نظم مركز "إعلام" بالتعاون مع مجموعة "حيفا المرأة" يوم الجمعة الفائت ندوة خاصة تناولت موضوع "التحديات في المجتمع الفلسطيني: حلول وتوصيات".

وتأتي الندوة جزءً من مشروع التفكير الاستراتيجي الذي يُدار في "إعلام" ويقوم من خلاله عددٌ من الباحثين في محاولة لتشخيص التحديات التي تواجه مجتمعنا وبلورة خطة عمل وتوصيات لتحسين ظروف ومكانة الفلسطينيين في إسرائيل.

وكان المشروع، والمكون من نواة من الباحثين، قدر اصدر مؤخرًا تقريره الثاني الذي قام من خلاله باستعراض التحديات وتقديم توصيات لها، حيث تم في الندوة التطرق إلى التحديات ومناقشتها، علمًا على أنّ المجموعة مستمرة في عملها للعام الثالث في "إعلام".

وبدأت الندوة بترحيب من مجموعة "حيفا المرأة" التي أكدت من خلالها على ضرورة عقد هذه الندوة خاصةً وأنّ التحديات التي تحيط بمجتمعنا تستدعي إلى القيام بمحاولة تشخصيها وعرض حلول لها.

ولاحقًا قام بروفسور أمل جمّال، من مركز "إعلام"، والذي قام بإدارة الندوة، بالتطرق إلى اهم نتائج التقرير الأخيرة وهوية المجموعة.

وأوضح أنّ المجموعة نشطت في محاولةٍ لتعزيز نهج التفكير الاستراتيجي في مجتمعنا الأمر الذي يساعد في تحويل المعيقات في الواقع الحالي إلى فرص قادرة على النهوض بمجتمعنا.

وأشار جمّال إلى التحديات التي تواجه فلسطينيو الـ 48 وفق التقرير وهي؛ عدم توافر منظومة فكريّة وعقائديّة توافقيّة وتبِعاتها، التبعيّة الاقتصاديّة، قصور النظام السياسيّ المحلّيّ، وضعف الحصانة الاجتماعيّة.

تعقيب على التقرير 

بدورها، تحدثت في الندوة المحاضرة ومديرة الأبحاث في المنتدى الاقتصادي، د. مها صباح كركبي، مؤكدة أهمية التفكير الاستراتيجي خاصةً لمجتمعنا والذي يعاني من العديد من التحديات، سواءً المجتمعية أو الاقتصادية أو المؤسساتية.

وأوضحت د. صباح- كركبي على أنّ التقرير التالي أكثر من وصفي ويعد نقلة جوهريّة في طريقة تعاملنا كأقلية مع مشاكلنا واحتياجاتنا.

وشددت على أنّ التقرير يوصف الحالة السياسية بدقة وشمولية إلا هنالك نقاط يجب التطرق إليها والمؤثرة على مستوى التوصيات.

وفصّلت د. كركبي- صباح مشيرة إلى أنّ التحدي الاقتصادي اشار إلى ازدياد في نسب التعليم في صفوف فلسطيني الـ48، خاصة النساء، إلا انه لم يتطرق إلى البطالة الخفية والتي بمعدلاتها أعلى بكثير من البطالة العادية، مما يخلق نوع من الإحباط والسلبية على ابناء مجتمعنا.

كما واشارت إلى تجاهل التقرير إلى ذكورية مجتمعنا والتي تؤثر بشكل كبير على تقدمه وتطوره، خاصةً حضور المرأة في السياسة وفي الاقتصاد.

كما وتطرقت إلى غياب العولمة من التقرير، والتي فرضت نفسها على كل بيت، ولا يمكن عزلها عن المنظومة الفكرية الكولونالية الإسرائيلية.

اما د. مطانس شحادة، الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، فقد تطرّق من خلال تعليقه على التقرير إلى التوصيات، مؤكدًا على أهمية التقرير إلا أنه "يعمل على تشخيص الواقع دون عرض حلول شمولية، فيما الحلول التي عرضت يمكن وضعها في خانة التحايل خوفًا من المطبات"- حد تعبيره.

وفي السياق خص د. شحادة الاقتراح بضرورة العمل على بناء وتقوية لجنة لمتابعة، مشيرًا إلى أنه يتفق مع المطلب إلا أنّ التقرير لا يقدم حلولا عينية في هذا السياق.

وأوضح د. شحادة إلى أنّ هنالك توصيات سبق وأنّ طرحت من قبل الأحزاب وتحتاج إلى خطط تفصيلية لترجمتها على أرض الواقع كضرورة اقامة صندوق قومي فلسطيني كما وتنظيم مؤتمر سنوي للجماهير العربية.

وشدد د. شحادة على أنّ التقرير يحتاج إلى سياق يتم خلاله تقديم تعريف تاريخي للتحديات التي ذكرت ودور المؤسسة الإسرائيلية في فرضها.
كما وأوضح د. شحادة على أنّ تقديم التوصيات لا تكفي فهنالك حاجة إلى تطوير خطة عمل للتعامل معها دون ارشفتها، كسابق التقارير التي تم انتاجها سابقًا.

عن عمل المجموعة والتفكير الإستراتيجي 

بدورها، تطرقت عضو بلدية حيفا، الناشطة شهيرة شلبي، والتي عملت مع مجموعة التفكير الاستراتيجي، إلى منهجية العمل والوصول إلى التحديات ولاحقًا تقديم عدد من التوصيات التي من الممكن أن تساهم في خلق الحلول للتحديات.

كما وتطرقت شلبي إلى عمل المجموعة مستقبلا مشيرة إلى أنّ هذا التقرير سيتم تحويله إلى الأطر الفلسطينية الفاعلة من مؤسسات سياسيّة، وأحزاب، وسلطات محليّة ومؤسسات مجتمع مدنيّ، على أمل أن يتم تبينها وإدراجها ضمن مخططات عمل مستقبليّة.

اما الباحث المتخصص في التفكير الاستراتيجي، مرزوق الحلبي، فقد شدد من خلال مداخلته على تعريف التفكير الاستراتيجي وقال إنه فعل يقوم على استثمار المعارف كلها في مختلف مجالات العلوم لقراءة وتفكيك منظومة واقع مجتمع، مجموعة، منظمة، مؤسسة بُغية موضعتها على نحو أفضل أو مساعدتها على رؤية الطريق إلى تحقيق أهدافها.

وأضاف إن التفكير الاستراتيجي يقتضي توفّر بعض الشروط وأهمّها: أ ـ القُدرة على قراءة الواقع عن بعد أو ببرود ب ـ الحاجة إلى مدى كبير من النقدية ونقد النقد، أيضا ج ـ التفكير الاستراتيجي يقتضي جرأة في ترك المواقع الآمنة دـ ـهناك حاجة إلى مدى كبير من المنهجية العلمية في التحليل وضرورة الحفاظ على منهجية علمية في كل المراحل.

وحول فضائل التفكير الاستراتيجي قال الحلبي إنه يُعطيك قراءة تتجاوز الراهن إلى الوراء وإلى أمام ـ وترسم مسار الجماعة التاريخي. ويزوّدك بمعالم المستقبل بناء على تحليل الشروط والمنظومة التي تعيش وسطها. يُساعدك على تقييم ما تراكم وحصل في مستوى تعامل الجماعة مع شروطها. تساعدك على رسم سيناريوهات متعددة في مستوى تلك المُستحبّة أو غير المستحبّة، يُساعدك على رسم خارطة حدود القوة والضعف وخارطة الحلفاء والأصدقاء والأعداء وجدلية ذلك، وتساعدك على تحديد أهدافك وفق محور الزمن، ويُعينك على تحديد الاستراتيجيات الأفضل للتنفيذ. ومن أهم فضائله إنه يساعدك على قراءة خصمك أو عدوّك وتمثّل خططه وسياساته.

وبقي أن نشير إلى أنّ هذا التقرير، يُشكّل في سيرورته ومنهجيّته استمرارًا للتقرير الاستراتيجي الأوّل الصادر عن المجموعة الفلسطينيّة للتفكير الاستراتيجي في إسرائيل، حيث يعد هذا التقرير نتاج للمرحلة الثانية من مشروع التفكير الاستراتيجي، الذي يُديره مركز إعلام بالتعاون مع مجموعة أكسفورد للأبحاث ومجموعة التفكير الاستراتيجي في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة عام 1967.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]