نظمت جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين جولة تعليمية في مدينة يافا، شارك فيها العشرات من الجليل ورام الله والخليل والقدس والنقب. وأرشد الجولة الباحث المختص في تاريخ يافا، سامي أبو شحادة، شارحًا عن تاريخها منذ أقدم عصورها ولغاية اليوم.
بدأت الجولة في الميناء القديم ليافا، حيث شرح أبو شحادة عن تاريخ يافا كإحدى أقدم المدن الهامة في التاريخ، إذ جذب موقعها ومناخها وطبيعتها المميزين الغزاة على مر التاريخ. وتشير الأدلة التاريخية إلى أنها أهلت بالسكان وبشكل متواصل منذ 5 آلاف سنة قبل الميلاد. وفي يافا نشأ أول ميناء رئيسي في فلسطين، وهو ما رفع من مكانتها الاقتصادية على مر التاريخ، فاعتبرت المدينة بوابة لفلسطين منذ العصور القديمة.
وتنقلت الجولة في عدة مواقع في ما تبقى من يافا القديمة. وشرح أبو شحادة عن أهمية يافا الاقتصادية، فقد تميزت أراضيها بالخصوبة وانتشار البيارات والبساتين. واشتهرت المدينة بشكل خاص بالبرتقال ذو القشرة السميكة، وهي ميزة أتاحت تصديره لدول العالم حاملاً اسم يافا، ليصبح أشهر ماركة عالمية على مدار قرن كامل، من منتصف القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، فصُدّر من يافا مئات الأطنان سنويًا من صناديق البرتقال. كما تطورت فيها الزراعة والصناعات ووسائل النقل، فاستقطبت المدينة آلاف العمال والمستثمرين من كافة أنحاء الوطن العربي والعالم. كما كانت السياحة ركنًا اقتصاديًا مهمًا في يافا، فقد زارها عشرات آلاف السياح والحجاج من كافة أنحاء العالم، حيث أن يافا تحتوي على مواقع دينية مقدسة للديانة المسيحية. كما أنها اعتبرت بوابة للقدس على مر التاريخ.
وتميزت يافا بشكل خاص بنشاطها الثقافي، إذ صدرت فيها عشرات الصحف وانتشرت فيها المطابع والمكتبات العامة والخاصة، وكان فيها عشرات المدارس. كما نشطت يافا فنيًا، حيث كان فيها عدة دور سينما ومسارح وإذاعة، زارها أهم مبدعي العالم العربي مثل أم كلثوم، محمد عبد الوهاب، عباس محمود العقاد، طه حسين وغيرهم كثيرون. كما تأسست في يافا عشرات النوادي الثقافية والرياضية، وأنشئ فيها أول نادي نسائي لرياضة كرة المضرب.
تعرضت يافا للعديد من الهجمات الصهيونية بدعم من قوات الاحتلال البريطاني، ومن أبرزها مجزرة تل الريش والسرايا. وأشار سامي ابو شحادة أنه وخلال تهجير وترحيل أهل يافا تحت قوة السلاح والمجازر، ودفع الناس إلى الركوب في قوارب الصيد الصغيرة تحت وابل من الرصاص، غرقت العديد من تلك القوارب كما يحدث اليوم مع اللاجئين السوريين. وقامت العصابات الصهيونية بتهجير 120 ألفًا من أهالي مدينة يافا وقضائها وبقي في المدينة 4000 فقط، تم حشرهم في حي العجمي وإحاطتهم بالأسلاك الشائكة والجنود وكلاب الحراسة. كما منع دخولهم وخروجهم منه إلا بإذن من سلطات الحكم العسكري. ومُنعوا من التواصل مع أهاليهم اللاجئين المتواجدين في الدول العربية بتهمة "التخابر مع دول عدو". وهكذا حولت إسرائيل أهم مركز مدني فلسطيني إلى حي صغير وهامشي يعاني الفقر والجريمة والتمييز. وشدد أبو شحادة على أن يافا تعرضت إلى ثلاث نكبات: نكبة احتلالها وتهجير أهلها، النكبة المتمثلة بأكبر عملية سطو مسلح في القرن العشرين، حيث سرقت العصابات الصهيونية ممتلكات وأراضي اليافيين، ونكبة فرض "العيش المشترك" في نفس البيوت مع المستعمرين الجدد.
واختتم سامي ابو شحادة الجولة مشددًا على أنه وعلى الرغم من النكبة المستمرة التي تتعرض لها يافا، هنالك حالة نهوض ونشاط سياسي واجتماعي في أوساط اليافيين الذين يناضلون من أجل خلق واقع سياسي واجتماعي مختلف، والتشديد على هوية يافا الفلسطينية العربية.
وأشارت رنا عوايسة مركزة مشروع الجولات للبلدات الفلسطينية المهجرة، إلى أهمية المشروع الهادف إلى التعريف بتاريخ القرى والمدن الفلسطينية المُغيّب والمعالم التي تم طمسها وهدمها لإخفاء أي أثر للوجود الفلسطيني الممتد منذ آلاف السنين. وشددت على أهمية مدينة يافا التي اعتبرت عاصمة ثقافية واقتصادية لفلسطين ما قبل النكبة، وإلى أهمية التعرف إلى تاريخها الذي يبرز مدى تطور فلسطين حضاريًا واقتصاديًا قبل احتلالها وتشريد أهلها. هذا وقد أصدرت جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين كُتيبًا عن تاريخ يافا تم توزيعه خلال الجولة.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]