تتشكل العادات الغذائية في مراحل الطفولة المبكرة، وأشار أحد الأبحاث إلى أن العادات الغذائية للأفراد تستمر طوال فترة المراهقة وحتى سن البلوغ. وقارنت دراسة أخرى ما يتناوله أطفال تتراوح أعمارهم بين سنتين إلى ثلاث سنوات، بما تتناوله أمهاتهم.

فحصت الدراسة كذلك ما أكلته الأمهات أثناء فترة الحمل، لتحديد أية فترة زمنية هي الأكثر أهمية في التأثير على النظام الغذائي للطفل. لتجد أنه برغم ارتباط الطعام الذي تتناوله الأمهات أثناء فترة الحمل بنوعية الطعام الذي يتناوله أطفالهم فيما بعد، إلا أن هذه العلاقة تزداد كثيراً بعد الولادة.

وقد وجدنا أيضا أن العادات الغذائية للآباء مرتبطة بما يأكله أطفالهم في سن الدراسة الابتدائية، وترتبط مساعدة الآباء على تحسين عاداتهم الغذائية ليصبحوا قدوة لأطفالهم، بتقليل استهلاكهم من السكريات، والملح، والمأكولات التي تحتوي على سعرات حرارية عالية، والمأكولات المفتقرة إلى المغذيات (الوجبات السريعة)، والأطعمة الغنية بالمواد المغذية (الطعام الصحي).

يتناول الأطفال طعاماً أفضل عندما يفعل الآباء الأمر ذاته. ينطبق هذا على تناول الفواكه ومصادر البروتين الأخرى غير اللحوم، وتكرار تناول الوجبات التي تحتوي على الخضروات.

يكمن السر في تطوير عادات غذائية صحية في أن تكون نموذجًا لذلك. بهذه الطريقة تُظهر لهم كيف يأكلون بشكل صحي، دون إجبارهم على ذلك، فيما يعرف بـ"اجعل الآباء يوفرون طعاما صحيا، ودع الأبناء يختارون".

إن تنظيم الوجبات الرئيسية والوجبات الخفيفة وتحديد أوقاتٍ معينة لتناولها، يجعل الطفل الذي لم يكن جائعًا في إحدى الوجبات ولم يأكل الكثير، سيكون جائعًا ويأكل أكثر في الوجبة التالية.

طعام لتنمية العقول

وتمد الأغذية والمشروبات التي يتناولها الأطفال أجسامهم بالعناصر الغذائية اللازمة لنمو وتطور العقل. وكلما تطورت الأنماط الغذائية للطفل، سوف يتحسن تحصيله الدراسي، بالأخص أولئك الأطفال الذين يتناولون وجبة الفطور بانتظام، ويتناولون القليل من الوجبات السريعة، وتحتوي عاداتهم الغذائية على عناصر أكثر فائدة.

قارنت دراسة أسترالية أُجريت على 4000 طفل، تتراوح أعمارهم بين 8 إلى 15 عاما، بين سلوكياتهم الغذائية ودرجاتهم في برنامج التقييم الوطني لمحو الأمية في القراءة والكتابة والعمليات الحسابية. ووجدت أن تناول الخضراوات بشكل أكبر في الوجبات المسائية، يرتبط بحصول الطفل على درجات أعلى في اختبارات التهجئة والكتابة.

كما وجدت أن استهلاك كميات أكبر من المشروبات المحلاة بالسكر يرتبط بحصول الطفل على درجات أقل في اختبارات القراءة والكتابة والنحو وعلامات الترقيم والحساب.

أجرينا استطلاعًا على 100 من الآباء الأستراليين، ووجدنا أن معظمهم حاول تحسين جودة الطعام الذي يأكله أطفالهم وجعله صحيا أكثر. وقد قاموا بذلك عن طريق زيادة الخضراوات والفواكه في وجبات أطفالهم، أوعن طريق تقليل كميات الطعام التي يعتقدون أنها تحتوي على السكر.

كما وجدنا أن كثيرا من الآباء والأمهات يشعرون بالقلق حول عادات أطفالهم الغذائية. وقد أخبرونا أنهم بحاجة إلى المزيد من المساعدة في كيفية التحدث عن الطعام بطرق إيجابية ومشجعة. وأرادوا كذلك أن يتعلموا المزيد عن كيفية جعل أطفالهم يطورون ويحافظون على نمط حياة صحي.

ما الذي يُمكن أن يفعله الآباء؟

تنويع الأطعمة الصحية

يساعد تنوع الأطعمة والمشروبات التي يتناولها الطفل على زيادة ما يتناوله من مأكولات تحتوي على عناصر مغذية. قم بتجربة اختبار الأكل الصحي واستخدم المعلومات التي حصلت عليها في رفع درجات جميع أفراد أسرتك في هذا الاختبار.

قدم لهم خضراوات وفواكه "جديدة"

عند تجربة طعام جديد، قد يخبرك طفلك أن هذا الصنف "مقزز". وهذه ردة فعلٍ طبيعية لشيء جديدٍ وغير مألوف. صحيحٌ أنه أمرٌ مخيب للآمال بالنسبة للأهل، لكنه طبيعي.

جرب أن تجمع بين الأطعمة الجديدة والأطعمة المفضلة لديهم. قدم الباحثون في دراسة أُجريت على أطفال (من سن 10 إلى 12سنة) نوعين من الرقائق المقرمشة (أحدهما مألوف والآخر جديد). وقدم الباحثون لبعض أولئك الأطفال "صلصة تغميس" مألوفة لديهم ليأكلوا بها الرقائق، في حين قُدم للأطفال الآخرين "صلصة تغميس" غير مألوفة. كان الأطفال الذين قُدمت لهم صلصة التغميس المألوفة أكثر استعدادا لتجريب أطعمة جديدة. جرب هذا في المنزل.

أَعِد بعض شرائح البطاطا عن طريق خلط قطع البطاطس مع البطاطا الحلوة. ضع بعض الورق المستخدم في الطبخ (ورق الزبدة على سبيل المثال) على صينية فرن، رشها بالزيت، ثم وزع قطع البطاطا ورشها مرة أخرى. ضعها في فرن ساخن، وقلبها باستمرار حتى تصبح طرية من الداخل. وأخيرا، قدمها مع صلصة طماطم قليلة السكر أو الملح.

كن نموذجا في تناول الغذاء الصحي

"إذا رأتك القرود تفعل شيئا ما، سوف تفعل مثله". تبدو معادلة رابحة للجميع إذا تناولت الطعام الذي تريد من أبنائك أن يأكلوه.

حددو أوقاتا ثابتة للوجبات الرئيسية والخفيفة، وتناولوا الطعام كعائلة

من المهم أن يشارك الآباء الأطفال في تناول الوجبات مع الأطفال الصغار والمراهقين على طاولة واحدة خلال أوقات الطعام متى كان ذلك متاحًا، إذ يمنح هذا الآباءَ الفرصة للتحدث مع أبنائهم حول عددٍ من الأمور، بما في ذلك الغذاء.

يعزز تناول الوجبات مع العائلة من صحة الأطفال والمراهقين ويزيد سعادتهم. فالأطفال الذين يتناولون طعامهم برفقة العائلة ثلاثة مرات أو أكثر في الأسبوع، لديهم فرصة أكبر لأن يكون وزنهم ضمن نطاق الأوزان الصحية، وأن تكون أنماط غذائهم صحية أكثر.

وفي مرحلة المراهقة، يرتبط وجود الآباء في الوجبات المسائية، بتناول كمية أكبر من الفواكه والخضروات ومنتجات الألبان.

اطلب المساعدة من متخصص في التغذية

قد يكون من الصعب أن تطلب المساعدة، أو أن تعرف أين تجدها. أظهرت بيانات أسترالية أن من بين العائلات التي لديها طفل يعاني من الوزن الزائد أو السُمنة وذهبت إلى إحدى الخدمات الصحية، القليل جدا منهم حصل على مشورة أو عرض لمقابلة خبراء صحة ليساعدوهم في السيطرة على زيادة الوزن.

وإذا ما أُحيلوا إلى خبير صحي، فسوف ينتهي بهم المطاف إلى قائمة انتظار طويلة، أو سيضطرون إلى أخذ إجازة من العمل لحضور هذه المقابلات.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]