في سابقة مهمة، وبتركيبة 5 قضاة، ألزمت المحكمة العليا في القدس، كل من بلدية كرميئيل ولجنة التنظيم والبناء اللوائية، بدفع تعويضات لمواطنين من قرية نحف بمنطقة الشاغور بعد مصادرة أراضيهم قبل 21 عامًا.

*عن القرار*

وجاء القرار بعد توجه قام به مجموعة من أصحاب الأراضي في نحف، من عائلة قيس ومصري، بعد أنّ قامت بلدية كرمئيل عام 1997 بمصادرة حتى 40% من قسائم أرضهم بهدف بناء شارع التفافي للمنطقة الصناعية "ج" في المدينة، حيث تقدم المتضررون بدعوى للمحكمة مطالبين الزام بلدية كرمئيل مصادرة الأرض كاملة ودفع تعويض كامل لهم على المُصادرة بحجة أنّ الأرض التي تمت مصادرتها لشق هذا الشارع بصورة فعليّة كانت أكثر من 40%، وأنّ المصادرة أدت إلى فقدان قيمة بقية الأرض المتبقية.

واعتمد المتوجهون على نص قانون التنظيم والبناء والذي يوضح أنّ للسلطات المحليّة حق في مصادرة حتى 40% من أرض بملكية خاصة لصالح مشاريع جماهيرية يستفيد منها المُتضرر من المُصادرة دون تعويض يذكر للمُتضرر شرط ألا تمس هذه المصادرة بقيمة ما تبقى من الأرض وأهميتها في مشاريع متنوعة (بند 190 أ.1 من قانون التخطيط والبناء 1965، الدفاع عن ما تبقى من الأرض).

وأوضح المتوجهون في دعوتهم الأولى أنّ الشارع الالتفافي لم يخدم أهل نحف بالمرة، فقد خدم أهالي كرمئيل فقط، كما وأنّ هذه المُصادرة مست بشكل كبير بما تبقى من الأرض.

وقبلت المحكمة المركزية في حينه ادعاء المتضريين، حيث حكمت بالتعويض على مساحة كل الأرض التي صودرت والتي لم تصادر، رغم رفض بلدية كرمئيل ولجان التخطيط والبناء هذا الحكم، بحجة أنّ الدعوى جاءت بعد عدة سنوات مما يسقطها بسبب التقادم، حيث من المُفترض أن تقدم دعوى ضرر في هذه الحالة خلال 3 سنوات أو 7 سنوات كأقصى حد وفق تعديل لاحق للموضوع.

وأوضحت قاضية المحكمة المركزية في حينه أنّه في حالتنا هذه لا يوجد للتقادم في تقديم الدعوى أي أهميّة نظرًا وأنّ المتضررين، وهم ورثة أصحاب الأرض الأصليين، لم يعرفوا بالمصادرة من قبل لجنة التخطيط والبناء وبلدية كرمئيل، وفقط عندما قاموا بمسألة حصر الإرث اطلعوا على هذه التغييرات، أي بعد 12 عامًا من المصادرة.

وفي أعقاب هذا القرار المهم للمحكمة المركزية، سواءً فيما يتعلق بمسألة التقادم أو التعويض على بقية الأرض – وفق ما يقتضيه البند 190 أ.1 من قانون التخطيط والبناء-، توجهت بلدية كرمئيل ولجنة التخطيط والبناء باستئناف للمحكمةِ العليا التي ثبتت قرار المركزية فيما يتعلق بمسألة التقادم إلا أنها أوضحت أنّ هنالك حاجة خاصة لنقاش مسألة مصادرة 40% من أرض بملكية خاصة دون تعويض صاحبها لمشاريع قد لا تخدم المتضرر، الأمر الذي يستدعي سماع مواقف أطراف مختلفة من الموضوع منها المستشار القضائي للحكومة وايضًا الحكم المحلي.

*سابقة مهمة*

وأقر قضاة العليا في حينه، عام 2017، أنّ هذا النقاش مبدئي ويحتاج إلى تركيبة أوسع من القضاة نظرًا وأنه يتجاوز نص القانون الحاليّ، الذي يلزم السلطة المحلية مصادرة أرض كاملة حال حدث لقيمتها ضرر جراء مصادرة الـ 40%، مما قد يحوّل القرار الذي صدر مؤخرًا إلى سابقةٍ تتعلق بمصادرة الأراضي وصلاحيات السلطات المحليّة.

يُشار إلى أنّ المستشار القضائيّ للحكومة وسلطة الحكم المحلي قدما اعتراضات نقاش مسألة مصادرة الـ 40% من الأراضي بادعاء أنّ قرار في هذا السياق قد يمس بمدخول وصلاحيات السلطات المحليّة وأنّ على المحكمة العليا إبقاء الوضع كما هو عليه ونقاش بند 190 أ.1 من قانون التنظيم والبناء في هذه الحالة العينيّة.

وبهذا القرار انهت العليا، في سابقة هامة، فترة المصادرات دون تقديم أي تعويضات بحجة تطوير الحيّز العام واراضي من الصالح العام، علمًا أنّ المواطنين العرب أكثر من دفعوا بسبب هذه السياسة المجحفة حيث تمت مصادرة أغلبية الأراضي العربية بهذه الطريقة، في حين انهم لم يستفيدوا بشكل مباشر من "التطوير".

ومثل الملتمسين كل من المحامي عنان بلان وخالد دغش، حيث قال دغش في السياق: أنّ القرار سابقة، ومهم جدًا، ويأتي بتركيبة 5 قضاة، مما يدل على مدى جديته.

وأضاف انّ القرار أحدث تغييرًا جوهريًا في كل سياسة مصادرة الأراضي، خاصة في الشاغور، مثنيًا على صمود الأهالي ورفضهم الفتات الذي اقترحته الجهات المقدم ضدها الدعوى.

بدوره، قال المحامي عنان بلان: القرار يعد سابقة لأنه المحكمة العليا ناقشت مسألة تتجاوز النص القانوني، وهي لماذا أصلا هنالك حاجة إلى مصادرة 40% من أرض بملكية خاصة لصالح مشاريع جماهيرية علمًا أنّ هذه المشاريع قد لا يُستفاد منها.

وأكد المحامي بلان على أنّ القرار قد يشكل بابًا إلى دعاوٍ إضافية في المجال، لا سيما مصادرات اراضي عربية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]