لقد تابع الكثيرون ممن يهمهم الأمر أخبار الأيام الأخيرة على الساحة العربية من تطورات وخاصة الساحة الفلسطينية وقرار ترامب أن القدس عاصمة لدولة إسرائيل، وما يدور على الساحة السورية من انتصارات ساحقة للجيش العربي السوري على الإرهاب التكفيري والوهابي، فما كان من مملكة آل سلمان، إلا أن تعطي ترامب وزمرتهُ الضوء الأخضر بالإعلان ع صفقة القرن، وإنهاء القضية الفلسطينية وتصفيها تصفية تامة ، وإنشاء محور جديد، مؤلف من أمريكا وإسرائيل والسعودية وبعض دول الخليج، وبعض الأنظمة التابعة لهذا المحور، والعمل على إيجاد عدوٌ جديدٌ واسمه إيران بدل من العدو المعروف قديماً وحديثاً (( إسرائيل )) وأن إسرائيل ستكون حدودها من البحر إلى النهر ما عدا قطاع غزة ، الذي سيتمدد جغرافياً إلى داخل سيناء على ما يزيد م 1200 كيلو متر مربع ، وتُعطي مصر بدلاً من ذلك بنفس المساحة من صحراء النقب ، أما الضفة الغربية فيصبح سكانها كُلهم تحت الوصاية الإسرائيلية وإعطاءهم هذا الحق أن يديروا شؤونها البلدية لا أكثر ، وأن إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة في الضفة الغربية ، أصبح من الماضي وذلك بعد أن قررت إسرائيل بأغلب حكوماتها كانت يمينية أو يسارية أن لا مكان لقيام دولتين غربي النهر وما بين النهر والبحر ، وكل الدلائل على الأرض تثبت ذلك: : 1) لا رحيل من المستوطنات الكبرى وما حولها

2) لا تفريط في الغور ولا رحيل منه

3) لا عودة إلى حدود الرابع من حزيران 1967م

4) لا قدس شرقية ولا قدس غربية بل قدسٌ موحدةٌ عاصمة لإسرائيل

5) لا عودة للاجئين بل توطينهم في أماكن تواجدهم.

وأما الذي سيمّول هذا المشروع بمبلغ قدره الأخبار الأولية تقول عنه 500 مليار دولار تساهم فيه السعودية ودول الخليج بمشاركة أمريكية إن الوثائق المسربة من ويكيليكس ، تثبت أنه لا مجال للشك أن حكومات عربية تعلم علم اليقين عن هذه الصفقة وتفاصيلها ، كمصر والأردن والمغرب والسودان ، ناهيك عن السعودية ودول الخليج، ونوقشت هذه الصفقة في هذه الدول في الغرف المغلقة ودوائر المخابرات التابعة لها ، والكل ينتظر حتى تستوي الطبخة، فكُلهم اتفقوا على التفاصيل ، والكل ينتظر من الذي سيُعلن أولاً ويكون أجرأ من غيره على موافقته للصفقة .

أما السلطة الفلسطينية التي عولت على الحلول السلمية ما يقارب الخمسة والعشرون عاماً دون جدوى، ستستمر في هذا النهج بقيادة محمود عباس ، حتى يأتيه اليقين "، وهي ترفع شعاراً سلمية سلمية ، حتى تنتهي القضية الفلسطينية خطوة خطوة ولم يبقى شبراً واحداً في الضفة الغربية إلا وقد زُرع فيه مستعمرة أو مستعمر ، حينها لم يبقى لا أمام السلطة ولا حتى العالم كُله إلا أن يسلم بالأمر الواقع ، امتلأت الضفة بالمستوطنين الذي سيزيد عددهم عن المليون إن لم يكن أكثر ، فيصبح أهل السلمية يسألون ويتساءلون ماذا نفعل بهذا العدد الكبير لليهود في الأرض المحتلة جميعها بالمستوطنين ويشاركهم في هذا التساؤل العالم كله الذي تعّول عليه هذه السلطة أن يقيم لها دولة والذي ما زال عباس يبحث عن بديل لأمريكا المخيبة التي سلمها السادات 99% من الأوراق لحل القضية وجاءوا من بعده وسلموها كل الأوراق فخابت آمالهم من هذه الدولة ، وستكون الخيبة ممن يعّول عليهم عباس والسلطة أكبر فكيف إذا عاد عباس وسلم الأوراق ثانيةً لدولة بريطانيا التي صنعت إسرائيل وفرنسا التي بنت الفُرن الذري لإسرائيل وهاتين الدولتين بالذات كانتا من أخلص الدول لإسرائيل ، وهل تفرطان بإخلاصهما لإسرائيل من أجل عيون العرب أو الفلسطينيين ، هذا وهمٌ والله ، أفق يا سيد محمود عباس من وهمك وحُلمك أنت ومن يشور عليك فاليوم الأنا قبل كل شيء ، فالسعودية لها مصالحها وأجندادتها وكذلك الخليج كله ودولٌ عربية كبيرة خرجت من الصراع منذ أمد طويل ن ففلسطين وشعب فلسطين خرج من اهتمامها ولم يَعُد الأمرُ يعنيها ، فبالنسبة لهُم فلسطين أصبحت من الماضي ، وأتعبتهم لدرجة أنهم وصفوها ( بالدمل) الذين ينتظرون التخلص منه ، في وقت قريب يا سيد محمود عباس أعد الحساب وراجع نفسك قبل أن يفوت الأوان ، لن ينفعك مجلس الأمن ولا الأمم المتحدة ولا أوروبا ولا العربان قد ينفعك وحدة الشعب الفلسطيني والاعتماد على النفس ، وأن نترك التسوّل ونرفض العبودية ، ونشمر عن سواعدنا ، وأن نقاوم بكل الوسائل المشروعة ، ضد الاحتلال من مات منا مات شهيداً ، ومن عاش منا عاش سعيداً .



إن الأمثلة أمامنا كثيرة يا سيد عباس ، بالأمس القريب المقاومة في لبنان والشعب والجيش اللبناني ، كيف طرد الإسرائيليين من لبنان دون شروط ، بعد 18 عاماً من الاحتلال ، لم يخرج الإسرائيلي من لبنان بقرارٍ من مجلس الأمن وهيئة الأمم بل خرج بالمقاومة وبالشهداء والتضحيات .

وهكذا في سورية الحبيبة ، لولا تضحيات الشعب والجيش السوري وصبره في مقاومة المرتزقة والإرهابيين ، وتقديمه آلاف الشهداء لما كان هذا النصر بغض النظر أن هناك قوة أخرى آزرت هذا الجيش كروسيا وإيران وحزب الله والقوات الرديفة.

ولكن النصر بني أولاً وقبل كل شيء على تضحيات الشعب والجيش السوري الذي استطاع أن يصمد أمام 80 دولة وعلى رأسها الشيطان الأكبر أمريكا .

إن لم يأخذ الشعب الفلسطيني بهذه الأمثلة الواقعية ويتبناها وتكون لهُ درباً وطريقاً ، أقول ضاعت فلسطين ، ولم يبق لنا إلا البكاء والعويل ، فلننتظر حتى يأتينا اليقين، لم يبق لنا إلى أن نردد هذه الآية الكريمة )كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ( ، وبعد أن تنطفئ هذه النار هل ينال الشعب الفلسطيني حقه ويعيش كما يعيش باقي شعوب العالم ؟؟

من يُجيبني على هذا التساؤل ، ومن يُبشرني بأن هذا الأمر آتٍ في الحياة قبل الممات ؟؟

أجيبوني يرحمكم الله .

والله ولي التوفيق

الشيخ عبد الله نمر بدير

* عضو إتحاد كتاب الكرمل القطري ، ناشط إجتماعي وإمام سابق


 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]