يستفاد من خبر مفصّل نشرته صحيفة " هآرتس" أواسط الأسبوع الماضي ( الثلاثاء 7/18) أن شرطة إسرائيل تعارض الإفراج المبكر عن سجينة عربية بذريعة أن هذا الاجراء يعرّض حياة السيدة للخطر .

وفي التفاصيل – أن السجينة المذكورة قد اجتازت تأهيلاً في السجن ، وأوصت سلطة تأهيل السجين بالإفراج عنها ، لكن لجنة الافراجات المنبثقة عن مصلحة السجون ردّت هذه التوصية، فقدمت السجينة التماساً ضد قرار اللجنة إلى المحكمة المركزية في اللد، فأشار قضاة المحكمة إلى تقييم الشرطة كواحد من اسباب ردّ الالتماس .

ويظهر من ملف هذه القضية ، ان هذه السيدة قد أدينت بمشاركة زوجها في قتل صاحب دكان في بلدتهما ، عام 2012 ، بعد أن طالبهما بدفع ديْن مستحقّ . وورد في حكم الادانة انها فعلت ما فعلته بسبب " ضعف نفسي" حيث رضخت لإرادة زوجها ، وأنزلت المحكمة المركزية بحيفا بحقها عقوبة مخففة بالسجن ست سنوات . وعندما أنهت ثلثي المدة وأوشكت على الخروج من السجن ادعت أسرة القتيل ان حياتها ستكون في خطر " لأن الخواطر لم تهدأ بعد " !

قران في سن الرابعة عشر

وتبنّت الشرطة هذا الموقف ، وحسبما ورد في " هآرتس" فقد رفضت الاجابة على أسئلتها حول ما اذا كان من الصعب عليها ( الشرطة ) ان توفر الحماية للسيدة المفرج عنها ، وحول سبب امتناعها عن معاقبة أو صدّ الجهات التي تهدد السيدة.

وتبلغ السيدة ( وهي من احدى بلدات الشمال) من العمر حاليا (32) عاماً ، ولها ثلاثة أولاد ، وقد خطبت إلى زوجها وهي في الرابعة عشرة من العمر ، رغماً عنها ، وتزوجت بعد ثلاث سنوات بعد الحاح ومضايقات من قبل الرجل ، واستمرت معاناتها ، بشكل أشد ، بعد الزواج . وفي العام 2012 ، تورط الزوجان في ضائقة مادية شديدة ، وتراكمت الديون عليهما في البقالة القريبة من منزلهما ، ووافق صاحب البقالة على أن تعمل السيدة في حانوته ليتنازل عن الديون ، ورغم ذلك تصاعد مبلغ الدين الى ما يقارب (2500 ) شيكل ، فقرر التاجر فصل السيدة من العمل ورفض بيع الأغراض للزوجين وانتظر سداد الدين ، وعندما جاء الى منزلهما مطالباً بحقه ، عمد الزوج الى ضربه وطعنه وخنقه ، فلفظ أنفاسه ، وقام الزوجان بوضع جثته في الصندوق الخلفي لسيارتهما ، وقاما بدفنه في حرش قريب !

معارضة والد القتيل

وقدم الزوجان للمحاكمة ، وادينا في ابريل نيسان من العام 2013 بالقتل ، واكتفت المحكمة بسجن السيدة ست سنوات بعد أن ثبت لها انها شاركت زوجها في الجريمة خوفاً منه وليس لدوافع إجرامية . وفي السجن اجتازت السجينة تأهيلاً ناجحاً وطلبت الإفراج عنها بعد قضاء ثلثي المدة ، وأوصت العاملة الاجتماعية المختصة بإطلاق سراحها لكن " لجنة الافراجات" رفضت ، متذرعة بالمخاوف من أن يؤدي ضعف شخصية السيدة الى تكرار التصرف الجنائي . وكان أن قدمت السجينة التماساً الى مركزية اللد ، لكن المحكمة ردت التماسها ، وفي اذار مارس الماضي قدمت الشرطة تقريراً الى المحكمة تضمن معارضتها للإفراج عن السيدة " خوفا على حياتها" هذا على الرغم من أنها لم تتعرض الى اية تهديدات أثناء اجازاتها العديدة من السجن. وزيادة على ذلك قدم والد القتيل تصريحاً الى الجهات المعنية مفاده ان هنالك اخطاراً قد تنجم عن الافراج عن السجينة " لان الخواطر لم تهدأ بعد ، وكيلا تتعرض لأي خطر " – حسبما ورد في التصريح ، مع الاشارة الى ان عائلتي القاتل والقتيل قد وقعتا على اتفاقية الصلح.

المرافعة العامة والنيابة واللوبي النسائي

ونظراً لهذا الباب المسدود ، قدمت المحامية عبير بكر ، بتكليف من المرافعة العامة ، وباسم السيدة المظلومة ، استئنافاً الى المحكمة العليا بهذا الصدد، وكتبت فيه :" لا يجوز منع الافراج عن أيّ سجين عندما يكون السبب منحصراً في تصرف ليست له علاقة بالسجين ، بل بالأخطار والتهديدات الصادرة عن آخرين ضده" .

وعقبت الشرطة بالقول انها ملزمة بتحويل تقريرها الى لجنة الافراجات أو الى المحكمة حول ما اذا كان من الصواب اطلاق سراح السجينة مع وقف التنفيذ . ووصفت الشرطة موقفها بأنه نابع من اعتبارات مهنية وموضوعية بناء على المعطيات المتوفرة لديها . وخلصت الى القول انها تمتنع عن الاسهاب في الشرح والتسويغ " حفاظاً على الخصوصيات المتعلقة بهذه القضية تحديداً " !

ومن جانبها عقبت النيابة العامة بالقول ان لجنة الافراجات قبلت بموقف سلطات الدولة فرفضت طلب السجينة بالافراج المبكر عنها ، استناداً الى تقارير الجهات المهنية ، وبالأساس – استناداً الى أن السيدة لم تستوْف بعد التأهيل اللازم، ولذلك فإنها ما زالت تشكل خطراً مستمداً من الجريمة التي شاركت بارتكابها .

وأصدر اللوبي النسائي في اسرائيل بياناً قالت فيه ان الابقاء على السجينة رهن الحبس ، بدعوى وجود تهديد على حياتها إنما يعكس عجز وتقاعس السلطات المختصة عن توفير الحماية للنساء. ووصف البيان تصرف السلطات الرافضة للإفراج عن السجينة ، بأنه " فضحية تكشف العجز عن مساندة النساء الرازحات تحت المعاناة لمجرد كونهن نساء " وطالب البيان بتأهيل مهنيات ومهنيين شرطيين لمعالجة مثل هذه القضايا بالشكل اللائق ، وطالب بتعزيز قدرات وطاقات الشرطة والسلطات المحلية لمواجهة مثل هذه القضايا " ونطالب السلطات المختصة بأن تحرص على حبس المجرمين ، وليس حبس الضحايا – حسبما ورد في البيان .

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]