حصل الشاب عبد توفيق كناعنة من عرابة، مؤخرا على لقب الدكتوراة من مدرسة التاريخ – قسم تاريخ الشرق الأوسط الحديث في جامعة تل أبيب وحصلت رسالتة الدكتوراه على عدة منح وجوائز كان آخرها (حتى كتابة هذه السطور) جائزة الرسالة المتفوقة من الجمعية الاسرائيلية لدراسات الشرق الأوسط والاسلام.

حول تميّزه، ووصوله إلى هذه المرحلة، وموضوعه، تحدث د.كناعنة لمراسل "بـُكرا"، وقال: رسالتي تعالج تطور حركة حزب الله في لبنان والاسلام السياسي الشيعي من زاوية متميزة لم يتم بحثها في السابق. حيث قمت بملاءمة المفهوم النظري للمفكر والفيلسوف الشيوعي أنطونيو غرامشي والأدوات التحليلية التي قدمها غرامشي في سنوات العشرين والثلاثين من القرن العشرين في ايطاليا الفاشية، ومن ثم الباحثين الما بعد – غرامشيين (بوست غرامشي) في موضوع الهيمنة والهيمنة المضادة وملاءمة طروحاتهم للواقع اللبناني والشرق أوسطي واظهرت كيف قام حزب الله بتطوير مفهوم المقاومة من استراتيجيا عسكرية الى مفهوم ومشروع شامل ليتحول الى نقطة التقاء لمجموعات فكرية-اجتماعية وسياسية مختلفة ومتباعدة، حول مشروع هيمنة بديل (بالمفهوم الغرامشياني) في لبنان والمنطقة".

واضاف:" رسميا استمرت دراستي لنيل لقب الدكتوراة 3 سنوات و8 أشهر. لكن اذا ما حسبنا الفترة الطويلة التي قمت بها بمتابعة موضوع البحث والاهتمام به ودراسته من دون إطار أكاديمي رسمي فالمدة قد تصل الى أكثر من 10 سنوات.هذا طبعا بالاضافة الى ثلاثة أعوام ونصف للحصول على اللقب الأول في العلوم السياسية والصحافة والاعلام وعامين آخرين للحصول على اللقب الثاني في العلوم السياسية من الجامعة العبرية في القدس".

وعن العقبات والتحديات، يقول:" لا شك ان دراسة موضوع مثل تطور حزب الله في الاكاديميا الاسرائيلية هو تحد بحد ذاته وخصوصا لباحث عربي فلسطيني في البلاد اذ ان الكثير من المواد ومن المصادر التي يمكن استخدامها للبحث غير متوفرة وغير متاحة لي. لكن اصراري ومحبتي وشغفي بالموضوع هو الذي مكني من طرق زاوية جديدة ومثيرة للموضوع لم تطرق سابقا لا على أيدي الباحثين الغربيين ولا العرب.وبالتالي حولت الى حد ما الجانب السلبي الى جانب ايجابي بشكل قمت باستغلال معرفتي ودراستي لكتابات الفيلسوف والسياسي الشيوعي الايطالي انطونيو غرامشي من أجل القاء ضوء جديد وبعد جديد لفهم ظاهرة حزب الله والاسلام السياسي الشيعي بشكل خاص وتميزة عن بقية الحركات الاسلامية الأخرى".

واكمل حديثه قائلا:" هنا بالنسبة لموضوع التحديات علي التوجه بشكر خاص للموجهين الذين رافقاني في اعداد رسالة الدكتوراة وهم بروفيسور ايال زيسر المتخصص في تاريخ سوريا ولبنان وبروفيسور داني فيلك استاذ العلوم السياسية والمتخصص في فكر غرامشي. من دون دعمهما ومن دون اعطائي امكانية التحليق في بحثي من دون قيود غير موضوعية ما كان بإمكاني انهاء البحث بالجودة التي تجلت في نهايته".


اما عن الشروط للحصول على درجة الدكتوراة، يقول:"من أجل الحصول على درجة الدكتوراة انت بحاجة بداية الحصول على علامات ودرجات عالية في دراسة اللقب الأول واللقب الثاني ومن ثم تقديم أطروحة في مرحلة اللقب الثاني وان تحصل بها على علامة تزيد عن ال 90% لكي تتقدم لدراسة الدكتوراة والتي تقوم خلالها بدراسة عدة كورسات إضافية وتقديم رسالة دكتوراة تتراوح ما بين ال 250 – 300 صفحة. لكن الكمية ليست هي المهم بالموضوع بقدر وجوب ان تكون رسالتك مجددة على الحقل العلمي وعلى البحث العلمي الذي تقوم بدراسته.وبالفعل كان هناك تحدي كبير في هذا المضمار لأن هناك الكثير الكثير من الدراسات والكتابات بالعربية والعبرية والانجليزية حول حزب الله وتطوره التاريخي وبالتالي كان واجب علي ايجاد أمر مميز غير مطروق سابقا من أجل تقديم الجديد في الموضوع ومن أجل "تبرير" سبر غور الموضوع مرة أخرى.في المحصلة يبدو أني قمت بعمل في الاتجاه الصحيح اذ ان التقييمات العامة لرسالة الدكتوراة كانت فوق الممتازة.من الجدير بالذكر كذلك انه خلال دراستي للدكتوراة شاركت في الكثير من المؤتمرات الأكاديمية في البلاد وخارجها. كما قمت بنشر مقالات أكاديمية وحاليا أعمل على المزيد منها بالاضافة للتواصل مع دور نشر لنشر الرسالة في كتاب لاحقا".



وعن أهدافه من الحصول على لقب دكتور، يقول:" الهدف الأول هو بالأساس ترسيخ وتعميق المعرفة لدي. الأمر الذي قادني للاستمرار والدراسة هو بالأساس جمرة المعرفة وطاقة داخلية محبة للدراسة والتعمق في الظواهر السياسية والاجتماعية بشكل عام. في النهاية رسالة الدكتوراة مثل أي بحث علمي ومثل أي عمل تقوم به أؤمن انه يجب القيام به على أكمل وجه. فاما تقوم بعملك على أكمل وجه أو من الأفضل ان لا تقوم به من البداية.
بالنسبة لموضوع الرسالة العيني فأنا حاولت أن أمرر وجهة نظر تظهر ان الاسلام السياسي ليس عبارة عن نوع واحد وانما هو متعدد. كما أظهرت ان منظمة مثل حزب الله لا يمكن فهمها فقط بالمنطق الأمني والعسكري وانما لها أبعاد سياسية-اجتماعية-اقتصادية عميقة في الواقع اللبناني عامة والجنوبي والبقاعي خاصة ولا يمكن فهم أي حركة سياسية ان كانت دينية أو علمانية من دون دراسة جميع هذه الأبعاد بشكل متعمق".

وانهى كلامه قائلا اذا كان يشجع الأكاديميين على الحصول على درجات أكاديمية عليا:"لهذا السؤال كما الكثير من الأسئلة هناك اجابتين الأولى قصيرة وتتلخص بالقول نعم أشجع.الإجابة الأطول والأدق بالنسبة لي هي اني لا أشجع بأي ثمن. بمعنى نحن كشعب بالفعل بحاجة الى مختلف شرائح المجتمع وكذلك بحاجة الى أكاديميين متواصلين وغير منقطعين عن مجتمعهم من جهة ومن جهة أخرى ان يكونوا ذوي كفاءات ومقدرات علمية وأكاديمية حقيقية. كما اني اعتبر البحث العلمي والاكاديمي (بغض النظر عن الدرجات الأكاديمية) هو أمر من المفروض ان يصحبه حب حقيقي وعميق للموضوع وشغف بالموضوع من أجل النجاح به.للأسف أشعر في بعض الأحيان ان ثقافة الاستهلاك قد وصلت أيضا الى الدرجات الأكاديمية العليا والى المواضيع الأكاديمية المختلفة بمفهوم ان الطالب أو الشخص يبحث الحصول على الالقاب الاكاديمية لمجرد الاستهلاك ولمجرد "البرستيج" الاجتماعي وليس لحب وشغف حقيقي فيما يقوم به. بنظري ان من يريد "استهلاك" الالقاب العليا "فحرام على تعبه".
انا أعتقد ان سر نجاح أي شخص هو بأن يقوم بالفعل بما يحب وليسير وراء أحلامه لتحقيقها والالقاب الأكاديمية هي بنظري وسيلة وليست هدف بحد ذاته".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]