نشر مؤخرا، ضمن برنامج "السعر للساكن" لوزير المالية موشييه كحلون، عدد من العطاءات للبناء في حي الجليل في مدينة الناصرة بأسعار معقولة جدا تتراوح بين 600 و 700 الف للشقة. وقد يتسائل المقبل على شراء شقة، هل هذا المشروع مناسب لي؟ هل أشتري شقة ام انتظر؟ وهل يؤثر مشروع "السعر للساكن" على اسعار الشقق الموجودة في حي الجليل؟ 

للإجابة على هذا السؤال اريد ان اتحدث عن عدد من العوامل التي ادت الى ارتفاع اسعار السكن في العقد الاخير لعلها توضح وتساعد في قراءة ملامح المرحلة القادمة بعيدا عن التنبأ بالغيب وإطلاق العناوين الصحفية الرنانة وزرع البلبلة في صفوف المقبلين على شراء شقة.
بداية "السعر للساكن" هو برنامج بادرت إليها الحكومة، ووزارة المالية، وزارة البناء والإسكان وسلطة أراضي إسرائيل. بهدف تخفيف العبئ عن العائلات الشابة بخصوص شراء شقة أولى بشروط مفضلة بواسطة دعم يصل إلى 80% من قيمة الأرض المعروضة للبناء للمبادرين وشركات الاسكان وفتح المنافسة من خلال المناقصات على السعر الأدنى للمتر المربع للشقة.

العوامل الاساسية التي تحدد سعر الشقة السكنية هي: 1.سعر الارض، 2.مساحة الشقة ومواصفاتها الفنية ، 3. متطلبات الامان والبيروقراطية في مجال البناء. اولا سعر الارض التي يشتريها المبادر من الدولة منخفض نسبيا في مناطق الأطراف والوسط العربي مقارنة مع مناطق المركز. لذلك تخفيض سعر الارض في اطار برنامج "السعر للساكن" لن يؤثر بشكل ملحوظ على سعر الشقة في الوسط العربي والناصرة كما في منطقة المركز. ثانيا المواصفات الفنيّة، حيث ان توقعات المستهلك ومتطلباته الفنية هي احدى العوامل الرئيسية التي اثرت وما زالت تؤثر على اسعار الشقق. مقارنة بالماضي نتحدث اليوم عن مساحات أكبر للشقق، جودة اعلى للمواد الخام، مواصفات بناء عصرية وحديثة اكثر وهذا بالطبع ينعكس على جودة الشقق ومستوى الرفاهية وأسعارها وهذا طبيعي. كما ومن المتوقع ان تكون المواصفات الفنية للشقق في اطار مشروع "السعر للساكن" متواضعة ومساحاتها أقل، كذلك معدل عدد مواقف السيارات اقل مقارنة بمشاريع الاسكان القائمة. كما واريد ان الفت النظر الى ان الشقة بمساحة 100 أو 120 متر يمكن قياسها بعدة طرق ويجب الانتباه الى ذلك والاخذ بالحسبان ان موعد التسليم سيأتي بعد 4-5 سنوات من اليوم. ثالثا متطلبات الامان: متطلبات الامان والبيروقراطية الموجودة في مجال البناء ترهق المبادرين وتتطلب جهودا جبارة تؤثر بالتالي على فترة البناء، كما وان المتطلبات المتزايدة ترفع من سعر الشقة.

بالإضافة الى هذه العوامل فان قوانين السوق يحكمها العرض والطلب، وفي العقد الاخير زاد الطلب على الشقق السكنية بسبب التكاثر الطبيعي واستنفاذ قسم كبير من الاراضي الخاصة كما وتحولت الشقق السكنية الى مجال الاستثمار المفضل لدى المستثمرين بسبب الفائدة البنكية المنخفضة وغياب مشاريع استثمار بديلة ولا ارى ان سن قانون "ضريبة على الشقة الثالثة" الذي سقط مؤخرا او أي قانون اخر سيؤثر على المستثمرين في الوسط العربي بشكل حاد. من جهة اخرى مخزون الشقق في حي الجليل على وشك الانتهاء ولا توجد خطط مستقبلية لمشاريع اسكان ليست في إطار برنامج "السعر للساكن" وهذا يؤدي الى ازدياد الطلب على هذا النوع من الشقق بتقديري وبالتالي ارتفاع اسعارها وارد جدا.

مما سبق استطيع ان اقول ان برنامج "السعر للساكن" يبعث الامل للأزواج الشابة والعائلات ذوي الدخل المحدود من امتلاك شقة والتي لا تستطيع امتلاك شقة ضمن المشاريع القائمة. من جهة اخرى علينا ان نعلم ان مواصفات ومساحات الشقق ضمن المشروع متواضعة أكثر منها في المشاريع القائمة. كما ويجب مراعاة العامل الزمني حيث ان موعد تسليم الشقق يكون بعد اربع او خمس سنوات والسؤال ما هي تكاليف السكن حتى ذلك الحين اذا وجدت لدى المقبلين على شراء شقة.

انصح المقبلين على شراء شقة فحص اذا كانوا من المستحقين ضمن مشروع "السعر للساكن" (المعلومات موجودة ومفصلة في موقع انترنت وزارة الاسكان) واستصدار شهادة استحقاق والاشتراك في القرعة في كافة مناطق البلاد اذا كان المشروع مناسب لهم ويفي باحتياجاتهم، فهي فرصة للحصول على شقة بسعر معقول. اما غير المستحقين فعليهم ان يعرفوا ان مشروع "السعر للساكن" لن يخفض اسعار الشقق القائمة التي ليست في إطار المشروع بل من الممكن ارتفاع اسعارها بسبب بداية نفاد المخزون القائم وغياب مشاريع مستقبلية لان جميع الاراضي التي يتم تسويقها اليوم هي فقط في إطار برنامج "السعر للساكن".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]