ما زالت قضية التناوب بالقائمة المشتركة تتفاعل في الشارع العربي، فمع مرور الأيام دون تنفيذ الاتفاقية واستمرار النقاشات بين مركبات القائمة، صارت خيبة الأمل من هذه القائمة هي الشعور الأبرز لدى المجتمع العربي، بين من يصفها بمجرد قائمة "ترتيب مقاعد" وبين من ينادي لفكّها حتى بسبب التصرف بشكل غير واضح وغير مسؤول من قبل بعض أطرافها وتفضيل المصلحة الحزبية الضيقة على المصلحة العامة، فيما يتمسك كل حزب بموقفه وتبدو لجنة الوفاق ضعيفة، أو غير واضحة بموقفها.

الاتفاقية التي كانت تنص على استقالة النائب أسامة السعدي (العربية للتغيير) من المقعد الـ12 والنائب عبد الله أبو معروف (الجبهة) من المقعد 13 ودخول مكانهما جمعة الزبارقة صاحب المقعد الـ14 وهو من حزب التجمع وسعيد الخرومي صاحب المقعد 15 وهو من الحركة الاسلامية، وحسب الاتفاق الذي كان ليلة الانتخابات، الفترة الأولى يكون تريب القائمة المشتركة بهذا الشكر 5 مقاعد للجبهة، 4 للحركة الاسلامية، 3 للتجمع، ومقعدان للعربية للتغيير، ثم بعد نصف الدورة (أي في هذه الأيام) تجرى عملية التناوب، فيصبح الترتيب كالآتي: 4 للحركة الاسلامية، 4 للجبهة، 4 للتجمع ومقعد واحد للعربية للتغيير.

ولكن استقالة النائب باسل غطاس بسبب قضية تسريب الهواتف للأسرى أدت إلى دخول النائب جمعة الزبارقة في مكانه مما تسبب بهذه الأزمة الآن.

لجنة الوفاق ؟ 
لجنة الوفاق التي ساهمت بتكوين القائمة المشتركة، ورتّبت المقاعد بعد المقعد 11، حيث أن المقاعد من 1-11 كانت بالاتفاق بين الاحزاب، ينتظر منها أن تعمل الآن على إيجاد صيغة جديدة واتفاق حقيقي، ولكنها تواجه انتقادات حادة من عدة أطراف، منها مثلًا أن الاتفاق بين الأحزاب لم يكن اتفاقًا ملزم قانونيًا ومهني وهذا ما صرح به القاضي أحمد ناطور بالأمس في مقابلة من إحدى وسائل الإعلام، وأيضًا  أن معظم أفراد اللجنة هم يتبعون للجبهة، أو أنها أضافت عضوين جديدين واحد جبهوي والآخر من الحركة الاسلامية دون الرجوع للمركبات الأخرى من القائمة مما جعل بعض الأطراف على مواقع التواصل الاجتماعي تشكك بمصداقيتها حتى، وأنها عقدت الاجتماع يوم الاحد وأصدرت بيانا أن العربية للتغيير رفضت المشاركة رغم أن النائب أحمد طيبي أبلغ اللجنة منذ يوم الخميس أنه والنائب السعدي سيكونان يوم الأحد خارج البلاد لأمر خاص وطلب تأجيل الاجتماع إلّا أن اللجنة رفضت، ومنها أن ترتيب القائمة أصلا الذي قامت به هذه اللجنة لم يكن مناسبًا، فمثلًا المقعد 15 في القائمة للحركة الاسلامية، و16 أيضًا للحركة الاسلامية، وأيضًا المقاعد 19 و 20 للتجمع. وحسب هذا الترتيب في حالة استقالة السعدي وأبو معروف دون انسحاب المقاعد من 16-18 (كما يطلب التجمع)، سيصبح للإسلامية 5 مقاعد ( رغم أن الاسلامية أعلنت أن ابراهيم حجازي صاحب المقعد 16 سيستقيل، لكنه لم يستقل بعد)، وفي حال استقال حجازي سيصبح للجبهة 5 مقاعد مرة أخرى حيث أن المقعد 17 ليوسف العطاونة من الجبهة، والمقعد 18 لوائل يونس من العربية للتغيير. ومن جهة اخرى فإن المقعد 19 لنيفين أبو رحمون من التجمع، وفي حال تمت الاستقالات كلها والانسحابات، ودخلت أبو رحمون للكنيست وطرأ أمر ما مع أحد النواب وقرر أن يستقيل مثلًا، سيدخل مكانه صاحب المقعد 20 وهو من التجمع أيضًا.

الجبهة
في الجبهة الموقف واضح، عبد الله أبو معروف سيستقيل حتمًا، إما هذا الأسبوع أو الأسبوع القادم، لكن أمر الانسحابات حتى الآن غير وارد، وانسحاب يوسف العطاونة من المركز الـ17 غير وارد أيضًا الآن، حتى أن منصور دهامشة سكرتير الجبهة أجاب أمين عام التجمع مطانس شحادة بالأمس عندما قال له أن هذا روح الاتفاق بـ " لا بالروح ولا بعزريين"، ويقول بعض الناشطين من الجبهة أن هذا خطأ باسل غطاس وليس علينا ان ندفع ثمنه. ولكن قيادة الجبهة وغالبية الناشطين فيها يدافعون عن بقاء المشتركة في كل تعقيباتهم. ويقولون من جهة اخرى أن القضية لا تستحق أن "تفرط" المشتركة لأجلها، حتى لو لم تدخل أبو رحمون للكنيست!

الحركة الاسلامية
في الحركة الاسلامية قالوا أنهم يلتزمون بكل تفاصيل الاتفاق، وأن ابراهيم حجازي صاحب المقعد 16 سيستقيل، لكنه لم يستقل رسميًا بعد. وتدافع قيادة الحركة والناشطين فيها عن بقاء المشتركة في كل تعقيباتهم ايضًا.

التجمع
في التجمع يقولون أنهم يريدون تنفيذ "روح" الاتفاق، أي ان يكون للتجمع 4 مقاعد وللإسلامية 4 في الفترة الثانية، بغض النظر عن الأسماء ، لذلك يطالبون باستقالة السعدي وابو معروف وبعدها انسحاب اصحاب المقاعد 16-17-18، لتتمكن نيفين ابو رحمون من دخول الكنيست، وفيما يتمسك قسم كبير من قيادات التجمع بالمشتركة يظهر على قسم آخر وعلى عدد كبير من الناشطين عدم التمسك بها ويطالبون "بفرطها" وبأن ساحات النضال لا تقتصر على الكنيست ومن هذا الحديث.

العربية للتغيير

في العربية للتغيير، حتى الآن لم يقدم أسامة السعدي استقالته، رغم أن الحركة أعلنت انه مستعد للاستقالة، لكن شرط ان ينفذ كل المشروع، ويقولون أنه في حال استقال السعدي وأبو معروف وانسحب 16 و 17 لن يكونوا عثرة أمام الاتفاق وسينسحب صاحب المقعد 18 وهو وائل يونس لتدخل نيفين أبو رحمون، اما في حالة عدم تنفيذ الاتفاق بشكل كامل فإنهم لن يسمحوا بأن ينسحب السعدي ليدخل في مكانه شخص آخر من الاسلامية أو من الجبهة (أي 16-17) بجانب سعيد الخرومي، فيما يؤكد ناشطو الحركة وقيادتها على الحفاظ على المشتركة، بل ويقولون أنهم قبلوا بالظلم أصلًا بتمثيل قليل من الأساس في المشتركة، فقط حفاظًا على الوحدة وكي لا يقال أن العربية للتغيير خربت الوحدة.

ولو أردنا أن "نلاحق العيّار لباب الدار" ونطرح الاحتمالات كلها ..
التجمع لن يتنازل عن دخول نيفين أبو رحمون (المقعد 19) وإلّا سيخرج من القائمة وستفكك، وحتى لو قبل "ومانت" عليه لجنة الوفاق، من سيحصل على المقعد الـ13؟ إذا استقال السعدي؟ الاسلامية أم الجبهة؟ هذا بعد استقالة أبو معروف ودخول سعيد الخرومي مكانه.
الإسلامية قالت أنها تسحب مرشحها ابراهيم حجازي من المقعد 16، ولكنها لم تفعل ذلك بشكل رسمي، ولكن لنفترض جدلًا أنها ستفعل ذلك بما انها أعلنت ..

تبقى العمدة  "والعقدة" على المقعد 17 (يوسف العطاونة) أي على الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، فالمقعد 18 لوائل يونس من العربية للتغيير التي التزمت بعدم الوقوف عثرة في وجه اكتمال الاتفاق، أي بانسحاب مرشحها اذا ما انسحب مرشح الجبهة ومرشح الاسلامية ..

فهل يا ترى سينسحب مرشح الجبهة؟ أم سيصر الحزب الأكبر في القائمة على موقفه بعدم الخوض في قضية الانسحابات، وبالتالي لن تسحب الاسلامية مرشحها كي لا تكون المضحية الوحيدة .. وبهذا ستكون المشتركة بين التفكك النهائي أو الجزئي (أي أن ينسحب أحد أحزابها مثلًا) ، وبكل الحالات، هي فقدت الكثير من ثقة الجماهير.

هل انتهى "شهر العسل"؟
هذا هو الموقف .. مع مرور الأيام تفقد المشتركة ثقة الناس، حتى من حاربوا لأجلها، فهل ستنقذ الأحزاب العربية هذه القائمة؟ أم ستُنقض العهود كما نقضت في الماضي باتفاقيات تناوب اخرى وسيسقط مشروع المشتركة وربما مشروع التواجد العربي في الكنيست بشكل كامل مع رفع نسبة الحسم وخذلان الشارع العربي من هذه الأحزاب؟




 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]