أُقيمت فريضة شعائر خطبة وصلاة الجمعة المباركة في جامع عمر المختار يافة الناصرة وذلك بحضور حشد من أهالي البلدة والمنطقة، حيث إستهلها القارئ الشيخ سليم خلايلة بتلاوة آيات عطرة ما تيسر من الذكر الحكيم بصوته الشجي مع الصلاة على النبي مما زاد أجواء روحانية إيمانية مفعمة بالخشوع.

وبعد رفع الآذان الثاني ألقى الخطبة الشيخ موفق شاهين إمام وخطيب الجامع وإفتتحها بحمد الله سبحانه وتعالى والشهادة به وبالرسول الكريم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم أوصى المصلين بتقوى الله سبحانه وتعالى ودخل الموضوع مباشرة وتناول التحدث عن مناسبة يوم العمال العالمي والعمل وأهميته في ظل إنتشار ظاهرة البطالة، وقال: "يحتفي ويحتفل بها العديد من دول العالم وهي تعود على نفسها هي يوم العمال العالمي، هذا العامل الذي به قامت الدنيا، لولا العامل ما إستقامت مصادر الخلق ولا إقتضت مصادر العباد، والعمل في الإسلام مقدس إلى درجة أنه أفضل عند الله من عبادات النوافل، العبادة أنواع الصلاة الصوم الزكاة الحج وهناك العبادة بالمفهوم العام من الأخلاق والآداب والسلوك وذكروا من أهمها العمل الحلال الذي يرجى منه كسب العيش الحلال لستر حاله ولتأمين عياله ولتأمين لقمة العيش الحلال لمن يعول، هذه سبقت عبادة النوافل".

وإستعرض فضيلته الآية الكريمة ((ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما))، وأشار أن الله جعل من خاصية الماء قانون فيزيائي والسفينة ناقلة النفط هذه الباخرة العملاقة التي تحمل عشرات بل مئات الأطنان بل الآلاف الأطنان تطيش في الماء بينما الإبرة تغرق، متسائلًا من الذي وضع في الماء السائل هذا القانون ومن الذي علم الإنسان هذا القانون ليصنع الفلك؟ لكي تقتضي مصالح العباد.
ولفت إلى التجارة العالمية بأنها تقوم على عدة وسائل نقل أساسها وأهمها العمود الفقري السفن التي ذكرها الله تعالى في سورة الرحمن ((وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام)) وقام بشرح الآية وبفضل الله سير تلك الجوارح لولا خاصية الماء لغرقت وتعطلت مصالح العباد.
وأضاف: "العمل الذي أمرنا الله تعالى به قال ((وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)) العمل نوعان، عمل الصالحات المعنى الروحي والمشاهد بين الناس مثل إصلاح ذات البين صلة الأرحام حسن الجوار الصدقات وكذلك تحمل المعنى الحسي العمل لأن عندما يعمل الإنسان عمله حلاله ويستر من يعول هو مجاهد في سبيل الله".

وتطرق إلى حديث صحابي صافح النبي وإذ كف الصحابي خشنة والنبي عليه الصلاة والسلام سأل الصحابي (لماذا يدك خشنة؟) قال له الصحابي (من كدي على عيالي يا رسول الله)، والنبي كان يريد أن يقبل يده فقام الصحابي بسحبها الصحابة إستغربوا قالوا (تقبل يد رجلًا)، قال النبي (كيف لا افعل والله، يد يحبها الله ورسوله بلغوا عني من بات كالًا من عمله بات مغفورًا له).
وحث على العمل وأن يكون المسلم منتجًا ليس الذي لا يعمل والنبي حذر (نغمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) وأن يتقي الإنسان الله بصحته لأن الله سبحانه وتعالى يريد أن يسأل عن الشباب فيما أبلاه لذلك الله يحب الشاب لأن الشاب لديه إمكانية يكرهه الشيطان جثع قوي عندما يعود إلى الله وهو شاب الله يقول للملائكة (أُنظروا إلى عبدي أنه أغلى عندي من بعضكم) والنبي عليه الصلاة والسلام يقول (نصرت بالشباب).
وبين العمل والأُمة المنتجة وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما رأى شاب وسأله إذا يوجد لديه مهنة.
وتابع: "النبي يقول (إن الله يحب العبد المحترف) صاحب المهنة أن تكون لدى الإنسان حرفة ويكون عزيز النفس لا يحتاج الناس كما يقول المثل بالعامية (كن صاحب صنعة ولا تكن صاحب قلعة) وكم بيت في بلادنا هجر أصحابه وما زال على حاله، صاحب العلم صاحب الصنعة أينما يكون علمه وصنعته معه وكم حرفه في زماننا خاصة صاحبها صادقًا أمينًا تدر عليه ذهبًا، وما من نبي إلا كان صاحب حرفة قالوا (حتى أنت يا رسول الله) قال (نعم) قال (ما من نبي رعى غنم وأنا كنت أرعى غنم على قراريط) وكثير من الأنبياء كانوا يعملون أما عاطل باطل دون عمل كيف يقضي الإنسان بالمفسدة كما قالت الحكمة (الفراغ مفسدة أيما مفسدة) باقي شعوب العالم عمرها ستون عامًا وسبعون عامًا وثمانون عامًا ما زالوا يعملون ويركبون دراجة هوائية ويمارسون الرياضة".

وأردف قائلًا: "النبي يقول (لا تمارضوا فتمرضوا) لماذا هذا الكسل؟، ويقول (أعوذ بالله تعالى من العجز والكسل) لأن الكسل يولد العجز، المؤمن ليس كسول بل نشيط المؤمن معطاء منتج وإذا عمل يعمل بقلب بإخلاص لأن الإنسان مسؤول عن ماله أمام الله وعدم سرقة صاحب العمل والسرقة حرام، العبادة لها وقتها (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه)، الله يقول حتى في عبادات الإسلام في صلاة الجمعة ((فإذا قضيت الصلاة فإنتشروا في الأرض وإبتغوا من فضل الله)) لأن بعد الفرض تصبح نوافل الله غني عنها، النبي رأى رجلًا في المسجد قائمًا قال له (من يعيلك؟) قال (إن لي أخًا محترفًا) قال (إنه خير عند الله منك)، أن يعمر الإنسان الكون هذا، الكون خلق للإنسان ((هو الذي جعل لكم الأرض ذلولًا فإمشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور))، ((والله جعل لكم الأرض بساطًا لتسلكوا منها سبلا فجاجا))".
وذكر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما رأى رجلًا قائمًا في المسجد لا يعمل قال له (إذهب وإعمل إن الأرض لا تمطر ذهبًا ولا فضة إن الله غني عن عبادة أمثالك)، ونوه أن لا يدخل الإنسان الحرام على الحلال لأن إذا دخل الحرام على الحلال أفسده، وأوضح نظرة الإسلام إلى العمل والعامل والحاجة إلى الغير كما قال الشاعر جبران خليل جبران (ويل لأُمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع) ويوجد عجز نفسي ومادي وإقتصادي وفكري وسلوكي.
وحذر عدم الإعتماد على الكسل والمحاولة الإنتاج والعطاء وإختتم بحديث النبي (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) و (اليد العليا خير من اليد السفلى) وممكن الإنسان يحتاج وإذا الظروف همت عليه إضطر أن يحتاج فيه خير أما تصنع الإحتياج هنا المشكلة وعندما تكون اليد عليا يكون الإنسان منتج عامل متحرك وليس كسول.
ودعا الله سبحانه وتعالى أن يفرج الكرب وييسر الأمر والفهم الحقيقي لدينه ولرسالة النبي عليه الصلاة والسلام. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]