في ذكرى مرور مائة عام على تصريح بلفور، بعث النائب د. يوسف جبارين، رئيس لجنة العلاقات الدولية في القائمة المشتركة، برسالة الى السفير البريطاني في اسرائيل، ديفيد كواري، شرح فيها فداحة الخطأ التاريخي الذي ارتكبته بريطانيا في تصريح بلفور والظلم الذي سببته للفلسطينيين، مطالبًا ان تعترف بريطانيا بدولة فلسطين من اجل تحقيق الحلم الفلسطيني بالاستقلال الوطني.

وقال جبارين ان تصريح بلفور تحدث عن "وطن قومي" لليهود على ارض فلسطين بشكل حصري، وذلك في وقت كان اليهود فيه في البلاد قلة قليلة من السكان ونسبتهم أقل من اصابع اليد الواحدة. اما بالنسبة للعرب الفلسطينيين في البلاد، اصحاب البلاد الاصليين، فقد أشار اليهم تصريح بلفور بوصفهم بسكان "غير يهود" ويضمن لهم "الحقوق المدنية والدينية". وهكذا، كما يوضح جبارين، فللأقلية اليهودية الصغيرة (جدًا) يضمن بلفور حق تقرير المصير في "وطن قومي" لهم، اما للغالبية الساحقة من اهل فلسطين، فيشير بلفور اليهم كمجموعة من الطوائف والاقليات التي من الممكن ان تتمتع بحقوق دينية ومدنية، لكن ليس بحقوق قومية وتقرير المصير. وكل ذلك حين لم تكن لبريطانيا اية مكانة او اية صلاحية في القانون الدولي لإصدار مثل هذا الموقف.

واكّد جبارين في رسالته انه بعد قرن كامل على تصريح بلفور، يعود التاريخ في ظل حكومة نتنياهو الرابعة مئة سنة الى الوراء، ويكرر نفسه من خلال جوهر الخطاب السياسي الطاغي على الحكومة في اسرائيل. ففي هذه الايام، تواصل حكومة نتنياهو تطبيق مشروعها الكولونيالي باقامة دولة واحدة قومية صهيونية لليهود على كل أرض فلسطين تاريخية، والابقاء على نوع من الادارة الذاتية المحدودة للشعب الفلسطيني في المدن الرئيسية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأشار جبارين ان مخطط حكومة نتنياهو الذي يتماهى مع تصريح بلفور يحمل صبغة دستورية في هذه الايام اذ تعمل الكنيست على تشريع قانون أساس "اسرائيل - الدولة القومية للشعب اليهودي"، وهذا القانون يعرّف إسرائيل على أنها "الدولة القومية للشعب اليهودي" ويمنح حق تقرير المصير بشكل حصري للشعب اليهودي، وذلك دون تعريف ما هي حدود دولة اسرائيل. بل ان حكومة نتنياهو التي تشرّع هذا القانون ترفض فكرة اقامة دولة فلسطينية وتطرح مشروع ضم مناطق "ج" الى اسرائيل، وقامت بتشريع قانون خاص لشرعنة الاستيطان، مما يؤكد ان حدود اسرائيل حسب قانون القومية هي ليست حدود ما قبل ١٩٦٧، بل ان "الحق الحصري بتقرير المصير للشعب اليهودي" بحسب هذا القانون هو في كل فلسطين التاريخية، التي تعتبرها حكومة نتنياهو "أرض اسرائيل".

كما واوضح جبارين ان قرار التقسيم من العام 1947 نصّ على اقامة دولتين تتناصفان ارض فلسطين التاريخية، إلَّا أنه وحتى يومنا هذا لم تقُم الدولة الفلسطينية، بينما قامت اسرائيل على ٧٨٪‏ من ارض فلسطين. ولم يسعف القانون الدولي الفلسطينيين حتى يومنا هذا، رغم أن الحق الاول من المعاهدات الدولية الاساسية لحقوق الانسان هو حق الشعوب بتقرير مصيرها. كما وتتناقض سياسات اسرائيل تجاه مواطنيها الفلسطينيين مع المعاهدات الدولية لحقوق الانسان، اذ يعاني الفلسطينيون فيها من تمييز ممنهج في القانون الاسرائيلي وفي الممارسات اليومية.


وأكّد جبارين ان الفلسطينيين في كافة اماكن تواجدهم يعانون اليوم من انتهاكات صارخة لحقوقهم الاساسية، وتحديدًا الحق بتقرير المصير والسيادة الوطنية والحق بالمساواة والانصاف التاريخي. فالمواطنون الفلسطينيون في دولة إسرائيل يعانون من التمييز وسياسات الاقصاء، ويتم التعامل معهم كمواطنين من درجة ثانية او ثالثة. اما الفلسطينيون في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧ فلا تزال اسرائيل تسلبهم الحق بتقرير مصيرهم من خلال اقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة كما تملي الشرعية الدولية، اما اللاجئون الفلسطينيون في الاراضي المحتلة والشتات فلا تزال اسرائيل تسلب حقهم بالعودة إلى وطنهم.

وفي ختام رسالته دعا جبارين بريطانيا الى الاعتراف بهذا الظلم التاريخي الذي سببه تصريح بلفور والسياسات البريطانية للفلسطينيين في كافة اماكن تواجدهم، والى الاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية، بالاضافة الى ممارسة الضغط على اسرائيل لتغيير سياسات التمييز ضد مواطنيها الفلسطينيين والى ايجاد حل عادل ودائم للّاجئين الفلسطينيين.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]