يختتم مؤتمر الأمن والدفاع في ميونيخ اليوم أعماله التي استمرت ثلاثة أيام قدم خلالها رئيس المؤتمر فولفانج اشينجر تقريره الذي أشار فيه الى المتغيرات في الساحة الدولية واختلال موازين القوى الإقليمية والتحالفات المستجدة على ضوء جملة من الأزمات والصراعات السياسية والعسكرية والأمنية التي تجتاح العالم كله، مركزاً على ان جدول أعمال المؤتمر يلقي الضوء على مناطق التوتر العديدة في الشرق الأوسط وسبل مواجهة الإرهاب، ومستقبل قدرة الاتحاد الأوروبي على العمل في ظل المعطيات الدولية المتلاحقة، والخلافات المتفاقمة في منطقة الخليج العربي، مفسراً لماذا جاء هذا المؤتمر تحت عنوان «الهاوية - العودة» باعتبار ان الصفة الغالبة على المسار الدولي باتت حالة من عدم الأمن والأمان، وبحيث بات العالم اكثر اقتراباً من حافة الصراعات المسلحة اكثر من اي وقت مضى.

ومن المتوقع ان يلقي رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو كلمته امام المؤتمر هذا اليوم، بحضور ٢١ رئيساً ورئيس حكومة واكثر من ٨٠ وزير خارجية ودفاع واكثر من ٦٠ من مديري شركات رفيعة المستوى وممثلي منظمات المجتمع المدني على نطاق العالم، وافصح نتنياهو عن مضمون خطابه امام المؤتمر حتى قبل ان يلقيه من خلال ما تسرب من اجتماعه مع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس على هامش المؤتمر، وما أثير عن إصرار إسرائيل على ان هضبة الجولان السورية المحتلة ستبقى والى الأبد تحت السيادة الإسرائيلية، يقول ذلك - نتنياهو - أمام الأمين العام للأمم المتحدة التي اتخذت العديد من القرارات التي تعتبر كل الأرض العربية التي احتلتها اسرائيل اثر حرب حزيران ١٩٦٧ ارضاً محتلة، بما فيها هضبة الجولان والضفة الغربية بما فيها القدس، ما يشير الى مزيد من التبجح المعلن حول ادارة الدولة العبرية الظهر للمجتمع الدولي، ومما تسرب من هذا اللقاء مع غوتييريس، لا يبدو ان هناك رداً مناسباً من قبل الامين العام على هذه التبجحات، ما شجع نتنياهو على تقديم الشكر له لجهوده في عقد نقاش في مجلس الأمن حول جثث الجنود الإسرائيليين والمواطنين الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس في قطاع غزة، مطالباً الأمين العام ومجلس الأمن بمواصلة الضغط على المجتمع الدولي لإنهاء هذا الملف بتسليم جثث الجنود «والمواطنين» المحتجزين في قطاع غزة.

ولا نعرف حتى الآن كيف سيتصرف الضيوف العرب الى هذا المؤتمر اثناء خطاب نتنياهو امام المؤتمر اليوم، بحضور امير قطر تميم، وحيدر العبادي رئيس وزراء العراق وسامح شكري وزير خارجية مصر العربية، واحمد ابو الغيط أمين عام الجامعة العربية ويعقوب الصراف وزير الدفاع اللبناني، ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير، ومن المفترض ان يلتقي نتنياهو على هامش المؤتمر وزير الخارجية المصري، إلا ان هناك مساعي لعقد لقاءات قد تتم «بالصدفة» مع بعض الضيوف العرب، كما أشارت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية التي قالت إن هناك ترتيبات أولية بهذا الصدد، في حين ان هذه الوسائل أكدت على انه ليس من المتوقع ان تنسحب الوفود العربية من قاعة المؤتمر أثناء إلقاء نتنياهو خطابه، بينما يؤكد على استمرار السيادة الإسرائيلية على الأرض المحتلة بما فيها الجولان عوضاً عن الأراضي الفلسطينية المحتلة، واكثر من ذلك، وحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن نتنياهو الذي سيؤكد حالة العداء مع ايران، من شأنه ان يجعل كلام نتنياهو أمام المؤتمر اكثر ترحيباً من قبل بعض المشاركين العرب!

«لن تسمح إسرائيل لإيران بالتموضع في سورية» هذا ما قاله نتنياهو قبل ان يتوجه الى ميونيخ، وهذا يعني ببساطة شديدة، انه سيحاول ان يجعل من قضية الوجود الإيراني في سورية، وكأنه لب الصراع في الشرق الأوسط، متجاهلاً أن معظم تداعيات الأحداث في هذه المنطقة من العالم، ناجمة في الأساس من استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأرض العربية، ناهيك عن ان التدخل في الشأن السوري من قبل دولة الاحتلال بذريعة الأمن تكشف مدى تغول القيادة الإسرائيلية التي باتت اكثر جرأة على الاستمرار في إدارة الظهر للقوانين والقرارات الدولية بعد وصول الرئيس الاميركي ترامب الى البيت الابيض واتخاذه العديد من القرارات التي تدعم الاحتلال الاسرائيلي، وعلى رأسها القرار الذي بموجبه تعترف اميركا بالقدس كعاصمة للدولة العبرية، بالتوازي مع القرار بتقليص المساعدات الأميركية لوكالة الغوث في محاولة لإزاحة ملف اللاجئين وحق العودة من ملفات الصراع بين إسرائيل والشعب الفلسطيني. ولعل في اللقاء المرتقب في البيت الأبيض الشهر القادم بين ترامب ونتنياهو، ما يؤشر الى مزيد من الدعم الأميركي للسياسات الاحتلالية لإسرائيل، وربما اكثر تقارباً حول ضم الضفة الغربية، بعد ما أُشيع عن خلافات بينهما حول هذا الشأن!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]