منذ أن تم الاتفاق على خوض جميع المركبات السياسية العربية الانتخابات بقائمة واحد تحت عنوان القائمة المشتركة، الذي لم يكن إلا استجابةٍ لرفع نسبة الحسم في الكنيست وانسجامًا مع مطالب الشارع، مما اقتضى بضرورة مراعاة الأحزاب هذا التغير، وإن كانت هذه الوحدة شكلية فقط امام الجمهور فهو ليس اتحاداً وانسجامًا للأيديولوجيات الحزبية إنما مجرد إتحاد ووحدة ضمان فقط.

عملت الحركة العربية للتغيير خلال سنوات على رفع قاعدتها الجماهيرية في كل الميادين ومع جميع محركاتها الفعالة في المجتمع، وأسفر هذا عن نمو الانتسابات في صفوف الحركة، ولاقت استقطاب لافت من الجمهور وخاصةٍ في فئة الشباب. العربية للتغيير لم تُنصف في تشكيلة القائمة التي اعتُدمت وتشكلت بمعية لجنة الوفاق، ومن منطلق وطني واخلاقي رفضت الحركة أن تكون عثرة في طريق تشكيل المشتركة أو أن تتهم بذلك.

تمثلت الحركة ضمن المشتركة عبر المحامي أسامة السعدي الأمين العام للحركة الذي مثل الجمهور ببراعة وانجز خلال هذه الدورة هذه ما لم ينجزه نواب في أحزاب أخرى خلال سنين ودورات عدة في الكنيست و د. أحمد الطيبي السياسي المحنك والمخضرم، ذو باع في السياسة بإنجازات تشهد وتحسب له من قبل الخصم قبل الصديق، إضافة الى جهوزيته في التصويب الخطابي، ببراعةٍ الأداء البرلماني من على منبر الكنيست، ووراء كل عدسة وفوق كل منصة. ومع وجوده هناك تتذلل فكرة التجربة، أو بما يسمى فكرة الوجوه الجديدة، أو الدم الجديد، فليس هذا ما يبحث عنه المواطن أو أنا على الأقل، .

ما يهم المواطن ليس تغيير الوجوه، بل ما يُنجز وما يُشرع وتصفية الحساب المنطقي لكل برلماني وحزب سياسي مع ناخبيه في الحراك السياسي في الانجاز والمردود عنه وما ينتج عن وجوده في البرلمان من طرح مشاكل وتشريع قوانين وحل مشاكل الجمهور، ومن يعمل ويخدم جمهوره له أحقية في إعادة تمثيل الناس، ومن يظن أن البرلمان فسحة للتنزه يجب أن يُنحى ويعود من حيث آتى وهذه مسؤولية الأفراد المحزبين وما هي إلا أمانة قل من يعمل بها وهذا ما تعتمده التجارب المكررة في السلطات المحلية المنتخبة في المجتمع اليهودي والمجتمع العربي بعض الشيء.

ومع الإعلان إجراء انتخابات مُبكرة، كان هناك اجتماعات بين الأحزاب، فكان لابد للعربية للتغيير ان تجسد تغيرات الشارع السياسية، وفق ادواتٍ منطقية، ومقبولة، ومنصفة للجميع، بحيث يعاد تأهيل القائمة المشتركة بما يعكسه الشارع من موقف. ومع انعقادات الاجتماعات الرباعية والثانية بين المركبات السياسية تبين أن هناك توزيعة مسبقة ومجهزة ومطالب جشعة بحته للأحزاب.

الجبهة طالبت بأربع مقاعد، إضافة إلى رئاسة القائمة مجدداً، القائمة الموحدة طالبت بأربع مقاعد، إضافة إلى رئاسة القائمة، التجمع طالب باربعة مقاعد. وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل على مطامع ومكاسب فقط، العربية للتغيير رفضت هذه المحاصصة ورفضت إبداء أي مطلب لا يمثل فيه إشراك الناس وموقف الجمهور العريض المعني!.

اقترحت العربية للتغيير أدوات عدة لإشراك الناس في تشكيل القائمة المشتركة، ومنها إجراء انتخابات تمهيدية، إجراء إستطلاعات مهنية، يقف على مجراها أكاديميين ومتخصصين، أو الأخذ بالاعتبار نتائج انتخابات السلطات المحلية.

إلا أن مراوغة ومناورة الأحزاب السياسية، والنأي عن أي آداة ومقترح شفاف يلبي ويعكس رأي الشارع أدت إلى تحويل المعضلة في تشكيل القائمة إلى مشكلة في المقاعد، تصورت بشكل خاطئ في عقلية الجمهور، وليست الفكرة في المقعد بذاته، بدليل أن العربية للتغيير لم يكن لها أي مطلب في جميع أجتماعاتها، وما بادرت إليه ينحصر فقط في تمثيل واشراك الشعب في تشكيل القائمة التي ستمثلها الأحزاب تحت شعار "خلي الشعب يقرر"، وهذا ما قض مضجع قادة الأحزاب وأثار حفيظة نشطاءهم والمنتفعين منهم.

وبدأت حملات الطعن والتخوين والتشويه الممنهج من قبل نشطاء بإيعاز من قادة الأحزاب، وهنا بدات السياسة الوسخة، والتصريحات القذرة على حساب المصلحة العامة تتفطو على السطح، ولكن العربية للتغيير التزمت بمعايريها الأخلاقية عبر نشطاءها وكوادرها، على نهج القائد د.أحمد الطيبي والمدرسة التي نعتز ونفتخر بها العربية للتغيير، وبدأ كيل الاتهام بشق القائمة المشتركة، رغم أن التهمة باطلة ومفترية وما كان المطلب إلا إشراك الناس في تمثيلهم، واعتماد الشفافية كنهج يعكس مصداقية القائمين على هذه التشكيلة مبتعدين عن الغرف المظلمة ودهاليز السياسة القذرة .

بعد إصرار العربية للتغيير على موقفها ونشوء هذا الخلاف، تبنت القائمة الموحدة عبر تصريحات رئيسها د.منصور عباس فكرة إشراك الناس في تشكيل القائمة التي نادت بها منذ البداية العربية للتغيير وتنافر منها الجميع، إضافة إلى تصريحات رئيس لجنة المتابعة عن الأزمة مشيراً إلى عدم انصاف العربية للتغيير ضمن التشكيلة المقترحة، وتشكيلة 2013 من قبل الأحزاب! وليس هذا أصلاً ما تطوف حوله الحركة كفكرة.
إذن هذه مؤشرات واضحة، ولابد من وجود هذه الأداة التي تُعيد ترتيب القائمة المشتركة بما يتوافق مع رغبة الشارع وتراجع الأحزاب عن تعنتها وانتهازيتها وابتزازها للآخرين بحجج واهية وسخيفة لا تتلائم مع التغيرات الزمنية والمكانية.

أريد توضيح أمر ما اريد ومناظرته في المشهد السياسي في المجتمع الاخر، يقولون بان يجيب اعتبار القيمة العددية للكوادر والمؤسسات الحزبية والنشاط والحراك الحزبي خارج الكنيست معيارًا في تشكيل القائمة المشتركة، وهذا أمر سخيف جداً لا يتلائم مع الزمن هذا وسابينه بالآتي:

أولاً حزب العمل الحزب رقم 1 في البلاد تاريخياً من أوائل الأحزاب وجودياً في فروعه وفي تنظيمه وفي تاريخه منذ تأسيس الدولة!، هل يعكس هذا الحزب وكل مؤسساته المتفرعة والمنتشرة القيمة السياسية التي يمثلها اليوم !.

ترشح يائير لابيد والانتصار السياسي لحزبه يش عتيد سابقًا، وتعثر مسيرته اليوم، هذا يدل على حالة المد والجزر للأحزاب والشخصيات المختلقة حديثًا، اضافة الى ترشح رجالات الجيش وارتفاع فرصة تشكيل الحكومة المرتقبة من قبل غانتس قائد الأركان الأسبق. الفكرة التي أطوف أحولها مذللاً اياها ومضحدها تلك التي يحاول المراوغين تدشينها رغم انها غير منطقية.

فإذا كانت الأحزاب مرتاحة لمؤسساتها وللقيمة الكمية لنشطاءها، فلماذا الذعر من إشراك الناس بأي آداة تفرز هذه التشكيلة المُعبرة، رغم أن العربية للتغيير قبلت كل نتيجة سيفرزها رأي الناخب والجمهور العربي المعني !.

فخافوا الله في اقلامكم، وفي شعبكم.
والله ولي التوفيق. تم ولم يكتمل.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]