إستقبل جامع عمر المختار يافة الناصرة العام الميلادي الجديد 2018 حيث أُقيمت أمس شعائر الجمعة المباركة الأولى وذلك بحضور حشد غفير من أهالي البلدة والمنطقة، حيث إفتتحها القارئ الشيخ سليم خلايلة بتلاوة آيات عطرة من الذكر الحكيم بصوته الشجي مما زاد أجواء إيمانية خاشعة.

كما وألقى الخطبة الشيخ موفق شاهين إمام وخطيب الجامع وإستهلها بالحمد والإستعانة بالله سبحانه وتعالى وإستغفاره وهدايته وتناول التحدث عن هطول المطر وتكريم الله للإنسان، وقال: "الحمد لله الذي أغاثنا الغيث من عنده وأنزل المطر ليغاث به الناس، الحمد لله الذي أحيا الأرض بعد موتها وكذلك النشور سائلين المولى جل جلاله أنه كما أمطر على الأرض ماءها فإهتزت وربت وأنبت من كل زوجٍ بهيج أن يمطر شبائيب رحمته على أرض قلوبنا فتستحيلًا إلى صحراء جنات تنبت نباتها بإذن الله، وأنا لست من يدعون أن الله عز وجل ينزل المطر من أجل البهائم ونسمعها كثيرًا في مجالسنا في شوارعنا أن الله عز وجل لولا البهائم أو النباتات ما أمطر، هذا الكلام مجامل للحق لأن الإنسان أكرم ما خلق الله، أكرم مخلوق خلقه الله هو الإنسان ليس البهيمة بل العكس البهيمة مسخرة لهذا الإنسان وخلق الله عز وجل هذا الإنسان مكرمًا حتى لو كان كافرًا لأن الله عز وجل يقول ((ولقد كرمنا بني آدم)) بغض النظر الله أمرني أن أحترم إنسانيته وآدميته من ذلك حرم الله التمثيل في الجثث بالمعركة إحترامه ولو كان ميتًا لأنه إنسان".

وأضاف: "الله يمطر المطر من أجل الإنسان لإن الإنسان أكرم ما خلق الله عز وجل وأجمل مخلوق خلقه الله ولذلك إستعبده له بإختياره، الملاك مجبور إطاعة الله سبحانه وتعالى ((لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون))، الله كرم الإنسان بهامش كبير جدًا من الحوار والنقاش والإعتراض والإنتقاد ((يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها))، ((قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان ضلال بعيد)) يوجد حوار، يوم القيامة الله يأبى للإنسان أن يجادل كذلك في الدنيا يسأل يجادل ينتقد، الله ركب الإنسان بتركيبة هي ميزه عن سائر ما خلق، النبي عليه الصلاة والسلام يقول (حُسن المسألة نصف العلم) والله فرض السؤال علينا ((فإسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون))".

موضحًا أن أهل الذكر ليس هم فقط أهل الإختصاص بل اليهود والنصارى وأشار إلى الآية الكريمة ولفت إلى أهل مكة عندما إعترضوا على نبوة النبي عليه الصلاة والسلام قالوا من نسأل كيف نتأكد نزلت الآية ((فإسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) أي من قبلكم اليهود والنصارى، وأكد أن الله شرع أن يسأل الإنسان أن يستفسر وعدم أخذ الدين مثل الببغاء تكراره والله ذم التقليد وإعتبره علةً معدولة في هذا الإنسان، خلق ليس للتقليد بل للإبتكار ويخترع وليفهم، وبين أهل مكة عندما عرض عليهم النبي عليه الصلاة والسلام الدين أبوا وإستكبروا إستكبار وإعتلوا بعلة ((بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أُمة وإنا على آثارهم مهتدون)) الله يقول ((أولوا كان آباؤهم لا يعقلون شيئًا ولا يهتدون))، ليس الإنسان أن يكون مقفل ويقلد بل يحاول كما قال بيت الشعر (وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح) وليس الفشل بل المحاولة.

وتابع: "الله يمطر على الناس لا رحمة بالناس إلا رحمة بالبهائم، منذ متى كانت البهيمة أجل من الإنسان؟، كجسد كروح الإنسان أكرم وأعلى وأرقى وأفضل بل هي مسخرة له، كيف يكون المسخر أفضل ومكرم أكثر من المسخر الذي هو محال، لكن قد يكون بمنهاجه ضالًا، الله يقول ((أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا)) لذلك سيتحمل قراره وتبعات إختياره ((وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)) الإنسان يدخل النار بإختياره ويدخل الجنة بإختياره ((من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر))، ((لا إكراه في الدين))، ((أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين))، ((ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء))، هذا الأمر يتعلق بالإنسان وبالله سبحانه وتعالى ليس بيد الإنسان ((ولو شاء ربك لهدى الناس أجمعين))، ((ولو شاء الله لجعل الناس أُمة واحدة ولا يزالون مختلفين))، هذه سنة الإختلاف في الكون، الإنسان مكرم مهما كان دينه هو بنظر الله مكرم بالجملة كونه جعله إنسانًا كرمه على سائر المخلوقات إما أن يرتقي بنفسه وإما أن ينحط بنفسه".

وحذر عدم السماح للإنسان إفساد العلاقة مع الله سبحانه وتعالى لافتًا أن هذه علاقة خاصة علاقة حميمية لا يعلمها إلا صاحبها ولا دخل الإنسان بها حتى الأنبياء الكرام لها العلاقة الخاصة بين العبد وربه والأدلة كثيرة منها متطرقًا قصة حدثت في زمن النبي موسى عليه السلام أُقحل الناس فإستسقى موسى فلم يمطروا وبينهم رجل نمام وفي أحد الليالي وعندما لم يخرج النمام فإستسقوا فأسقاهم الله قال النبي موسى لله أين النمام كيف أمطرتنا قال له النمام تاب في هذه الليلة بيني وبينه توبة فقبلته إني أنهاك عن النميمة وأكون نمامًا.

وأردف: "الله سبحانه وتعالى ليس لشخص بل للجميع رحيم للكافر وللمؤمن وللإنسان وللحيوان وللجمادات جميع الملك والملكوت ((لله ملك السموات والأرض)) هو الملك والله ليس كما يريد الإنسان، أحد الصالحين يدعوا الله ولم يستجيب قال لهم النبي (لأنكم قتلتم إله على قدكم) الله يعطي الكافر أكثر من المؤمن بأضعاف مضاعفة حكمة الله، الله ميز المسلمين يصبر عليهم كثيرًا، الله من أجل واحد يرحم قبيلة بأكملها لا يعاقب الجميع من أجل واحد بل العكس الرحمة أوسع، الله لا يظلم ((وما ربك بظلام للعبيد)) وهناك أُمور بين الانسان والله لا يطلع عليها أحد مناجاة بالله لا يوجد إنسان كامل لا يوجد إنسان معصوم عن الخطأ (كل إبن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) هذه صفة الله (لو لم تذنبون لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم) إسمه الغفار كثير المغفرة تواب كثرة توبه على خلقه هذا هو الله يريد الإنسان لا يريد أن يستجربه الشيطان".

وإختتم: "عندما كان الإنسان أقدس ما خلق الله وأروع ما برء، الله أمر الإنسان أن يحافظ على أخيه الإنسان محافظة مطلقة وأن لا يهدم هذا البناء والنبي عليه الصلاة والسلام قال (لزوال الدنيا أهون عند الله عز وجل من قتل مؤمن بغير حق) إذا قتلت الإنسان يستحيل بناءه وحديث (لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا) يستحيل أن يرجع الإنسان يستحيل إعادته كما كان حتى قيام الساعة باقي الأُمور يمكن إصلاحها، الله أمرنا أن نحافظ على هذا البناء أشرف بناء هو الإنسان زينة الكون والله شرف الإنسان بإن عبده له ((سبحان الذي أسرى بعبده))".
ودعا الله أن يبارك في كل ذرة من المطر ونعمة الله بالمغفرة والهداية والتوبة وإحياء القلوب بذكر الله.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]