول صوموا تصحوا".
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]