في حال فشل خطة السلام الأميركية «صفقة القرن» فإن فرنسا ستتقدم بخطة سلام بديلة، هذا ما نقله مستشار الرئيس الفرنسي السياسي أورليان لاشباليه إلى الرئيس عباس في كانون الثاني الماضي إثر اجتماعه في رام الله، ناصحاً الرئيس عباس بإعطاء خطة السلام الأميركية فرصة والرد عليها بعد نشرها رسمياً، قبل حوالي شهر من هذا الاجتماع، كان الرئيس ماكرون وإثر اجتماعه في باريس مع الرئيس عباس، قد أشار إلى أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين «في الوقت المناسب». وان قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل قد «همّش» من دعم عملية السلام و»حل الدولتين»، وأثناء انعقاد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في الرابع والعشرين من أيلول الماضي، نقل دبلوماسيون غربيون عن نقاش دار بين ماكرون وترامب، أن الثاني أكد للأول أن أميركا ستضغط على إسرائيل كما فعلنا مع الفلسطينيين لقبول صفقة قاسية، وذلك رداً على سؤال من قبل الرئيس الفرنسي حول مستقبل خطة السلام بين إسرائيل وفلسطين.

في كل تلك الأوقات كانت الولايات المتحدة تشير مراراً الى أنها ستطرح قريباً خطتها حول السلام بين الجانبين فيما بات يُعرف بـ»صفقة القرن»، إلاّ أنه وحتى الآن، تعذّر ذلك، ويبدو أن الاليزيه بات مستعجلاً لطرح البديل الفرنسي المدعوم أوروبياً لـ»صفقة القرن» الأميركية، لاعتبارين: الأول، ان الجانب الفلسطيني ما زال على موقفه من أن الولايات المتحدة نأت بنفسها عن دورها التقليدي في إدارة عملية السلام بعد أن قامت بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وإعلان القيادة الفلسطينية عن وقف تعاملها السياسي والدبلوماسي مع الإدارة الأميركية، وطرح فلسطين لخطة سلام فلسطينية من خلال اطار دولي، لا تقوده الولايات المتحدة وقد تكون أحد أطرافه للتوصل إلى «حل الدولتين» وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
أما الاعتبار الثاني فيتعلق بالساحة الداخلية الأميركية، وتحديداً بالنتائج المحتملة للانتخابات الانتصافية لمجلس النواب الأميركي، حيث إن معظم استطلاعات الرأي تشير إلى فوز الحزب الديمقراطي، الأمر الذي سيغير الخريطة السياسية الأميركية الداخلية ويحد من قدرة الرئيس ترامب والحزب الجمهوري على اتخاذ قرارات صعبة في السياسة الخارجية، وخاصة أن نتائج هذه الانتخابات من المقرر والمفترض أن تترك آثارها السلبية على فرص التمديد لرئاسة ترامب بعد عامين.
لذلك كله، سرّبت إسرائيل جدية الرئيس ماكرون في طرح خطته للسلام كبديل عن «صفقة القرن»، إثر المناقشات التي جرت قبل أسبوع في لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست ومفادها: إذا لم يطرح ترامب خطته للسلام في الأسابيع القريبة، فإن خطة ماكرون جاهزة لتصبح البديل عنها، وأن على إسرائيل أن تقلق، خاصة في حال فوز الديمقراطيين في مجلس النواب وتعثّر «صفقة القرن» في طريقها لتشكيل خطة السلام الرئيسية، وربما وصول المبعوث الأميركي لشؤون الشرق الأوسط جيسون غرينبلات الأسبوع المقبل إلى إسرائيل، يهدف إلى تخفيض القلق الإسرائيلي والتأكيد على أن ترامب سيطرح صفقته قبل خطة ماكرون.
ولعلّ في تزامن هذه التطورات، مع جملة التحركات السياسية الأخيرة في المنطقة ما يشير إلى «تنازع الصفقات» فرئيس «الشاباك» يزور الرئيس عباس قبل أسبوع، وإثر ذلك يقوم الرئيس عباس بزيارة إلى سلطنة عُمان ويعقد اجتماع قمة مع السلطان قابوس، وبعد أربعة أيام يستقبل سلطان عُمان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي اصطحب معه يوسي كوهين، رئيس جهاز الاستخبارات «الموساد» ومائير بن شبات، مستشار الأمن القومي، ما يشير إلى ان هذه الزيارة تتجاوز مسألة التطبيع مع إسرائيل، إذ إن مثل هذه الزيارات قد تمت مرتين من قبل رئيس حكومة إسرائيل إلى العاصمة العُمانية في تسعينات القرن الماضي، هذه الزيارة تتعلق حسب تقديرنا، بالتأكيد على الخطة الأميركية للسلام «صفقة القرن». وزير الخارجية العُماني يوسف بن علوي، صرح أثناء مشاركته، أمس، السبت في القمة الأمنية في العاصمة البحرينية «المنامة» أن بلاده تعتمد على الولايات المتحدة ومساعي رئيسها دونالد ترامب في العمل باتجاه «صفقة القرن»، لمساعدة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للتوصل إلى حل للنزاع بينهما.
من هنا، نرى أن تسارع الخطى لتأكيد «وحدانية» «صفقة القرن» ولا بديل لها، هو هدف الحراك الأخير!

المصدر: الايام 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]