رفض مجلس الإفتاء الأعلى إخضاع المسجد الأقصى المبارك لإجراءات الاحتلال التعسفية أو لأي من قرارات محاكمه على مختلف مستوياتها، جاء ذلك رداً على مطالبة المحكمة الإسرائيلية العليا بإعطاء المستوطنين حق أداء صلواتهم في المسجد الأقصى، الذي لن يخضع لأي قوانين أرضية، وليس للمحكمة الإسرائيلية أي صلاحية عليه، وأن الحكم الرباني هو الوحيد المقبول تجاهه، والذي يؤكد على إسلاميته الخالصة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وإن أي محاولات لإحلال غير المسلمين مكانهم في الصلاة في باحاته لن تقبل مهما كلف ذلك من تضحيات.

وأكد المجلس على حق العرب والمسلمين والفلسطينيين بالقدس ومقدساتها، وأن هذا الحق لن يسقط بفعل الظالمين وبطشهم، فالقدس لنا وحدنا وليفعل الظالمون المتغطرسون ما بدا لهم، وليقرروا ما شاءوا من القرارات الباطلة، فالفلسطينيون والعرب والمسلمون وأحرار العالم لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام الإجحاف الإسرائيلي المساند من أمريكا ومن دار في فلكها.

وشجب المجلس قيام سلطات الاحتلال بإبعاد أربعة من موظفي دائرة الأوقاف الإسلامية، وعدد من المرابطات عن المسجد الأقصى لمدد متفاوتة، مبيناً أن سلطات الاحتلال تعرقل عمل دائرة الأوقاف في القدس من خلال اعتقال موظفيها وملاحقتهم وإبعادهم عن المسجد الأقصى المبارك، مما يستدعي بذل الوسع والطاقة في سبيل الوصول إلى المسجد الأقصى وشد الرحال إليه، وتعزيز التواجد فيه من أجل حمايته، مع التأكيد على تمسك أبناء شعبنا بمسجدهم، مهما تطلب ذلك من ثمن وتضحيات.

وحذر مجلس الإفتاء الأعلى من مخطط سلطات الاحتلال لتوسيع حائط البراق، معتبراً المبررات التي تسوقها لذلك ذرائع واهية لتهويد ما تبقى منه. وهي تسعى من وراء هذا المخطط وما شابهه من مشاريع التهويد، التي تتم من خلال الحفريات، وسرقة الآثار، وبناء الكنس والحدائق التلمودية إلى تهويد القدس ومعالمها، وسلخها عن واقعها العربي والإسلامي.

وفي السياق ذاته؛ ندد المجلس بإعلان سلطات الاحتلال عن بناء 111 وحدة استيطانية جديدة في بيت حنينا في القدس المحتلة، بهدف محاصرة التجمعات الفلسطينية بالمستوطنات، ومن ثم اختراقها وتفتيتها، عبر شق الشوارع وزرع البؤر الاستيطانية داخلها، وفي ذلك مخالَفة واضحة للمواثيق والمعاهدات الدولية كافة، التي تعتبر القدس أرضاً محتلة، مما يهدد السلام والأمن في المنطقة، وقد يجرها إلى ويلات الحروب والفوضى وزعزعة الاستقرار.

من جانب آخر؛ شجب المجلس غطرسة الاعتقال الإداري الذي تستخدمه سلطات الاحتلال كأحد أدوات فرض السيطرة والهيمنة وكسر إرادة الشعب الفلسطيني ومحاولة تركيعه، ضمن منظومة قمعية تعسفية متكاملة السياسات الممنهجة وواسعة النطاق، وترقى إلى جريمة حرب في الوضع الفلسطيني، كونها تفرض على المعتقلين الإداريين أحكاماً تعسفية دون الإعلام عن أسبابها، مطالباً المجتمع الدولي بهيئاته ومؤسساته التي تعنى بالإنسان وحريته وكرامته العمل على الإفراج العاجل عن الأسرى كافة، وتبييض السجون الإسرائيلية.

وطالب المجلس أحرار العالم بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، والعمل على بذل الجهود الحثيثة للتعريف بالانتهاكات الإسرائيلية وفضحها في المحافل الدولية، التي تمارس بوحشية ضد المسجد الأقصى المبارك بخاصة، والمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين بعامة.

جاء ذلك خلال عقد جلسة المجلس السادسة والستين بعد المائة، برئاسة سماحة الشيخ محمد حسين، المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى، وتخلل الجلسة مناقشة المسائل الفقهية المدرجة على جدول أعمالها، وذلك بحضور أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس من مختلف محافظات الوطن. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]